الحرب صارت على الحدود… ودخول “الحزب” فيها حتمي!
في الأسبوع الثاني بعد “طوفان الأقصى” ارتفعت قعقعة “السيوف الحديدية” الاسرائيلية، وسط طوفان الدمار والقتل بين الفلسطينيين، منذرة بإجتياح بري وجوي وبحري لغزة، على غرار اجتياح بيروت عام 1982، فيما الغرب المتحضر مشغول بتأمين ممر آمن لعشرات أو مئات من رعاياه بينما مئات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين متروكين لمصيرهم تحت رحمة دولة لا ترحم، وسط توقع أن ما رأيناه من فظائع خلال الأيام الماضية سيكون قليلاً أمام ما سنراه لاحقاً.
لبنان الذي شيع الصحافي الشهيد عصام عبد الله الذي قتل باستهداف اسرائيلي الجمعة، يستعد اليوم لتشييع شهيدين استهدف القصف الاسرائيلي منزلهما في منطقة شبعا، إثر عملية لـ “حزب الله” قصف فيها مواقع للجيش الاسرائيلي داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة على الحدود الجنوبية وأسفرت عن مقتل أحد عناصره، وسط دعوة فرنسية صريحة للبنان والحزب بالبقاء خارج الحرب.
وفيما رأى مستشار رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو للأمن القومي أن أفعال “حزب الله” دون مستوى التصعيد حتى الآن، تبدو الحرب شبه حتمية، بحيث أن المحور الذي ينضوي تحته الحزب كان قد أوصل رسائل بأنه سيفتح الجبهة الشمالية في حال شعر بالخطر على “حماس” التي لا يتحمل سقوطها، بل ان الحزب نفسه يعتبر أن الخطة الموضوعة لغزة بتهجير سكانها وتقسيمها هي تصفية للقضية الفلسطينية، وهذا أمر يعتبره خطاً أحمر لا يمكنه السكوت عنه.
وكان الجيش الاسرائيلي أعلن أنه يستعد لعملية واسعة ضد غزة تشمل الغزو البري، فيما قال نتنياهو أمام جنود الجيش في المستعمرات على حدود غزة: “سنغيّر اسم غلاف غزة إلى منطقة القيامة”.
ويرى محللون أن دخول “حزب الله” في الحرب حتمي في هذه الحالة، بحيث أن حياده عن إنهاء “حماس” قد يعني أن الدور سيلحقه يوماً ما، بل قد يلحق بقية ميليشيات المحور، وفي النهاية تصبح إيران محاصرة من كل الجهات.
وترك وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان مسألة اتخاذ القرار بيد “المقاومة” وفق تعبيره، قائلاً من بيروت: “المقاومة في وضع ممتاز ومستعدة للرد على الاجراءات والأعمال الاجرامية للكيان الصهيوني. وفي حال توسيع نطاق الحرب أو فتح جبهات جديدة أو وقف لاطلاق النار، فان المقاومة هي من تقرر ذلك وفي حين التوصل الى وقف جرائم الحرب للعدو الصهيوني فان المقاومة هي من تحدد الشروط وتعلن عن ذلك”.
وأشار عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق الى “أننا في حزب الله لسنا من يخشى الأساطيل، ولسنا من يهدد بحاملات الطائرات، وحزب الله سيكون حيث يجب أن يكون، وسيفعل ما يجب أن يفعل وإن حشدوا الأساطيل والمدمرات وحاملات الطائرات، وأي عدوان إسرائيلي على لبنان، سيقابل بالرد القاسي والسريع من دون تردد، وهذا ما حصل، وهذا ما سيحصل، ولن نبدّل تبديلا”.
ويتوقع أن تتوالى الزيارات الديبلوماسية إلى بيروت بعد عبد اللهيان، بحيث نقلت الأوساط السياسية أن كلاً من وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان سيزوران لبنان، مطلع الأسبوع المقبل، في سبيل تحييد “حزب الله” ولبنان بالدرجة الأولى عن الصراع.
الخطة الاسرائيلية لا تستفز الحزب وحده، اذ ان الموقف العربي يرفض خطة التهجير، وأكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان أمام وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الذي يزور الرياض، “رفض المملكة القاطع لدعوات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من غزة”، معرباً عن إدانته لاستهداف المدنيين بأي شكل.
وفيما فشلت الهجمات الاسرائيلية في وقف صواريخ “حماس” التي تمطر مستوطنات الكيان حتى الشمالية منها بعد إدخال الصواريخ بعيدة المدى إلى ترسانة المعركة، كررت اسرائيل إبلاغها المدنيين في غزة بضرورةِ الاخلاء، وأثناء عبورهم تعمدت قصفهم وتحويل جثتهم أشلاء كما حدث في مخيم الشاطئ. والمعبر الوحيد أمام الغزاويين هو معبر رفح، الذي تقول مصر رسمياً انه مفتوح، إلا أنها تنشر تعزيزات عسكرية على جانبها من المعبر لمنع تدفق عدد كبير من النازحين باتجاهها. ووصلت إلى مصر كميات ضخمة من إمدادات الاغاثة، إلا أنها لم تتمكن من إدخالها إلى قطاع غزة حتى الآن، في ظل رفض اسرائيلي دخول أي شيئ قبل التنسيق معها.
واستبق العملية المتحدّث باسم الجيش الاسرائيلي أفيخاي أدرعي الذي كتب عبر منصة “اكس”: “كل اعتداء ينطلق من لبنان نحو سيادتنا تتحمل مسؤوليته الحكومة اللبنانية. كل من يحاول خرق الحدود نحو أراضينا سيتم قتله”.
بدورها، نبهت “اليونيفيل” في بيان على أن “الوضع إذا استمر في التصعيد، فمن المرجح أن نرى المزيد من هذه المآسي. إن أي خسارة في أرواح المدنيين هي مأساة ويجب منعها في جميع الأوقات”. وحثّت “الجميع على وقف إطلاق النار والسماح لنا، كحفظة سلام، بالمساعدة في إيجاد الحلول، فلا أحد يريد أن يرى المزيد من الناس يجرحون أو يقتلون”.
في السياق، علقت المنسقة الخاص للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتيسكا عبر منصة “اكس” بالقول: “إن مقتل عصام عبد الله، المصور الصحافي في وكالة رويترز، وإصابة صحافيين آخرين أمر حزين للغاية وينبغي أن يمثل تحذيراً صارخاً بشأن مخاطر الصراع المسلح، الأمر الذي تسعى وسائل الاعلام الى تصويره على الرغم من المخاطر الشخصية الهائلة التي يتعرض لها الاعلاميون”. وشددت على وجوب “أن تتوقف دائرة العنف على طول الخط الأزرق بصورة فورية! ويتعين حماية لبنان من مخاطر الصراع الذي هو بغنى عنه”.
لبنان الكبير