كيف تؤثر المناصب الرفيعة بشكل مختلف في النساء مقارنة بالرجال؟

كشفت دراسة حديثة أجريت في المملكة المتحدة، أن عدداً أكبر بكثير من النساء اللاتي يشغلن مناصب رفيعة ذات أجر مرتفع، يعانين التوتر بشكل منتظم مقارنة بنظرائهن من الرجال.

ووجد التقرير أن نحو ثمان من كل 10 نساء في مراكز عليا، يعانين بانتظام الإجهاد، وهو معدل أعلى بكثير من نحو ستة من كل 10 مسؤولين تنفيذيين ذكور أفادوا بالشيء نفسه.

ووجد الباحثون أن نحو سبع من كل 10 مديرات تنفيذيات، يواجهن الاكتئاب، بينما يعاني الثلث اكتئاباً حاداً. إضافة إلى ذلك، يعاني نحو نصف المشاركين في الدراسة نوبات هلع وقلق، بينما تراود ثلاث من كل 10 منهن أفكار انتحارية.

وفي الوقت نفسه، قالت أربع من كل 10 نساء إنهن يلجأن إلى استخدام “العقاقير الترويحية” (المواد المستخدمة للمتعة أو لأغراض الترفيه) أكثر من مرة واحدة في الأسبوع، واعترفت ثلاث من كل 10 نساء بتعاطي المخدرات أثناء أيام العمل.

ووجد الباحثون الذين استطلعوا آراء ألف شخص من قادة الأعمال الذين يكسبون 75 ألف جنيه استرليني (92 ألف دولار أميركي) سنوياً أو أكثر، أن نحو ثلث النساء قلن إنهن يعانين إدمان الكحول، مع اعتراف نسبة مماثلة تقريباً بشرب الخمر أثناء ساعات العمل.

وأفادت قرابة أربع من كل 10 نساء أنهن يعانين أعراضاً جسدية مثل خفقان القلب والصداع بسبب الإجهاد المرتبط بالعمل، في حين أن ستاً من كل 10 مديرات تنفيذيات أعربن عن قلق من أن ضغوط العمل انعكست سلباً على علاقاتهن وألحقت بها ضرراً طويل الأمد.

ولفتت نحو 54 في المئة من المديرات التنفيذيات إلى أنهن يلجأن إلى ممارسة الجنس كوسيلة للتخفيف من التوتر، وهي نسبة أعلى بكثير من 32 في المئة من الرجال الذين أبلغوا عن الشيء نفسه.

البحث أجراه مركز “ذا دون ريهاب تايلاند” The Dawn Rehab Thailand، الذي يعالج عملاء من جميع أنحاء العالم.

وقالت ألكساندريا بارلي وهي معالجة نفسية بارزة في مركز “ذا دون”: “إن عدداً من عميلاتنا الإناث يمنحن انطباعاً بأنهن ’يمتلكن كل شيء‘ – غير أن هذا التصور هو سطحي فقط”.

وأضافت: “كثير منهن يتولين مناصب عليا وغالباً ما تكون لديهن التزامات عائلية أيضاً. وفي حين قد يبدو أنهن ناجحات في أدوارهن، لكنهن يحملن ’عبئاً نفسياً ثقيلاً‘ ويتحملن مقداراً كبيراً من المسؤوليات – وهو أمر لا يمكن الاستمرار به من دون تلقي الدعم اللازم الذي غالباً ما يكون مفقوداً”.

وقالت إن عميلاتها غالباً ما يجدن صعوبة في الاسترخاء، حتى أنه يصبح من الروتيني بالنسبة إليهن أن يلجأن إلى علاج أنفسهن من خلال تناول الكحول والمخدرات، كوسيلة للتعامل مع الضغوط والتكيف معها، بدلاً من طلب المساعدة أو التنفيس عن مشاعرهن”.

ولفتت السيدة بارلي إلى أنه “في كثير من الأحيان يمكن أن تتحول سلوكيات التكيف غير الصحية هذه إلى ما يعرف باسم “الإدمان عالي الأداء” (رغبة قهرية للاستمرار في تعاطي المادة المخدرة أو الحصول عليها بأية وسيلة، مع الميل إلى زيادة الجرعات). ونرى أيضاً كثير من حالات الإنهاك الجسدي والعاطفي المزمنة التي تؤدي إلى شعور بالانفصال والعزلة، والإحباط، والاكتئاب، والقلق”.

وقالت: “عندما يعاني شخص ما الإنهاك، فإنه عادة ما يكون في مرحلة يصبح فيها غير قادر على العمل بطريقة فعالة سواء في حياته الشخصية أو المهنية”.

وأشارت إلى أن “’الإدمان عالي الأداء‘ والإرهاق المهني هما من الحالات الخطرة التي يمكن أن تتفاقم بشكل خطر، ولكن الجانب الجيد هو أنه يمكن علاجهما”.

جدير بالذكر أن نحو نصف المديرات التنفيذيات اللاتي شملهن الاستطلاع يعانين الإرهاق – بحيث اختارت امرأة من كل ست نساء أخذ إجازة من العمل لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر كنتيجة مباشرة لذلك.

وقالت لورا* وهي مستشارة مالية لـ”اندبندنت” إنها كانت تعاني إدماناً على الكحول وكانت تشرب زجاجة من النبيذ كل ليلة عندما كانت في أسوأ حالاتها.

وأضافت لورا البالغة من العمر 44 سنة: “تكمن المشكلة الأكبر في تناول الكحول خلال عطلات نهاية الأسبوع أو المناسبات الاجتماعية. لقد وجدت صعوبة في التخفيف منها، مما أدى إلى كثير من المشكلات – بما في ذلك نزاعات قديمة لم تحلها عادت للظهور مجدداً، وخلافات مع مقربين لي”.

وأوضحت أن مشكلاتها المرتبطة بالكحول ازدادت سوءاً بعدما أنجبت أطفالاً، وأدركت أن علاقتها بالكحول تختلف عن علاقتها بزملائها، قائلة: “بما أن حريتي كانت مقيدة، فإن رعاية أطفالي تعني أنه لم يعد في وسعي أن أكون أنانية كما كنت من قبل. عندئذ، بدأ الاستياء يتملكني، وتأثير الكحول يسيطر علي بشكل أقوى”.

وتابعت: “كانت تغمرني كل تلك المشاعر المختلفة ولم أكن أعرف كيف أتعامل معها. الكحول وفرت لي دائماً الراحة وساعدتني في ذلك”.

وأوضحت لورا أنها أدمنت على الكحول لمدة عقدين من الزمن، لكنها قامت أخيراً بارتياد مركز إعادة التأهيل من آثار الإدمان في الكحول في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021، واحتفلت بإقلاعها عنها لمدة ثلاث سنوات. لكنها قالت إن التوقف عن تناولها كان بمثابة تحد كبير بالنسبة إليها – مضيفة أنها حاولت التوقف عن الشرب بمفردها لمدة خمسة أعوام لكنها وجدت ذلك صعباً للغاية، وانتهى بها الأمر بالذهاب إلى مركز إعادة تأهيل خاص لمدة أسبوع، والشروع في العلاج، وهي الآن منتسبة إلى “ألكوهوليكس أنونيموس” Alcoholics Anonymous (تعنى بمساعدة المدمنين على الكحول).

اندبندنت

مقالات ذات صلة