!العالم يحبس أنفاسه.. إسرائيل تستعد للحرب وحماس تهدد

لا أحد يتوقع ما سيحدث، الدبابات الإسرائيلية تتحرك على محورين، ومدافعها موجهة صوب هدفين، الأول غزة حيث أعلن، بنيامين نتانياهو، أن لا خيار سوى القضاء على حماس، والثاني جنوب لبنان تحسبا لأي تدخل من حزب الله في الحرب التي يبدو أنها ستندلع بعد هجوم دام شنه مقاتلو حماس على إسرائيل.

مياه البحر المتوسط ستحركها حاملة طائرات أميركية عملاقة، “يو إس إس فورد” أكبر قوة فتاكة بالعالم، ضمن إعادة تموضع عسكري أميركي في المنطقة في إشارة ردع لإيران وحزب الله.

أما قادة حماس، فقد هددوا بإعدام مختطف مدني إسرائيلي مقابل أي قصف إسرائيلي جديد على منازل المدنيين دون إنذار مسبق.

غموض في الموقف الميداني قرب غزة وعند حدود لبنان، يرافقها حالة ترقب تسود العالم الذي يحبس أنفاسه من لحظة تضطر فيها إسرائيل أن تصوب أسلحتها نحو أهداف جديدة ردا على أطراف أخرى قد تنخرط في الحرب المحتملة.

ولتجنب توسع دائرة التوتر، سارعت أبوظبي، وفق موقع إكسيوس، لتحذير رئيس النظام السوري، بشار الأسد، من التدخل في الحرب بين حماس وإسرائيل، أو السماح بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي السورية، فيما تسارع مصر وتركيا وقطر للوساطة التي ترفضها إسرائيل وتقبلها حماس.

إسرائيل قالت، الاثنين، إنها استدعت عددا غير مسبوق من جنود الاحتياط قوامه 300 ألف جندي، وتفرض حصارا كاملا على قطاع غزة، في أحدث مؤشر على عزمها شن هجوم بري ردا على هجوم مسلحي حركة حماس المدمر، السبت.

وبعد شن طائرات إسرائيلية غارات جوية مكثفة على قطاع غزة لساعات، قالت حماس، التي تسيطر على القطاع، إنها ستعدم مختطفا إسرائيليا مقابل كل قصف إسرائيلي لمنزل مدني من دون سابق إنذار.

وداخل إسرائيل، لا يزال مقاتلون فلسطينيون متحصنين في عدة مواقع، بعد يومين من قتلهم مئات الإسرائيليين واحتجاز عشرات الرهائن.

وقالت قنوات تلفزيونية إسرائيلية إن عدد القتلى جراء هجوم حماس ارتفع إلى 900، بالإضافة إلى 2600 جريح على الأقل. وقالت وزارة الصحة في غزة إن 687 فلسطينيا على الأقل قتلوا وأصيب 3726 آخرون في الغارات الجوية الإسرائيلية على القطاع المحاصر منذ السبت.

ومن بين القتلى مواطنون من إيطاليا وأوكرانيا والولايات المتحدة، حيث أعلن الرئيس، جو بايدن، الاثنين، مقتل 11 أميركيا على الأقل.

وقال أبو عبيدة، المتحدث باسم الجناح المسلح لحماس، إن الحركة “تتصرف وفقا لتعاليم الإسلام فيما يتعلق بالحفاظ على سلامة الأسرى الإسرائيليين، لكنها أصدرت التهديد بإعدامهم وبثه ردا على الغارات المكثفة”.

كما طالبت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إسرائيل بالامتناع عن استهداف المدنيين إذا كانت مهتمة بمصير الإسرائيليين المحتجزين لديها. وكانت قد أعلنت، الأحد، إنها تحتجز أكثر من 30 إسرائيليا.

استنكار لتصريحات غالانت
وبينما شنت إسرائيل ضربات انتقامية مكثفة على غزة، أثار وزير الدفاع، يوآف غالانت، استنكارا دوليا بإعلانه تشديد الحصار لمنع وصول الغذاء والوقود إلى القطاع الذي يسكنه 2.3 مليون فلسطيني.

وقال، عمر شاكر، مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش، في بيان، “حرمان السكان في الأراضي المحتلة من الغذاء والكهرباء لهو عقاب جماعي، وهو جريمة حرب”.

وأصبحت الضربات الجوية الإسرائيلية أكثر قوة مع حلول الليل، وقال شهود إن عدة مقار أمنية ووزارات تابعة لحماس تعرضت للقصف. ودمرت الغارات طرقا ومنازل.

كما قصفت إسرائيل مقر شركة الاتصالات الفلسطينية الخاصة، مما قد يؤثر على خدمات الهاتف الثابت والإنترنت والهاتف المحمول.

ومع هطول الأمطار، أضاءت الانفجارات والبرق السماء، واختلط صوت القصف بالرعد.

وفي إشارة أخرى إلى تحول إسرائيل السريع نحو الحرب، قال عضو في مجلس الوزراء من حزب ليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، إن الحزب قد يشكل حكومة وحدة وطنية ينضم إليها زعماء المعارضة في غضون ساعات.

وقال نتانياهو لرؤساء بلديات البلدات الجنوبية التي تعرضت للهجوم المفاجئ، السبت، إن رد إسرائيل “سيغير الشرق الأوسط”.

وفي مخيم جباليا للاجئين في شمال غزة، تسلق رجال مبنى متداعيا لسحب جثة طفل صغير من تحت الأنقاض، وحملوها عبر الحشد في الأسفل وسط أطلال المباني التي قصفت.

وقالت وزارة الصحة في المنطقة إن تلك الغارة الجوية أسقطت العشرات بين قتيل ومصاب.

في غضون ذلك، قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن نحو 137 ألف شخص لجأوا إلى وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للمنظمة الدولية.

اتساع رقعة القتال
وأثار احتمال امتداد القتال إلى مناطق أخرى قلق المنطقة. وقال الجيش الإسرائيلي إن القوات الإسرائيلية “قتلت عددا ممن يُشتبه بأنهم مسلحون تسللوا إلى الأراضي الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية”، مضيفا أن طائرات الهليكوبتر “تقصف حاليا المنطقة”.

وأعلن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، الاثنين، مقتل نائب قائد لواء 300 في فرقة الجليل، المقدم عليم سعد، في اشتباك مع مسلحين تسللوا من الأراضي اللبنانية إلى إسرائيل.

وكانت “سرايا القدس”، وهي الجناح العسكري لحركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطيني المدرجة على قائمة الإرهاب الأميركية، أعلنت مسؤوليتها عن عملية التسلل، التي نفذت بعد ظهر الاثنين، وتحدثت في بيان مقتضب عن “إصابة 7 جنود إسرائيليين بينهم إصابة خطرة”.

وأطلقت جماعة حزب الله اللبنانية المسلحة وابلا من الصواريخ على شمال إسرائيل، الاثنين، ردا على مقتل ثلاثة على الأقل من أعضائها في قصف إسرائيلي على لبنان.

وحذرت الإمارات نظام، بشار الأسد، في سوريا من التدخل في الحرب بين حماس وإسرائيل، أو السماح بشن هجمات على إسرائيل من الأراضي السورية، وفقا لما نقلته موقع “أكسيوس” عن مصدرين مطلعين على الجهود الدبلوماسية الإماراتية.

وذكر الموقع، الاثنين، أن العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة، تشعر بقلق بالغ من أن الحرب قد تمتد إلى لبنان أو سوريا وتتصاعد إلى صراع إقليمي.

وأوضح الموقع أن الإماراتيين، الذين أعادوا العام الماضي علاقتهم مع سوريا ودعوا الأسد لزيارة أبو ظبي، يتمتعون بنفوذ على الحكومة السورية أكبر من معظم الدول العربية في المنطقة.

وتتمتع الإمارات أيضا، بحسب الموقع، بعلاقة وثيقة مع إسرائيل بعد أن وقعت الدولتان معاهدة سلام في عام 2020 كجزء من اتفاقيات أبراهام التي توسط فيها الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب.

وذكر الموقع أن المسؤولين الإماراتيين وجهوا رسائلهم إلى مسؤولين سوريين رفيعي المستوى وأطلعوا إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، على اتصالاتهم مع السوريين، بحسب المصدرين.

ودعا الرئيسان الأميركي، جو بايدن، والفرنسي، إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني، أولاف شولتس، ورئيسا الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، والإيطالية، جورجيا ميلوني، إيران إلى “عدم توسيع نطاق النزاع إلى أبعد من غزة” بعد هجمات حماس المباغتة على إسرائيل.

وفي جنوب إسرائيل، الذي شهد هجوم حماس، قال كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين إن القوات أعادت السيطرة على المجتمعات داخل إسرائيل التي اجتاحها مقاتلون من الحركة، لكن تتواصل اشتباكات معزولة مع استمرار نشاط بعض المسلحين.

ولم يسبق أن شهد الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود صورا صادمة لجثث مئات الإسرائيليين المنتشرة في شوارع البلدات والذين قُتلوا بالرصاص في حفل راقص في الهواء الطلق ومن خُطفوا منازلهم.

وزاد الإعلان عن استدعاء 300 ألف جندي احتياط خلال يومين فقط التكهنات بأن إسرائيل قد تفكر في شن هجوم بري على غزة، وهي المنطقة التي انسحبت منها منذ نحو من عقدين من الزمن.

وقال المتحدث العسكري الأدميرال، دانيال هاجاري، “لم يسبق لنا استدعاء جنود احتياط بهذا العدد… مستمرون في الهجوم”.

وقال فلسطينيون إنهم تلقوا مكالمات هاتفية ورسائل صوتية على هواتفهم المحمولة من رجال أمن إسرائيليين تطالبهم بمغادرة المناطق التي يقع معظمها في شمال غزة وشرقها، وأضافوا أنهم تلقوا تحذيرات بأن الجيش الإسرائيلي سينفذ عمليات هناك.

وتقول حماس إن الهجوم جاء نتيجة أزمة قطاع غزة الذي يقبع تحت الحصار المستمر منذ 16 عاما والمداهمات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة التي كانت الأكثر دموية منذ سنوات.

“مذبحة كاملة”
وقالت الجماعات الفلسطينية الرئيسية التي نددت بالهجمات إن أعمال العنف كانت متوقعة مع تجميد عملية السلام منذ نحو عقد، بينما تحدثت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة عن ضم الأراضي الفلسطينية بشكل نهائي.

وتقول إسرائيل والدول الغربية إنه لا يوجد شيء يبرر القتل الجماعي المتعمد للمدنيين.

وقتل المسلحون بالرصاص عشرات الشباب الإسرائيليين في ملهى ليلي يقع في منطقة صحراوية في الهواء الطلق، وذكرت وسائل إعلام أن 260 شخصا قُتلوا هناك.

وفي اليوم التالي، خرج عشرات الناجين من مخابئهم وكان المكان مليئا بالسيارات المحطمة والمهجورة.

وقال، أريك ناني، الذي كان يحتفل بعيد ميلاده السادس والعشرين، واختبأ لساعات في أحد الحقول بعد هروبه “لقد كانت مذبحة، مذبحة كاملة”.

وفي غزة، أظهرت لقطات حصلت عليها رويترز عشرات الأشخاص يتسلقون مباني منهارة بحثا عن ناجين وكان الأجواء لا تزال مليئة بالأتربة جراء سقوط المباني. ودوت صفارات الإنذار بينما كانت فرق الطوارئ تعمل على إخماد السيارات التي اشتعلت فيها النيران.

وظهر رجل في مقطع مصور بينما كان الناس ينتشلون جثة من تحت الأنقاض “عدد كبير من الشهداء المكان مأهول بالسكان ومن النازحين من بيت حانون، كما تشاهدون هاد شهيد”.

وساطة مصرية وقطرية
وتوسطت مصر بين إسرائيل وحماس من قبل في فترات تصعيد سابقة للصراع، وقالت مصادر أمنية مصرية إن القاهرة تجري اتصالات وثيقة مع الجانبين في محاولة لمنع تفاقم الصراع.

وقال مصدر لرويترز إن وسطاء قطريين أجروا اتصالات عاجلة مع قيادات في حركة حماس لمحاولة التفاوض على إطلاق سراح نساء وأطفال إسرائيليين تحتجزهم الحركة في غزة مقابل إطلاق سراح 36 امرأة وطفلا فلسطينيا من السجون الإسرائيلية.

وتهدد أعمال العنف التحركات التي تدعمها الولايات المتحدة نحو تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، وهي عملية إعادة ترتيب أمني كان من الممكن أن تهدد آمال الفلسطينيين في منحهم حق تقرير مصيرهم فضلا عن تقويض نفوذ إيران التي تدعم حماس.

ويواجه الجيش الإسرائيلي أسئلة صعبة فيما يتعلق بأسوأ فشل مخابراتي منذ 50 عاما.

الحرة

مقالات ذات صلة