عقارات إنقاص الوزن تنذر برفع إنفاق أميركا على الرعاية الصحية

يمكن لأدوية إنقاص الوزن الجديدة القوية باهظة الثمن أن تساعد 100 مليون أميركي بالغ يعانون السمنة، والتقليل من المخاوف الخطرة المتعلقة بالصحة العامة، ولكن السؤال الأبرز كيف يمكن للأمة الأميركية أن تتحمل كلف العلاج مدى الحياة لعدد كبير من الناس، إذ تتراوح كلفة العلاج الواحدة ما بين 900 و1300 دولار كل أربعة أسابيع؟ بعض الباحثين، مثل أستاذ علم الأوبئة والتغذية في جامعة “هارفرد تي. إت وكلية تشان” للصحة العامة، الدكتور والتر سي. واليت، حذر من أن أدوية إنقاص الوزن يمكن أن تضيف 50 في المئة إلى فاتورة الإنفاق على الرعاية الصحية، مما يهدد بخروج التضخم في الولايات المتحدة عن نطاق السيطرة تماماً.

ولكن هناك عاملاً واحداً غالباً ما يتم استبعاده من هذه المناقشات وهي اختلاف أسعار قائمة الأدوية بشكل عام بشكل كبير عن الأسعار الصافية، التي تحصل عليها الشركات بعد عقد صفقات سرية مع شركات التأمين الصحي أو الوسطاء المعروفين باسم مديري فوائد الصيدلة، وبخاصة أن الشركات لا تكشف بشكل عام عن صافي الأسعار، ولكن هناك مصادر بيانات يمكن استخدامها لتقديرها، إذ كشفت دراسة حديثة نشرها معهد “أميركان إنتربرايز”، أن الأسعار الصافية لأدوية السمنة الجديدة لا تمثل سوى جزء بسيط من قائمة الأسعار السنوية المنشورة.

وعلى رغم أن أسعار الأدوية لا تزال بعيدة عن متناول كثيرين، يتوقع الاقتصاديون أن تنخفض قريباً، واليوم تقوم أكثر من 12 شركة بتطوير أدوية السمنة ومع دخولها إلى السوق، من المتوقع أن يؤدي اتساع نطاق الخيارات إلى خفض الأسعار، كما حدث مع أدوية أخرى باهظة الثمن.

وقال أستاذ الطب ومدير وحدة التقييم الاقتصادي في جامعة “بنسلفانيا”، جالبا دوشي، لصحيفة “نيويورك تايمز”، “توقعاتي هي أنه مع زيادة المنافسة، ستنخفض الأسعار تبعاً لذلك”.

الطلب القوي سيخفض الأسعار

وفي الوقت الحالي، يجني المصنعون ثمار الطلب المتزايد، في حين يتوقع المستثمرون أن تحقق شركة الأدوية الدنماركية “نوفو نورديسك” المصنعة لدواء “ويغوفي”، إيرادات بقيمة أربعة مليارات دولار هذا العام. ومن المتوقع أن يجلب الدواء الآخر للشركة “أومبيك” 11 مليار دولار، وتحقق هذه الأدوية اليوم طفرة كبيرة لدرجة أنها تشكل تقريباً كل النمو الاقتصادي الأخير في الدنمارك، موطن شركة “نوفو نورديسك” مع الإشارة إلى استناد هذه الإيرادات على صافي الأسعار.

وفي تحليلهما، اعتمد المتخصص الاقتصادي في “معهد المشاريع الأميركية”، بنديك إن إيبوليتو، والمتخصص الاقتصادي في مجال الصحة في كلية “جونز هوبكنز بلومبيرغ” للصحة العامة، جوزيف أف ليفي، على بيانات من شركة “أس أس آر هيلث”، التي تستخدم السجلات المالية للشركة وتقديرات عدد الوصفات الطبية المملوءة.

واستمد المتخصصون الأسعار الصافية باستخدام بيانات من” أس أس آر هيلث” للربع الثاني من عام 2022 حتى الربع الأول من عام 2023، وكان الاستثناء دواء إنقاص الوزن “مونجارو”، الذي قدمه إيلي لي لي، والذي لم تتوفر عنه سوى بيانات الربع الأول من عام 2023.

وحذر الدكتور إيبوليتو من أنه نظراً إلى أن الأسعار والوصفات الطبية في حالة تغير مستمر، فإن هذه الأرقام قد تتغير بمرور الوقت، لكنه أضاف أن “هذه التقديرات تعطي فكرة جيدة عن المبلغ المحتمل الذي تدفعه عديد من شركات التأمين وتعطي فكرة جيدة عن مقدار الخصم الجاري”.

المتخصص الاقتصادي في مجال الرعاية الصحية في جامعة “نورث وسترن” الدكتور كريج جارثويت، كان مفتوناً بشكل خاص بصافي أسعار “أوزمبيك” و”مونجارو”، فكلاهما معتمد للأشخاص الذين يعانون مرض السكري ولكنهم يسببون أيضاً فقدان الوزن. وتمت الموافقة على “ويغوفي”، وهو نفس عقار “أوزمبيك”، لفقدان الوزن، لكن سعر الأخير كان أقل بكثير من سعر “ويغوفي”، وقد يكون السبب هو أن ” أوزمبيك” لديها منافس مباشر في “مونجارو”.

ولكن حتى شركة “ويغوفي”، التي تمتلك حتى الآن سوق أدوية السمنة الجديدة لنفسها، لديها سعر صافي منخفض بشكل غير متوقع، بحسب ما قال متخصص في الشأن الاقتصادي الرعاية الصحية في جامعة هارفرد، أميتاب شاندرا.

وقال الدكتور شاندرا، “ربما يظن المرء بسذاجة أن هذه أدوية جديدة مطلوبة بشدة، لذا فإن التخفيضات ستكون ضئيلة أو معدومة”.

الثمن الذي ندفعه بالفعل

ويقول الخبراء، إن سؤالاً واحداً يلوح في الأفق: ما هي قيمة فقدان الوزن للمرضى والمجتمع؟ فالسمنة تعد في حد ذاتها مكلفة لأنها تزيد من خطر الإصابة بأمراض باهظة الثمن مثل مرض السكري وأمراض القلب، ووجدت إحدى الدراسات أن السمنة كانت مرتبطة بتكاليف صحية سنوية زائدة قدرها 1861 دولاراً للشخص الواحد، وهو ما يمثل 172.74 مليار دولار من الكلف الإضافية السنوية.

وتساءل معهد المراجعة السريرية والاقتصادية، وهو مجموعة مؤثرة غير ربحية، قبل عام تقريباً عما إذا كانت أدوية إنقاص الوزن الجديدة فعالة من حيث الكلفة، مما يعني أن قيمتها من حيث نوعية حياة أفضل وحياة أطول وفائدة للمجتمع تتجاوز كلفتها.

وذكر المعهد أن “ويغوفي” لم يكن فعالاً من حيث الكلفة، لكن المعهد اعتمد على تقدير مبكر وأقل دقة لصافي سعر الدواء.

وعندما يظهر السعر الصافي المقدر لـ”ويغوفي” في بحث معهد المراجعة السريرية والاقتصادية، قال كبير المسؤولين الطبيين في المعهد، الدكتور ديفيد أم. ريند، إنه إذا كانت الحسابات صحيحة، فإن “ويغوفي” كان فعالاً من حيث الكلفة ولكنه “لا يزال يشكل تحديات كبيرة في الموازنة”.

وأضاف الدكتور ويليت، “لا أعتقد أن أي شخص يستطيع أن يتنبأ بالضبط إلى أين سيصل هذا الأمر، لأن المنافسة قد تؤدي إلى خفض الأسعار، وما زال استيعاب الأمر غير واضح، ولكن الكلفة المحتملة يمكن أن تذهب إلى ما هو أبعد من أي شيء يمكننا أن نتصوره”.

وفي أغسطس (آب) الماضي، أعلنت شركة “نوفو نورديسك” عن نتائج دراسة كبيرة أظهرت أن “ويغوفي” يمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية والاستشفاء بسبب قصور القلب والوفيات الناجمة عن أمراض القلب بنسبة 20 في المئة.

وتابع الدكتور ويليت، “لا أعتقد أن أي شخص يستطيع أن يتنبأ بالضبط إلى أين سيصل هذا الأمر، لأن المنافسة بين شركات صناعة أدوية تخفيض الوزن قد تؤدي إلى خفض الأسعار، وما زال استيعاب الأمر غير واضح، ولكن الكلفة المحتملة يمكن أن تذهب إلى ما هو أبعد من أي شيء يمكننا أن نتصوره”، ويتوقع خبراء الاقتصاد في مجال الصحة أن تأتي الإغاثة قريباً، مع اندفاع الشركات لتطوير أدويتها الخاصة المنافسة مما سيؤدي إلى خفض الأسعار.

اندبندنت

مقالات ذات صلة