حزب الله يشارك في حرب استنزاف العدو الإسرائيلي!

لا يبدو ان الديبلوماسية حاضرة، لوقف العدوان الاسرائيلي على غزة، التي ما زالت صامدة عسكرياً، بوجه عدو لا يوفر البشر والحجر، ولا يقيم وزناً للانسانية، فيقتل الاطفال والنساء والشيوخ، ولم تبتعد صواريخه وقذائفه وطائراته عن المستشفيات والمدارس ودور العبادة، وهي تكون عادة ملجأ للهاربين من وحشية الحروب.

فبعد مرور عشرة ايام على الحرب المدمرة على غزة، فان العدو الصهيوني فشل في تحقيق اهدافه، واولها القضاء على حركة “حماس” التي نفذت ذراعها العسكرية “كتائب القسم” عملية “طوفان الاقصى” وحققت نجاحا، بان هزت صورة الكيان الصهيوني الآمن، والذي كان وزير الدفاع الاسبق ارييل شارون يقول ان “امن اسرائيل يصل الى باكستان”، لكنه سقط مع اجتياز المقاومة الفلسطينية لغلاف غزة، المحاط بجدار واسلاك شائكة موصولة بكاميرات واجهزة انذار، يحتمي وراءها “الجيش الاسرائيلي” والمستوطنون.

فمع سقوط “الامن الاسرائيلي” ونظرية “الجيش الذي لا يُقهر”، دخلت “الدولة العبرية” في “الخراب الثالث” الذي هو بداية الطريق لنهايتها، والتي تحدث قادة صهاينة عنه، ومنهم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي كشف عن ان “اسرائيل” عاشت خمس سنوات اضافية عما هو مكتوب لها في التوراة، وهو عمر السبعين عاماً، وامامها خمس سنوات كي يصمد الكيان الصهيوني والا امامه “السبي الثالث”، بعد الاول في عهد نبوخذ نصر ، والثاني في زمن الرومان. وهذا الموضوع يجري نقاشه داخل “اسرائيل”، بين الاحزاب الدينية المتطرفة، واخرى من تدّعي بانها “احزاب علمانية” والتي تقبل اتفاق سلام.

من هنا، كان الحضور العسكري الاميركي بعد يومين على بدء الحرب على غزة، لان “اللوبي اليهودي” داخل الادارة الاميركية ومؤسساتها طلب هذا التدخل، الذي الحّ عليه نتنياهو في اتصالاته مع الرئيس الاميركي جو بايدن، الذي يصل اليوم الى المنطقة ويزور “اسرائيل” ليعاين على الارض الوضع العسكري، وفق ما تشير مصادر فلسطينية، التي ترى مجيء بايدن محاولة لاعطاء الكيان الصهيوني جرعة من الدعم، الذي مارسه عبر وصول البارجة “جيرالد فورد” الى شاطئ فلسطين المحتلة وارسال طائرات محملة بالاسلحة والذخائر، لا سيما منها المتطورة، اضافة الى المساعدة المالية بـ “مليار دولار”، وهو اسرع انقاذ اميركي للعدو الصهيوني، التي تكشف التقارير العسكرية عن ان الدخول البري الى غزة ليس متيسراً امام قوات الاحتلال، التي اعدت لها “حماس” وفصائل فلسطينية اخرى مفاجآت لتغرق في رمال غزة، وهذا ما يؤخر قرار الدخول العسكري، الذي لم تعط اميركا موافقتها عليه بعد، تقول المصادر، لان واشنطن تعلمت دروساً من فيتنام الى افغانستان والعراق وايضاً في لبنان.

فالميدان هو الذي يتقدم على الديبلوماسية، التي يركز دعاة “السلام” مع العدو الاسرائيلي الى ان الحل متوفر في دولتين “اسرائيلية” وفلسطينية، وهذا ما نص عليه “اتفاق اوسلو” قبل 30 عاماً، لكن الدولة العبرية لم تلتزم به، واعلن نتنياهو منذ سنوات بانه غير موجود، مما يؤكد على ان الحرب هي التي تتقدم في “العقل الاسرائيلي”، الذي يحاول توريط اميركا بان تكون شريكة فيها، وهي التي تؤكد دائماً وعبر كل اداراتها الديموقراطية والجمهورية، حرصها على “امن اسرائيل” الذي بدأ ينهار امام عملية “طوفان الاقصى” وما تبعها من اعمال عسكرية، ووضع الكيان الصهيوني تحت مرمى صواريخ المقاومة التي وصلت الى مسافة 250 كلم، وقبل ان تتحرك الجبهات او الساحات الاخرى، التي تعمل وفق توقيت المقاومة سواء في الضفة الغربية واراضي فلسطين المحتلة عام 48، او في لبنان، الذي يخوض حزب الله مع الكيان الصهيوني حرب استنزاف ويتعامل مع العدو الاسرائيلي على “القطعة”، فيقصف موقعاً عسكرياً مقابل استشهاد مقاومين، ويطال المستوطنات اذا تعرضت بلدات جنوبية للقصف.

الانتقال الى العمل العسكري الواسع هو رهن تطورات الحرب على غزة، يقول قيادي في حزب الله الذي يؤكد بان المقاومة في لبنان هي في حالة حرب مع العدو الاسرائيلي، الذي حشد مئات الالاف من جنوده على “الجبهة الشمالية” مع لبنان، الا يعني ذلك مشاركة حزب الله في الحرب الى جانب غزة؟ وان “الجبهة الجنوبية” عند الحدود مع فلسطين المحتلة، الا تساند غزة التي يقوم تنسيق مع قيادتي “حماس” و “الجهاد الاسلامي” على التوقيت حول توسيع المعركة، التي لم يحرز العدو الاسرائيلي تقدماً، سواء بدخول غزة او القضاء على “حماس” خصوصاً والمقاومة عموماً، وهو لم يمنع سقوط الصواريخ على كيانه الغاصب؟

لذلك، جاء الرئيس الاميركي يستطلع مع “اسرائيل” وحلفائه من انطمة عربية، وقبله جاء وزيرا الدفاع الاميركي لويد اوستن والخارجية انطوني بلينكن، الذي عرّف عن نفسه بانه يهودي، حيث خرج كل منهما بانطباع ان “اسرائيل” لن تصمد، اذا لم يحصل تدخل عسكري اميركي مباشر، وفق ما نقلته تقارير، وان بايدن قد يأمر قوات البحرية الاميركية بتنفيذ انزال عسكري يساعد “الجيش الاسرائيلي”، وهذا سينقل المنطقة مباشرة الى حرب اقليمية، بحيث لن تبقى ايران على الحياد، التي حذرها بايدن من التدخل، كما ان روسيا لن تقف مكتوفة الايدي، وستتحول الحرب الى عالمية، لان موسكو لن تقبل استباحة البحر الابيض المتوسط، ولا الصين في تعطيل مشروعها “للحزم والطريق”.

كمال ذبيان- الديار

مقالات ذات صلة