الحرب في غزة تنعكس على لبنان: الفراغ رئيساً!

منذ الطوفان في السابع من تشرين الأول الجاري ينتشر هاجس توسع القتال ليصل إلى لبنان، فيما اللبنانيون منقسمون، البعض يريد تجنيب البلد أي تداعيات للحرب على غزة من منطلق النأي بالنفس، بينما البعض الآخر يرى أن الانخراط في المعركة حتمي، ولا يمكن السكوت عن المجازر التي تحصل في غزة، عدا عن مبدأ “وحدة الساحات”.

وتتصاعد التصريحات بين وجهتي النظر هاتين منذ عشرة أيام، وتكللت أمس ببيان لقوى المعارضة من مجلس النواب، تطالب فيه بتحييد لبنان عن الصراع.

وفي ظل هذه التطورات تبدو الملفات اللبنانية في آخر سطر من الأجندة الاقليمية، ولكن في حال انتهت المعركة، ولو لم ينخرط فيها لبنان، كيف سينعكس الأمر عليه؟ هل يمكن انتخاب رئيس؟ وأي رئيس، ممانع، وسطي أو سيادي؟

في بعض التحليلات الجيوسياسية يرى البعض أن هناك من سيقبض ثمن الحرب في غزة، وأنه يمكن لأميركا ودول أخرى من الخماسية الدولية أن تقدم تنازلات لايران وأذرعها في المنطقة تحديداً في لبنان الذي يحوي أقوى التنظيمات المسلحة التابعة لايران، “حزب الله”.

ويكمل لبنان نهاية هذا الشهر السنة الأولى من الفراغ في رأس الدولة، وسط تجاذب بين المعارضة التي ترفض رئيساً ممانعاً من جهة، و”حزب الله” وحلفائه الذين يسعون الى عدم طعنهم في الظهر من جهة أخرى.

وتقول أوساط رفيعة مطلعة لموقع “لبنان الكبير”: “ان ما قبل طوفان الأقصى ليس كما بعده، وإذا كان هناك تيار ما داخل حزب الله يقول ان لا بأس برئيس جمهورية وسطي، فإن الحزب لن يقبل حتى أعتى المعتدلين فيه الا برئيس جمهورية مضمون 200 وليس 100% للحزب، بل قد تتم المطالبة برئيس حكومة ممانع أيضاً”.

وترى الأوساط أن ما تقوم به المعارضة “قد يكون طبيعياً، فتحييد لبنان عن الصراعات هو في صلب اعتقاداتها، ولكن تعلية السقف بهذا الشكل، سترتد تشدداً من الحزب الذي سيرى أن أي طرح منها لن يكون مقبولاً، ولن يمانع أن يكون الفراغ هو الحاكم، بدل أن يتعرض لاعلان بعبدا جديد”.

ويشير محللون الى أن “الوجود الأميركي قد يدفع حزب الله إلى التنازل، فقد استطاعت حاملات الطائرات حتى الآن ردع الانخراط الفعلي للحزب في الحرب، وما يجري على الحدود هو ضمن قواعد اشتباك مثبتة لن يتم تخطيها، حتى لو غزت اسرائيل غزة، وستتبع أميركا سياسة العصا والجزرة مع إيران والتنظيمات التي تدور في فلكها، والتي لن تتدخل في الحرب مقابل تخفيف الضغط في أماكن أخرى وتحديداً سوريا، التي تعد الأهم استراتيجية لما يسمى محور الممانعة، ولن يكون هناك تأثير فعلي على الملفات اللبنانية الداخلية، التي ستنتهي بتسوية محلية برعاية إقليمية”.

لا يمكن التنبؤ بما تحمل الأيام المقبلة من تطورات، ولكن لبنان لا يعيش في جزيرة وسط المحيط، ومن الطبيعي أن يتأثر بالأوضاع في محيطه، ولا سيما في ظل محور مرتبط ارتباطاً وثيقاً ببعضه البعض من منطلق “وحدة الساحات”، وهذا المحور بالتأكيد لن يقبل بأن تكون هناك شوكة في خاصرته في السلطة اللبنانية، وإن لم تقبل المعارضة وتمكنت من التعطيل، فسيكون الفراغ رئيساً إلى أجل غير مسمى.

محمد شمس الدين- لبنان الكبير

مقالات ذات صلة