مستشفيات غزة تطفئ أجهزة التنفس الاصطناعي والأولوية للجرحى

نبه مسؤولون فلسطينيون إلى أن نظام الرعاية الصحية “ينهار” وأن المستشفيات المكتظة على “بعد أيام” من نفاد الإمدادات على نحو كامل في ظل أشرس قصف إسرائيلي تتعرض له غزة على الإطلاق.

وتواجه وحدات العناية المركزة في أنحاء القطاع الصغير أزمة استيعاب ما أجبر الأطباء على إطفاء أجهزة دعم الحياة عن المرضى الذين تُعتبر حالتهم “ميؤوساً منها”. وقال نائب وزير الصحة في غزة إنهم يقومون بذلك لإفساح المجال أمام التدفق “غير المسبوق” للجرحى والمصابين الجدد.

وأضاف الدكتور يوسف أبو الريش: “في ديانتنا وأخلاقياتنا، لا ينبغي بنا القيام بذلك، ولكننا لا نملك خياراً آخر”.

وفرضت إسرائيل “حصاراً تاماً” على القطاع الصغير بعد أن قام المقاتلون المنتمون إلى “حماس” وهي المجموعة التي تسيطر على غزة، بإطلاق هجوم دموي مباغت يوم السبت مما أدى إلى مقتل مئات الأشخاص وأخذ العشرات بمن فيهم مواطنون بريطانيون رهائن.

وحذرت مجموعات حقوقية بأن قرار فرض حصار على القطاع الذي يضم أكثر من مليونَي نسمة يُعتبر عقاباً جماعياً وانتهاكاً للقانون الدولي.

لكن وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس عمد إلى التصعيد يوم الخميس قائلاً إنه لن يُسمح بأي شيء في غزة إلى حين تحرير الرهائن. وفي غضون ذلك، أعلن الجيش الإسرائيلي بأنه يكثف قصفه العنيف على القطاع. ولقي أكثر من 1500 فلسطيني حتفهم في المجزرة نصفهم من النساء والأطفال، فيما أُصيب أكثر من 6600 شخص بجروح.

وتسبب تلك العمليات “كارثة إنسانية” وفق ما حذر مسؤولون في الأمم المتحدة. ومع ارتفاع أعداد الجرحى، أعلن مسؤولون في وزارة الصحة في غزة بأن المستشفيات بما فيها مستشفى الشفاء وهي الأكبر في القطاع، على بُعد أيام معدودة من انقطاع الإمدادات الطبية.

وذُكر أن مخزون الأدوية الحيوية لأقسام الطوارئ مثل السوائل للأمصال والضمادات والأدوات الجراحية بدأت تنفذ. كما أن القطاع يواجه شحاً في المياه لدرجة أن أطباء مستشفى الشفاء عمدوا إلى استخدام بئرٍ قديمة.

نائب وزير الصحة الدكتور أبو الريش قال متحدثاً من المرفق الطبي في قلب مدينة غزة واليأس بادٍ على صوته: “قمنا بتوسيع قدرة المستشفى بنسبة 50 في المئة ولكنها امتلأت على رغم ذلك، ونقوم بمعالجة المصابين في خيمة نُصبت في الشارع”. وشارك صوراً عن أطفالٍ غارقين في الدماء تلقوا العلاج كل أربعة معاً على نقالة وُضعت على الأرض.

وصرح أبو الريش لـ”اندبندنت”: “ما من أماكن في غرف العناية المشددة. للمرة الأولى نجدنا مضطرين لنزع أجهزة العناية المركزة عن الحالات التي يعتبرها الأطباء ميؤوساً منها وذلك إفساحاً في المجال أمام المصابين الذين يملكون فرصة بالنجاة. نحن ننهار بالفعل”.

وفي غضون ذلك، تجري وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) مفاوضات محمومة مع الدول حول العالم لتأمين ممر إنساني. وتأوي الأمم المتحدة حالياً 220 ألف نازح في 98 مدرسة من المدارس التابعة لها ولكن إمدادات المياه ستنفد خلال أيام قليلة. وقالت العائلات المذعورة في غزة لـ”اندبندنت” يوم الخميس بأنها تلقت مناشير ألقتها الطائرات الإسرائيلية تطلب منهم إخلاء المنطقة ولكنهم لم يعرفوا إلى أين يذهبون.

سارة، 21 سنة، وهي طالبة وجدت مأوى لها مع خمس عائلاتٍ نازحة، قالت: “الغارات الجوية عنيفة للغاية لدرجة تخال أنها تشبه النوبات القلبية”. ومن المتوقع أن تشهد الحرب التي أزهقت حتى الساعة أرواح أكثر من 2700 شخص مزيداً من التصعيد.

وأشارت تمارا الرفاعي وهي متحدثة باسم الأونروا إلى أنه مع تصعيد الإسرائيليين وإحكام حصارهم على غزة، “تتجه الأنظار كلها إلى المعبر عبر رفح إلى مصر”. وتابعت: “إنها الطريقة الوحيدة لمرور مواكب المساعدات وطواقم الغوث إلى غزة. تكمن أولويتنا القصوى في إيجاد سبيل للطاقم الإنساني والإمدادات لدخول غزة بأمان. إنها دعوة لإيصال المساعدات الإنسانية”.

بيد أن وزير الخارجية المصري قال يوم الخميس إن الغارات الجوية تسببت بتوقف معبر رفح عن العمل. وحاولت مصر من دون جدوى إقناع إسرائيل والولايات المتحدة السماح بإيصال المساعدات والوقود من خلال المعبر.

وكانت غزة تعاني أصلاً من شح في الإمدادات قبل اندلاع الصراع الأخير لأنها كانت ترزح تحت حصارٍ دام 16 عاماً فرضته إسرائيل ومصر بعد أن سيطرت حركة “حماس” على القطاع.

وحشدت إسرائيل 360 ألفاً من جنود الاحتياط ويبدو من المرجح بشكلٍ كبير أن تشن هجوماً برياً على غزة مع تزايد الدعوات والضغوط الشعبية التي تطلب من الحكومة الإطاحة بـ”حماس” التي سيطرت على القطاع منذ عام 2007 واستمرت ببسط سيطرتها بقوة خلال أربعة حروب سابقة. وقال مسؤولون في وزارة الدفاع يوم الخميس إنهم سيستمرون بقصف غزة إلى “حين محو حماس عن الوجود”. وأعلنت القوات الجوية أنها ألقت أكثر من 6000 قنبلة على غزة حتى اليوم.

وأعلن الجيش الإسرائيلي مقتل أكثر من 1200 شخص بمن فيهم 155 جندياً في إسرائيل وهي محصلة هائلة لم يسبق أن شهدتها البلاد منذ حرب عام 1973 مع مصر وسوريا والتي استمرت لأسابيع.

اندبندنت

مقالات ذات صلة