غزة نحو “كارثة إنسانية”!

بينما يرزح قطاع غزة تحت وطأة الضربات الإسرائيلية وتداعياتها الإنسانية الجسيمة، حيث باتت تُخزّن جثامين الضحايا في برادات سيارات المثلجات أو تُدفن في «مقابر جماعية» مع مواصلة ارتفاع عدّاد القتلى الذي تخطّى الـ2800، توقّعت إسرائيل حرباً طويلة ومكلفة مع حركة «حماس»، مبديةً ثقتها بتحقيق النصر بالتزامن مع استعدادها لشنّ هجوم بري قد ينطلق في أي لحظة. لكنّ «كتائب القسام» جدّدت تأكيدها في المقابل أن التهديد الإسرائيلي بشنّ حرب برّية «لا يُرهبنا ونحن جاهزون له».

وبعد 4 أيام على زيارة تضامنية أجراها إلى إسرائيل جال بعدها على 6 دول عربية، عاد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس إلى الدولة العبرية حيث تنقّل بين تل أبيب والقدس، فيما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن بلاده تلمس مع بقية دول العالم صلابة الدعم الأميركي لها من خلال زيارتَين لبلينكن وزيارة لوزير الدفاع لويد أوستن ونشر حاملتَي طائرات أميركيّتَين في المتوسط.

وعقب محادثات أجرياها في مقرّ وزارة الدفاع في تل أبيب، قال غالانت لبلينكن: «دعني أقول لك سيّدي الوزير، ستكون هذه حرباً طويلة، والثمن سيكون باهظاً، ولكن سننتصر من أجل إسرائيل والشعب اليهودي، ومن أجل القيم التي يؤمن بها البلدان». وردّ بلينكن بتأكيد «الإلتزام الراسخ» للولايات المتحدة تجاه «حق إسرائيل، لا بل واجبها، في الدفاع عن نفسها».

والتقى بلينكن كلّاً من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، في وقت حذّر فيه نتنياهو أمام الكنيست كلّاً من إيران و»حزب الله» من أنهما سيدفعان ثمناً فادحاً للغاية إذا تدخّلا في الصراع الحاصل مع «حماس»، مؤكداً أنّه «لن نتوقف حتّى «نُحقّق الانتصار»، وقال: «هدفنا هو النصر والقضاء على حماس»، مضيفاً: «نحتاج إلى العزم والصبر لأنّ النصر سيحتاج وقتاً وستكون هناك أوقات صعبة».

وفي السياق ذاته، أكد زعيم المعارضة ورئيس الوزراء السابق يائير لابيد أنه لا يُمكن أن نسمح ببقاء خطر «حماس» بجانبنا، وقال: «سنقضي على «حماس» وسنُعيد المخطوفين مهما استغرق ذلك من وقت»، بينما أجبرت صواريخ الفصائل الفلسطينية النواب والوزراء الإسرائيليين على إخلاء مبنى الكنيست خلال جلسة لمناقشة الحرب على غزة والاحتماء داخل الملاجئ.

كذلك، كشفت وزارة الخارجية الأميركية أن بلينكن ونتنياهو احتميا في مخبأ لـ5 دقائق حين انطلقت صفارات الإنذار في تل أبيب، مؤكدةً أنهما واصلا مناقشاتهما في مركز القيادة داخل وزارة الدفاع الإسرائيلية، فيما أعلنت «كتائب القسام» استهداف القدس وتل أبيب برشقة صاروخية، وذلك «ردّاً على استهداف المدنيين».

وفي إطار التحضيرات الإسرائيلية العسكرية، أكد الجيش الإسرائيلي أنّه يجري تدريبات تمهيداً للدخول إلى قطاع غزة، مشيراً إلى أن «المدرّعات مع القوات البرّية مستعدّة وجاهزة»، في حين كان لافتاً ما كشفه مسؤول دفاعي أميركي لصحيفة «وول ستريت جورنال» أن الولايات المتحدة اختارت 2000 جندي استعداداً لاحتمالية نشرهم لمساعدة إسرائيل استشاريّاً وطبّياً، من دون المشاركة في أي مهام قتالية. بالتوازي، بدأت الشرطة الإسرائيلية بتسليح المدنيين ليكونوا بمثابة «المستجيبين الأوائل» داخل المدن في كافة أنحاء البلاد.

ومع مواصلة الآلة الحربية الإسرائيلية دكّ غزة بضراوة، يتدحرج القطاع نحو «كارثة إنسانية»، إذ كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان أن الجيش الإسرائيلي أسقط ذخيرة يوازي حجمها ربع قنبلة نووية على القطاع، لافتاً إلى أن إسرائيل تقتل حاليّاً 14 فلسطينيّاً كلّ ساعة بالمتوسّط، فيما حذّر المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لمنطقة شرق المتوسط أحمد المنظري من تحوّل نقص المياه والكهرباء والوقود في القطاع المُحاصر إلى «كارثة حقيقية» خلال الساعات الـ24 المقبلة.

تزامناً، تعرّض محيط معبر رفح الحدودي بين قطاع غزة ومصر لغارة جديدة أمس، في وقت تدفع واشنطن في اتّجاه إعادة فتح المعبر لإدخال المساعدات وإتاحة انتقال رعايا أجانب إلى الأراضي المصرية، الأمر الذي بحثه بلينكن مع نتنياهو أمس. بالتوازي، كشفت رئيسة المفوضية الأوروبّية أورسولا فون دير لايين أن الاتحاد الأوروبي سيفتح ممرّاً إنسانيّاً جوّياً في اتجاه قطاع غزّة عبر مصر، مشيرةً إلى أن «أوّل رحلتَين جوّيتَين ستنطلقان هذا الأسبوع وستحملان لوازم إنسانية إلى غزة».

وبينما تضغط الولايات المتحدة للتوصّل إلى صفقة في ملف الأسرى والمفقودين الإسرائيليين، وفق هيئة البث الإسرائيلية، ناقش وزير الخارجية التركي خلال اتصال هاتفي مع رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» إسماعيل هنية، إمكان الإفراج عن الرهائن. بالتزامن، كشفت «كتائب القسام» أن لديها ما بين 200 و250 رهينة إسرائيلية، مشيرةً إلى أن 22 منهم قُتلوا خلال الغارات الإسرائيلية.

ودخل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس على خطّ الاتصالات الديبلوماسية في المنطقة، وبحث للمرّة الأولى مع نتنياهو الحرب في غزة، وأبلغه بمضمون مشاوراته مع العديد من القادة الإقليميين. وجاء في بيان للكرملين: «أُبلغ الجانب الإسرائيلي بالنقاط الأساسية في الاتصالات الهاتفية التي جرت اليوم (أمس) مع قادة فلسطين ومصر وإيران وسوريا». وحذّر بوتين خلال مباحثات مع هؤلاء القادة من تحوّل النزاع بين إسرائيل و»حماس» إلى «حرب إقليمية».

k]hx hg,’k

مقالات ذات صلة