الرئاسة في “خبر كان: المجتمع المسيحي مُشرذم… وهواجسه تتضاعف!
كل المؤشرات تدل على ان سيناريو الحرب صار “وشيكا” وأقرب من اي وقت مضى، فالجبهة الجنوبية مشتعلة بعمليات المقاومة ضد اهداف “اسرائيلية”، وباعتداءات العدو الإسرائيلي اليومية بالقصف واستهداف المدنيين والإعلاميين. وبدأت معالم النزوح اللبناني من المناطق الحدودية المتاخمة للاشتباكات، فالحرب ان وقعت ستكون تداعياتها المزيد من الأزمات الداخلية، لمجتمع يرزح منذ ما قبل اندلاع “ثورة التغيير” تحت وابل الانهيار والأزمات، والبيئة المسيحية تبدو الأكثر تأثرا بالأحداث والتطورات، في ظل الإهمال وغياب المرجعيات السياسية والروحية عن الإهتمام بأوضاع المجتمع المسيحي، الذي صار مشلعا بالمشاكل. وقد ارتفعت معدلات الهجرة لدى المسيحيين بشكل تصاعدي وكبير، وتأثر المجتمع المسيحي بالانهيار الاقتصادي والمعيشي وباضرار النزوح السوري وانعكاساته على الداخل اللبناني.
ما يقلق المسيحيون في لبنان اليوم ” متشعب”، بحسب مصادر مسيحية، من الفراغ في موقع الرئاسة الأولى الذي صار عمره عام واحد، الى عدم تعيين حاكم ماروني في مصرف لبنان خلفا لرياض سلامة والاكتفاء بالإنابة والأصالة عنه، الى جنرال الفراغ الذي يطل برأسه في قيادة الجيش برفض التمديد للعماد جوزف عون وتعيين بديل له، في بلد قد تقع فيه الحرب في أي وقت ويعاني أسوأ ازماته الحياتية. وبات واضحا ان إنتخاب رئيس للجمهورية بعد عاصفة حرب غزة صار ابعد من أي وقت مضى، وأصاب الجمود كل الملفات الأخرى كما التعيينات في الاجهزة الأمنية.
واشارت المصادر الى ان الازمات لم توحد القوى المسيحية، او تدفعها للتوافق في الموضوع الرئاسي للحفاظ على الموقع الأول للمسيحيين، فخلافات القيادات عميق والتقاءها يحصل فقط عند الضرورة القصوى وعلى “القطعة”، كالتقاطع حول مرشح لا يملك حظوظا للرئاسة الأول لحرقه رئاسيا، ورفض الحوار والمشاركة في اجتماعات الحكومة. كما ان التجاذب المسيحي مستمر حول مسألة التمديد لقائد الجيش، اذ تنتهي ولاية العماد عون في العاشر من كانون الثاني المقبل، ويرفض التيار الوطني الحر التمديد له وسط تصاعد مؤشرات بتأجيل التسريح، استنادا الى مواد قانونية تقتضي تأجيله في حالات الحرب والطوارىء .
ليس سرا ان الهواجس المسيحية تضاعفت مؤخرا، تقول المصادر نفسها، مع تفاقم الأزمات من جراء النزوح السوري الذي يستنزف المجتمع اللبناني بأكمله والمسيحي بصورة خاصة، لأنه بالتوقعات سيكون على حساب الوجود والكيان في حال وقع التغيير الديمغرافي الجديد، فأخطر الكلام المتداول اليوم ان النزوح صار مسلحا، بدليل السلاح الموجود في مخيمات وبيوت النازحين السوريين، مما يؤكد نظرية الخلايا النائمة التي يمكن ان تتحرك عندما تعطى لها الإشارة بذلك، كما يؤكد ضرورة الحفاظ على الجيش لمواجهة التحديات بدل ترك الفراغ يتمدد الى المؤسسة العسكرية.
في الغرف المسيحية تتكرر أخبار وسرد وقائع عما جرى مع مسيحيي المشرق العربي، وما أصابهم من هجرة واضطهاد، والهجرة الأرمنية في اقليم ناغورني كاراباخ بنزوح ١٥٠ ألف أرمني من دون ان يهتز الرأي العام العالمي، كل هذه المؤشرات غير مطمئنة، تقول المصادر، وتنعكس على واقع المسيحيين في لبنان ربطا بالمشاريع الدولية للمنطقة، التي تتضمن توطين النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين.
ومع ان التدهور المسيحي ليس جديدا، فهو بدأ مع انفجار مرفأ بيروت الذي أيقظ المخاوف، فتزايدت الهجرة المسيحية الى اميركا واوروبا والخليج بحثا عن استقرار وبلد آمن، الا ان الوضع اليوم صار أكثر سوءا في ظل السيناريوهات المرسومة للمنطقة، ولا تستبعد المصادر المسيحية ان يكون الوضع المسيحي في حالة نشوب حرب، مرشحا للمزيد من الانهيار مع تراجع حوافز البقاء وانعدام فرص العمل وتدهور المؤسسات وهجرة الشباب، مقابل تقدم حركة النازحين الجدد الى لبنان في قوافل النزوح، التي تطرح علامات استفهام حول اندفاعتها المفاجئة في الأشهر الأخيرة، وما إذا كان ذلك مقدمة لفرض واقع لبناني جديد على حساب الوجود المسيحي، وخطر تحولهم يوما الى “هنود حمر” بين المواطنين اللبنانيين، فالسنوات الماضية أظهرت ان المسيحيين كانوا الفئة الأكثر تشظيا بالأحداث السلبية التي عصفت بلبنان، فهم دفعوا فواتير الحرب والسلم، وثمن التسويات والتفاهمات التي لم تكن مردوداتها إيجابية على الوضع المسيحي على الإطلاق، وساهمت بتشرذم المجتمع المسيحي ومضاعفة أزماته.
ابتسام شديد- الديار