أسرار 17 تشرين الأول 2019: أكبر خدعة في تاريخ لبنان؟؟؟
في العادة، تندلع الثورات كردة فعل على ظلم اجتماعي ومعيشي وحياتي، أو على قمع سياسي وأمني، وعلى اضطهاد…، وهي لا تخمد فعلياً مهما تمّ قمعها، إلا بعد ترجمتها ولو بالقليل القليل، على أرض الواقع.
وحتى في ظلّ أكثر الأنظمة الديكتاتورية، تتجدّد الثورات، وتنتزع المكاسب تدريجياً، ومع مرور السنوات والعقود. ولكن هذا صحيح، إلا في لبنان.
علامات استفهام
ففي بلدنا، نتذكر ما سُمّيَ ثورة 17 تشرين الأول 2019 في ذكراها الرابعة. الثورة التي زادت ثروات أثرياء البلد بمقدار الأضعاف، وحوّلتهم من أثرياء الى فاحشي الثّراء. وهي الثورة التي زادت فقر الفقراء، والثورة التي أنهت القليل الذي كان لا يزال باقياً بَعْد من شرائح الطبقة الوسطى، ورمتهم في الفقر. هذا مع العلم أن ثورة 17 تشرين الأول 2019 تلك، حوّلت بعض متوسّطي الحال والفقراء الى أغنياء أيضاً، “على غفلة”، وبشكل ليس معلوماً تماماً. وهو ما يؤكد ضرورة طرح الكثير من علامات الاستفهام حولها.
التطوّرات الخارجية
تعبّر بعض الأوساط المُطّلعة عن أن انتفاضة 17 تشرين الأول كانت ثورة سياسية، تُرجِمَت اقتصادياً ومالياً. فإقفال الطُّرُق والبلاد خلال الأيام الأولى من انطلاقتها، شكّلت فرصة لإعادة رسم المصالح، والنّفوذ، والثروات في البلد، وذلك بخداع الناس، وعبر دفعهم الى المزيد من إقفال الطُّرُق والحماسة والفوضى. وهو ما بدأت نتائجه تتوضّح بعد أقلّ من أسبوعَيْن على انطلاق تلك الانتفاضة.
في هذا السياق، أكد مصدر مُطَّلِع في حديث لوكالة “أخبار اليوم” أن “الفقر الذي حلّ بلبنان بُعَيْد بَدْء الانتفاضة لم يَكُن من فعل الثورة تماماً، بل أتت (الثورة) نتيجة استباقية لما كان سيحصل، عاجلاً أم آجلاً”.
وشدّد على أن “التحرّك الشعبي كان ردّة فعل استباقية لم تغيّر في ما كان مكتوباً، ولكنّها سجّلت حركة معيّنة تجاه المجتمع الدولي. وهذه الحركة تبقى أفضل من عدم حصول شيء، أي التسليم بالانهيار الكبير الذي كان يلوح في الأُفُق”.
وأشار الى أن “هناك تغييراً حتمياً سيحصل في لبنان. والخشية الأساسية هي من أن يضيع أي تغيير إيجابي في دهاليز أزمات المنطقة. فالشعوب لا تغيّر شيئاً، وما علينا سوى انتظار التطوّرات الخارجية”.
أكبر خدعة؟
في أي حال، يجدّد الثوّار الثورة الى حين تحقيق العدالة، أو يستلمون الحكم. وأما في لبنان، فيبدو أنهم عقدوا صفقة مع دولة الفساد التي ثاروا عليها.
فدولة ما بعد 17 تشرين الأول 2019 أصبحت دولة فساد بنسبة تتجاوز المليار في المئة، وهي دولة “خوّات” تحت ستار ضرائب لا مجال لحصول المواطن على أي مردود منها، وهو ما يعني أننا نعيش في دولة “مافيا”، ودولة عصابات بكل ما للكلمة من معنى. ورغم ذلك، “لا حسّ أو حسيس” للثوار، ولا لمن يثورون. وحتى إن لا مجال للحديث عن ثورة، طالما أن اللبنانيين استعادوا وضعيّة “القطعان الحزبية”. فما يقوله حزبهم أو تيارهم السياسي هو الصحيح، حتى ولو كان غير منطقي أصلاً. وهذه صفقة مع دولة الفساد في لبنان، وواحدة من أكبر الفضائح في سجلّ الثورات حول العالم.
في المحصّلة، الهدف من الثورات هو التحسين، والتصحيح، وافتتاح أزمنة جديدة. وأما ثورة لبنان بنسختها “التشرينية” قبل أربع سنوات، فكانت ثورة سياسية. فهل تكون انتفاضة 17 تشرين الأول 2019 أكبر خدعة يمكن تسجيلها في تاريخ لبنان؟؟؟
انطوان الفتى- اخبار اليوم