ما هو الرابط بين استهلاك اللحوم الحمراء ومرض السكري من النوع 2؟

توصّلت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة هارفارد إلى أنّ تناول حصتين فقط من اللحوم الحمراء أسبوعيًا يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني في وقت لاحق من الحياة، ويزداد هذا الخطر مع زيادة استهلاكه.

ونُشرت هذه الدراسة الكبيرة في المجلة الأمريكية للتغذية السريرية، الخميس.

وقال المؤلف الأول للدراسة شياو غو، زميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في التغذية بكلية تي إتش تشان للصحة العامة في هارفارد: “لقد لوحظت العلاقة بين اللحوم الحمراء ومرض السكري من النوع الثاني لدى مجموعات سكانية مختلفة في جميع أنحاء العالم. نحن نواصل تعزيز الأدلة الموجودة من خلال البيانات والتقنيات المحسّنة. آمل أن تتمكّن دراستنا من تسوية الجدل حول وجوب الحد من تناول اللحوم الحمراء لأسباب صحية أم لا”.

وقال الباحثون إنّ حوالي 462 مليون شخص في العالم مصابون بمرض السكري من النوع الثاني، وهو معدل يتزايد بسرعة.

وأوضح غو أنّ “الوقاية من مرض السكري أمر مهم لأن هذا المرض تحديدًا يشكل عبئا خطيرًا، كما أنه يشكّل عامل خطر رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية، والكلى، والسرطان والخرف”.

وتمّ ربط استهلاك اللحوم الحمراء بمخاطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني في الدراسات السابقة، لكنّ مؤلفي البحث الأخير أرادوا الدخول في تفاصيل أكثر حول كيفية تأثر تشخيص مرض السكري، والمؤشرات الحيوية ذات الصلة بتناول اللحوم الحمراء خلال فترة طويلة من الزمن.

ودرس المؤلفون 216,695 شخصًا شاركوا في دراستين حول صحة الممرضات 1 و2، ودراسة متابعة المهنيين الصحيين، وجنّدت جمعيها مشاركين بين عامي 1976 و1989. وقد بحثت الدراستان الأوليان في عوامل الخطر للحالات الرئيسية، أي الأمراض المزمنة بين الممرضات المسجلات في أمريكا الشمالية، في حين تناولت الدراسة الأخيرة المواضيع عينها لكن حصرتها بالرجال.

كان المشاركون، ومعظمهم من البيض، يبلغون عمرًا وسطيًا يقدّر بـ46 عامًا، ​​في دراسة الصحة الوطنية الأولى، و36 عامًا عندما بدأت دراسة الصحة الوطنية الثانية، و53 عامًا عندما بدأ برنامج HPFS. وتمت متابعة الجميع حتى عام 2017.

وقد أبلغ المشاركون عن حالتهم الصحية عبر استبيان كل عامين، كما تم قياس تناولهم الغذائي كل سنتين إلى أربع سنوات بواسطة استبيانات طلبت منهم الإبلاغ عن متوسط ​​تناولهم للأطعمة والمشروبات المختلفة على مدار العام السابق.

وبحلول نهاية فترات المتابعة، أصيب قرابة 22800 شخص بمرض السكري من النوع الثاني. وكان من تناولوا أكبر قدر من اللحوم الحمراء أكثر عرضة للإصابة بالمرض بنسبة 62٪، مقارنة بالأشخاص الذين تناولوا كميات أقل. وارتبط تناول اللحوم الحمراء المعالجة أو غير المصنعة بارتفاع خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني تباعًا بنسبة 51%، و40%.

وحدد المؤلفون اللحوم المصنعة بأنّها تشمل النقانق، ولحم البقر، أو لحم الخنزير المقدد، وشطائر اللحوم المصنعة. وتعادل حصة واحدة منها 28 غرامًا من لحم الخنزير المقدد، أو 45 غرامًا من اللحوم الأخرى.

وتشمل اللحوم غير المصنّعة الهامبرغر قليل الدهن أو الخالي من الدهن تقريبًا، والهامبرغر العادي، ولحم البقر، ولحم الخنزير أو لحم الضأن كساندويتش أو طبق مختلط، ولحم الخنزير ولحم البقر أو لحم الضأن كطبق رئيسي. ويشكل 85 غرامًا من لحم الخنزير أو لحم البقر أو الضأن حصة واحدة من اللحوم غير المصنعة.

وقالت أليس ليختنشتاين، أستاذة علوم وسياسات التغذية بجامعة تافتس في بوسطن، غير المشاركة في الدراسة، لـCNN: “نتائج هذه الدراسة التي كانت شاملة للغاية، أكدت التوجيهات الغذائية الحالية للحد من تناول اللحوم الحمراء”.

بالإضافة إلى ذلك، فإن استبدال حصة اللحوم بالمكسرات أو البقوليات يساهم بخفض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 30٪، في حين أن اختيار منتجات الألبان كبديل يقلل من احتمالات الإصابة بنسبة 22٪.

العلاقة بين اللحوم ومرض السكري

وقال غونتر كونلي، أستاذ التغذية وعلوم الغذاء بجامعة ريدينغ في المملكة المتحدة، غير المشارك في الدراسة، إن البحث لا يثبت أن تناول اللحوم الحمراء يسبب مرض السكري من النوع الثاني.

لكن بالنسبة للباحثين ثمة عوامل بيولوجية متعددة قد تؤثر على العلاقة بين اللحوم الحمراء ومرض السكري من النوع الثاني.

على سبيل المثال، نسبة الدهون المشبعة عالية في اللحوم الحمراء، وهي تقلل من حساسية الأنسولين وعمل خلايا بيتا في البنكرياس التي تنتج الأنسولين بطريقة منظمة لإدارة نسبة الغلوكوز في الدم.

إلى ذلك، يمكن لحديد الهيم، نوع الحديد الموجود في الأطعمة الحيوانية، أن يزيد من مقاومة الأنسولين، وضعف عمل خلايا بيتا والإجهاد التأكسدي، وعدم توازن الجذور الحرة، ومضادات الأكسدة في الجسم. الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة من مصادر بيئية مثل دخان السجائر أو المبيدات الحشرية، يمكن أن تضر بخلايا الجسم.

وقال الباحثون إن الاستخدام المرتفع للحمض الأميني غليسين المتواجد بشكل طبيعي في معظم البروتينات، لوحظ أنه يرتبط بمخاطر الإصابة بالسكري بعد تناول اللحوم الحمراء. وتشير الدراسة إلى أن الدهون الزائدة في الجسم تشكّل عامل خطر آخر للإصابة بمرض السكري، وكان استهلاك اللحوم الحمراء أحد العوامل الغذائية التي لها أكبر ارتباط بزيادة الوزن.

ولفتت ليختنشتاين إلى أنّ الحد من تناول اللحوم الحمراء يمكن أن يتم من خلال تقليل عدد مرات تناول اللحوم أو حجم الحصة، ومن الأفضل الجمع بين الإثنين في عادات الأكل.

وأضافت: “يتم الإبلاغ باستمرار عن أن منتجات الألبان والبقوليات والمكسرات هي أفضل الأطعمة التي يمكن استبدالها باللحوم الحمراء. بالنسبة للأولى، ونظرًا للقلق بشأن وظيفة الدهون المشبعة وخلايا بيتا، فإنني أوصي بالمنتجات الخالية من الدهون وتلم منخفضة الدهون”.

CNN

مقالات ذات صلة