تجهيل غربي لقاتل عصام عبد الله!

الغضب اللبناني جراء استشهاد الزميل عصام عبد الله، قابَله تجهيل بدا مقصوداً للفاعل، وحرفاً للأنظار عن الجهة القاتلة، منعاً لإدانتها، وهو ما تسبب بغضب إضافي في لبنان عامة، وفي الجسم الصحافي خصوصاً، كون وكالة “رويترز” لم تسمِّ اسرائيل كجهة قاتلة لأحد مصوريها، كما لم تسمّ الولايات المتحدة اسرائيل، بينما لم تثبت قوات “اليونيفيل” حيادية، حين قالت إن الصحافي قتل في تبادل لاطلاق النار.

ونعت وكالة “رويترز” مصوّرها الشهيد عصام العبد لله، من دون أن تشير إلى أنّه قُتل في إثر عدوان شنّه الاحتلال على سيارة للصحافيين في بلدة علما الشعب في جنوب لبنان. واكتفت الوكالة بالقول، في بيان، إنّها “حزينة لمقتل مصوّرها”، مضيفةً أنّها “تبحث عن مزيد من المعلومات، وتعمل مع السلطات في المنطقة، وتدعم عائلة الشهيد وزملاءه”. وكان لافتاً أن الوكالة لم تطالب بتحقيقات لتحديد المسؤوليات، في حين كثرت تعليقات مستخدمي مواقع التواصل تحت تغريدات منشورات النعي من قبل “رويترز” لتوبيخ المؤسسة على هذا التقصير والانحياز وللقول صراحة بأنها إسرائيل.

وفي سياق تجهيل الفاعل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض أوليفيا دالتون للصحافيين، يوم الجمعة، إن صلوات الرئيس الأميركي جو بايدن مع عائلة مصور تلفزيون “رويترز” الذي قُتل أثناء عمله في جنوب لبنان. وأضافت من على متن طائرة الرئاسة الأميركية: “نحن نعلم أن العمل الذي تقومون به جميعاً خطير بشدة واليوم هو تذكير بذلك”.

وذهبت “اليونيفيل” الى تجهيل إضافي، إذ قال الناطق الرسمي باسم” اليونيفيل” اندريا تيننتي انه “عند حوالي الساعة 5:20 من مساء هذا اليوم، وقع تبادل كثيف لإطلاق النار بين لبنان وإسرائيل في محيط بلدات علما الشعب وعيتا الشعب والضهيرة والعديسة وحولا”. واضاف في بيان: “علمنا ببالغ الحزن انه خلال تبادل إطلاق النار المذكور قُتل مصور صحافي لبناني، كما وردت أنباء عن إصابة صحافيين آخرين”.

وكان الصحافيون في تغطية مباشرة، حسب ما هو موثق في فيديو قناة “التلفزيون العربي” وقناة “أل بي سي أيه”، وبالتأكيد لم يكن الصحافيون منخرطون في اطلاق النار، كما لم يتعرضوا لاطلاق النار من الجانب اللبناني، وهو ما يزيد الاعتقاد بأن البيان يتضمن تجهيلاً للفاعل.

لكن في مقلب آخر، سمّت منظمة “مراسلون بلا حدود” القاتل باسمه، إذ أكدت استشهاد عصام عبد الله جراء قصف إسرائيلي أثناء تغطيته التطورات على الحدود الجنوبية، وإصابة 5 صحافيين آخرين. ودانت “مراسلون بلا حدود” “هذه الجريمة البشعة في حق الصحافيين”، وقالت إنها “تواصل تحقيقاتها في ملابسات هذه المأساة”.

وجاء في بيان شبكة “الجزيرة”: لقد استهدَفت إسرائيل مرة اخرى الصحافة باعتداء يستهدف إسكاتها فقد أطلقت القوات الاسرائيلية صاروخاً موجهاً على طاقم قناة الجزيرة في جنوب لبنان مما اسفر عن إصابة اثنين من صحافييها بجراح واستشهاد صحافي من وكالة رويترز…وقع الاعتداء مساء الجمعة في منطقة علما الشعب واستشهد بسببه عصام عبد الله مصور وكالة رويترز واصيبت مراسلة الجزيرة كارمن جوخدار وإيلي برخيا المصور بالجزيرة بجروح متفاوتة”. أضاف البيان: “لقد استهدفت إسرائيل فريق الجزيرة ولم تكترث بالتزامها بكل معايير السلامة المعتمدة التي تميز الفرق الصحافية بوضوح، وتعرضت سيارة البث للقصف واحترقت بالكامل رغم وجود فريقنا جنبا الى جنب مع بقية طواقم الإعلام الدولي في مكان متفق عليه”. وتابع البيان: “إن شبكة الجزيرة وإزاء هذه الجريمة المتكررة بعد استشهاد الزميلة شيرين أبوعاقلة:

– تعزي الأسرة الصحافية عبر العالم وذوي الشهيد وتتمنى الشفاء العاجل لجميع الجرحى.
– تحمل إسرائيل المسؤولية القانونية والأخلاقية الكاملة عن هذا الاعتداء الغاشم وتطالب المجتمع الدولي بالتحرك لضمان سلامة الصحافيين.

– تطالب بمحاسبة كل من يقف وراء هذا العمل الإجرامي الذي لن ينجح في إرهاب طواقمنا التي ستواصل العمل دائما لنقل الحقيقة بالرغم من الاعتداءات والتهديدات التي تستهدف إسكاتها.

بري وميقاتي
في المقلب اللبناني، توالت مساء اليوم المواقف السياسية والحزبية والاعلامية الغاضبة والمستنكرة للاستهداف الاسرائيلي لطواقم الصحافيين في منطقة علما الشعب. وعلق رئيس مجلس النواب نبيه بري على الجريمة قائلا: “هل يحتاج المجتمع الدولي الى دليل بأن إسرائيل ومستوياتها السياسية والعسكرية يريدان ممارسة إجرامهما وعدوانيتهما من دون شهود على الحق والحقيقة؟”

واستنكاراً للحادث الأليم، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيان أن “استهداف العدو الاسرائيلي الصحافيين مباشرة في عدوانه المستمر على الأراضي اللبنانية وصمة عار جديدة تضاف الى سجله الاسود في القتل والعدوان”.

الأحزاب اللبنانية
ودانت العلاقات الإعلامية في “حزب الله” في بيان، “الجريمة النكراء التي أقدم عليها العدو ‏الصهيوني بإستهداف عدد من الإعلاميين على الحدود اللبنانية أثناء قيامهم بتغطية ‏الإعتداءات الإسرائيلية على لبنان، ما أدى إلى إستشهاد الزميل الصحافي عصام ‏العبد الله وإصابة عدد منهم”. ‏

وأشارت الى أن “ما أقدمت عليه قوات الاحتلال الإسرائيلي هو إستكمال لعدوانها الإجرامي على ‏المؤسسات الإعلامية في غزة وتدمير مقرّاتها ومراكزها وقتل عدد كبير من ‏العاملين فيها بهدف منع نقل الجرائم وصور العدوان الوحشي على المدنيين ‏والأبرياء”.

وطالبت “جميع المؤسسات الإعلامية والإنسانية والقانونية بإدانة العدوان ‏الصهيوني على لبنان وإدانة الانحياز الصارخ والأعمى لمؤسسات ما يسمى بالعالم ‏الحر إلى جانب القتلة والمجرمين والمعتدين”.

واستنكرت الدائرة الإعلاميّة في حزب “القوات اللبنانية” الاستهداف الإسرائيلي لمجموعة من الصحافيّين في علما الشعب في الجنوب، واسفت لأن تبقى الشهادة قدر الجسم الصحافي في سبيل الحقيقة. وشددت على “ضرورة إبعاد الجسم الصحافي عن أي استهداف إفساحاً في المجال أمامهم للقيام بواجبهم المهني”، واعتبرت أنّ استهدافهم جريمة موصوفة، كما أنّ أي عرقلة لعملهم ترتقي إلى مصاف الجرم الذي لا يمكن السكوت عنه.

بدورها، قالت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الإشتراكي إن “إسرائيل التي ترتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين تستهدف الصحافيين لمنعهم من كشف ارتكاباتها”. وتابعت: “كل الإدانة لجرائم إسرائيل، وكل التحية لأرواح الشهداء الصحافيين في فلسطين ولروح المصور عصام عبدالله الذي استشهد اليوم بجنوب لبنان، والتحية للصحافة التي تفضح وحشية الاحتلال”.

ودان جهاز الإعلام في حزب “الكتائب اللبنانية” “القصف الإسرائيلي الهمجي الذي تعرّض له فريق من الصحافيين اللبنانيين على الحدود الجنوبية”. وذكّر الجهاز بأن الاستهداف المباشر للصحافيين أثناء قيامهم بواجبهم يشكل انتهاكًا للقوانين الدولية ويرقى أيضاً إلى جريمة حرب.
كذلك، دانت اللجنة المركزية للاعلام والتواصل في “التيار الوطني الحر” في بيان، “الاستهداف الاسرائيلي لطاقم صحافي في علما الشعب في الجنوب أثناء ادائهم الواجب بتغطية الاحداث الدائرة هناك”.

كما دانت هيئة شؤون الإعلام في “تيار المستقبل” في بيان، “الجريمة الوحشية”، وقالت “إن هذه الجريمة تشكل امتدادا للعدوان الإسرائيلي الهمجي على قطاع غزة وأهلها الأبطال”، وهي “جريمة جديدة تضاف إلى سجل العدو الإسرائيلي الحافل بالاجرام ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني، ومنها جرائمه بحق الإعلاميين، وهم يقومون بواجبهم المهني والإنساني، ويشهدون على وحشيته وارهابه”.

كذلك إستنكر المكتب الاعلامي المركزي في “حركة أمل”، “العمل الإجرامي الإسرائيلي الجبان الذي ارتكبته قوات الإحتلال مساء اليوم”. ورأى أن “ارتكاب قوات الاحتلال لهذه الجريمة وبدم بارد يدلل على الطبيعة الإجرامية لهذا الكيان بكل مستوياته السياسية والعسكرية وهي جريمة تضاف الى سجله الحافل بالقتل والاجرام”. كما شجب “اغتيال إسرائيل للصحافيين الفلسطينيين، ويعتبر أن مسلسل اعتداءاته على الجسم الصحافي على مدى العقود السابقة ما هو إلا إجرام ممنهج لحجب الحقيقة وتعمية الرأي العام عن إرهابها وجرائمها العنصرية”.

استنكار اعلامي
في الاعلام، كتب وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري عبر منصة “أكس”: “أضافت إسرائيل إلى جرائمها الكثيرة جريمة جديدة من خلال استهدافها لإعلاميين في بلدة علما الشعب، حيث دفع الإعلام مرة جديدة ثمن إجرامها المتمادي”.

وشجبت نقابة الصحافة اللبنانية “الجريمة البشعة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الاسرائيلي باستهدافها مع سبق الاصرار والترصد، الاعلاميين من مراسلين ومصورين اثناء قيامهم بواجبهم المهني الاعلامي في تغطية الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان في خراج بلدة علما الشعب الحدودية مع فلسطين المحتلة”.

بدورها، استنكرت نقابة محرري الصحافة اللبنانية “بشدة الاعتداء الإسرائيلي المباشر الذي استهدف مجموعة من الصحافيين من وسائل إعلامية مختلفة كانت تقوم بعملها في نقل الحدث في منطقة علما الشعب على الحدود الجنوبية”.

وأشارت إلى أن “هذا الاعتداء، الذي أدى إلى استشهاد الزميل عصام عبدالله من وكالة رويترز وإصابة الزميلين في قناة الجزيرة كارمن جوخدار وإيلي براخيا جريمة موصوفة بكل ما في الكلمة من معنى، وهي ترقى إلى مصاف جرائم الحرب، لا سيما أن المنطقة التي كانوا يتواجدون فيها بعيدة من أي موقع عسكري وكانوا اتخذوا كل الإجراءات والتدابير التي تشير إلى هويتهم الصحافية”.

المدن

مقالات ذات صلة