لبنان لسفراء الدول الغربية: لن يسلم أحد من الحرب!
مع احتدام حرب غزّة، تواصل وزارة الخارجية والمغتربين إيصال صوت لبنان لى مختلف دول العالم عبر سفرائها المعتمدين في لبنان، وموقفه من هذه الحرب المدمّرة التي إذا ما اتسعت سوف تُدمّر ليس فقد منطقة الشرق الأوسط، إنّما العالم أيضاً. وقد التقى وزير الخارجية والمغتربين الدكتور عبدالله بوحبيب خلال اليومين المنصرمين سفراء الدول العربية والأوروبية وكندا. وجرى الاتفاق مع سفراء الدول العربية على بعض النقاط الضرورية أبرزها: وقف إطلاق النار ورفض التهجير والتوطين في بلد آخر، وإدخال المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزّة، وأنّ الحلّ للصراع يكمن في إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية. فماذا عن موقف الدول الأوروبية ممّا يجري في غزّة، ومن إمكان امتداد الحرب الى لبنان؟
تقول أوساط ديبلوماسية مطلعة لجريدة “الديار” أنّه يجب البناء على التماسك العربي الحاصل اليوم في مقاربة العدوان على غزّة، واستثماره لإقناع الدول الغربية والأوروبية المؤثّرة في الضغط على “إسرائيل” لوقف هذه الحرب. كما أنّ هذه الدول يمكنها أن تؤثّر أكثر في قرارات مجلس الأمن، لكنها تنحاز في “حرب غزّة” بشكل عام الى “إسرائيل” لأسباب عديدة تختلف من دولة الى أخرى.
غير أنّ ثمّة أصوات برلمانية أوروبية بدأت تعلو اليوم في بعض هذه الدول مندّدة بالمجازر الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، على ما أضافت، فقد تحدّث رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، كما الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والامنية للاتحاد الاوروبي جوزيف بوريل عن ضرورة وقف التصعيد، وإيصال المساعدات الى غزة، وحماية المدنيين، ومطالبة “اسرائيل” باحترام القانون الدولي الانساني. وهذا يدلّ على أنّ العالم بات يدرك الحقائق التي تحاول “إسرائيل” طمسها أو تحويرها.
في الوقت نفسه، علا صوت أوروبي آخر دفاعاً عن حقوق الإنسان في غزّة، هو صوت نائب إيرلندي يُدعى ريتشارد بويد باريت الذي ضجّت وسائل التواصل الاجتماعي بخطابه داخل البرلمان وهو يرتدي الكوفية الفلسطينية، ويُدافع عن فلسطين وعن غزّة المحاصرة، ويُهاجم الكيان الصهيوني، واصفاً ما يجري بـ “جريمة حرب”. وممّا قاله هو أنّ “الحكومة الإسرائيلية بوقاحة وبشكل علني أعلنت عزمها على ارتكاب جريمة حرب، وبدأتها ضدّ شعب غزّة قائلة إنّها تعتزم تجويع 2.2 مليون شخص من خلال حرمانهم من الغذاء والكهرباء والماء… هذه جريمة حرب، وفق اتفاقية جنيف الرابعة”.
وندّد بإطلاق الإسرائيليين آلاف الصواريخ المطوّرة التي عرفتها البشرية على أكثر المناطق ذات الكثافة السكانية في العالم، مع علمهم أنّ كلّ صاروخ سوف يصيب المدنيين، وعلى تدمير البنية التحتية والطاقة وجعل غزّة غير صالحة للسكن. وأضاف: “كما فعلوا في السابق، بحسب التقارير، فإنّ المواد الكيماوية والفوسفور الأبيض استخدمت من قبل “إسرائيل”، وأنتم تُحاولون القول بأنّ هناك تساوٍ بين فعل “حماس” وما تفعله إسرائيل بالفلسطينيين لسنوات طويلة. فهل ستعترف بالمسؤولية عن هذه الخسائر بالأرواح والتمييز ضدّ العنف الذي شهدناه في الأيام الماضية؟ هي ببساطة استمرارية ضدّ الإنسانية وجرائم حرب من قبل إسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني”. وأكّد أنّه لا يؤمن بأنّ هذا النظام (الإسرائيلي) له الحقّ في الوجود أينما كان، مطالباً بوقف الولايات المتحدة والدول الأوروبية تسليح هذا النظام الذي يرتكب هذه الجرائم ضدّ الإنسانية منذ عقود.
وأوضحت الأوساط نفسها أنّ وجود أشخاص مثل هذا النائب، يكشفون الحقيقة داخل الاتحاد أو البرلمان الأوروبي من شأنه أن يوسع دائرة هذه الحقيقة التي لا بدّ أن تصل الى ضمائر العالم، الأمر الذي من شأنه الضغط على “إسرائيل” لاتخاذ قرار وقف الحرب قبل امتدادها الى الدول الإقليمية والأوروبية ومن ثمّ الى دول العالم. لهذا فإنّ استمرار سعي لبنان مع الدول العربية والغربية والأوروبية من شأنه توضيح خطورة الوضع الأمني الذي تشهده غزّة والحدود الجنوبية اللبنانية، للسفراء المعتمدين في لبنان، والذين يعملون حتماً على نقلها الى دولهم.
وتقول انّ بعض الدول الغربية والأوروبية بدلاً من السعي الى وقف هذه الحرب، سارعت الى الطلب من رعاياها “مغادرة لبنان”، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا، محذّرة من تصاعد وتيرة الاشتباكات في المنطقة الحدودية. علماً بأنّ مثل هذه الإجراءات تدخل ضمن باب التهويل، بحسب رأيها، كون لا أحد يعلم حتى الساعة، ما إذا كانت “حرب غزّة” ستنتقل الى لبنان أم لا، في ظلّ الحسابات المستقبلية التي يجريها كلّ طرف، وما دام لا مصلحة لـ “إسرائيل”، كما أعلنت، بفتح الجبهة الجنوبية أو شنّ الحرب عليه.
وقد حذّر الوزير بوحبيب سفراء الدول الذين التقاهم الجمعة، لا سيما النروج، الدنمارك، فنلندا، السويد، بلجيكا وكندا، من انتقال الحرب الى لبنان ومنها الى الدول الأوروبية، مطالباً تدخّل دولهم من خلال الضغط على “إسرائيل” لوقف التصعيد، مشدّداً على أنّ تصاعد خطاب الكراهية والتحريض على العنف لن تسلم منه الدول الغربية… وقال للسفير البلجيكي: “إذا أصيب الشرق الاوسط بالبرد ستنتقل العدوى الى أوروبا”.
كما اتفق بوحبيب مع وزيرة خارجية ألمانيا على أنّ حلّ الدولتين هو المدخل لمعالجة أسباب النزاع الحقيقي في غزّة، وحذّر من تداعيات هذا الصراع ليس فقط على أمن منطقتنا، بل أيضاً على أمن أوروبا خصوصاً، والعالم عموماً.
وأبلغ وزير خارجية البرتغال في اتصال هاتفي ضرورة المساعدة والضغط على “اسرائيل” لوقف إطلاق النار والاستفزازات، وفك الحصار عن غزة، وإدخال المساعدات الانسانية ومنها الغذاء والدواء، واحترام القانون الدولي وقانون الحرب.
دوللي بشعلاني