التطبيع السعودي الإسرائيلي في حسابات المنطقة!

تسلط التقارير الكثيرة التي تدور حول احتمال تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية واسرائيل بسعي من ادارة الرئيس جو بايدن الذي يرى كثر ان له مصلحة في تحقيق ذلك قبل الانتخابات الرئاسية السنة المقبلة ، على الشروط التي طلبتها المملكة من الولايات المتحدة من اجل الذهاب الى احتمال من هذا النوع . واخذ هذا الموضوع مداه في شكل خاص عبر مواقف ادلى بها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي قال ” كل يوم نقترب من التطبيع ” وذلك على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة التي انعقدت في الثلث الاخير من ايلول الماضي فيما قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتيناهو : “نحن على أعتاب سلام تاريخي بين #إسرائيل والمملكة العربية السعودية”، من شأنه أن يقطع “شوطا طويلا في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي”. والتركيز في هذا الاطار يتصل بمآل القضية الفلسطينية في ظل احتمال من هذا النوع في ظل جمود المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية من جهة بالاضافة الى وجود حكومة لليمين المتطرف في اسرائيل تزيد الوضع مأساوية وعدم حماسة الولايات المتحدة الى الالتفات جديا الى عملية السلام بين اسرائيل والفلسطينيين على اساس حل الدولتين التي تقول انها لا تزال تراه حلا للقضية الفلسطينية .

هناك دعم خطابي واسع في واشنطن لحل الدولتين. وبدرجات متفاوتة من التركيز، يدعو بشكل روتيني إلى إنهاء النشاط الاستيطاني وعمليات الهدم ويدين العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب والعنف المرتبط بالمستوطنين. ومع ذلك، فإن هذه الدينامية حالت دون اتخاذ إجراءات فعالة ردا على ما تستمر الحكومة الاسرائيلية في القيام به . وليس ان الفلسطينيين يهللون لاحتمال التطبيع بين المملكة واسرائيل ولكن اظهرت الرياض اهتماما في الاونة الاخيرة لجهة تطمين السلطة الفلسطينية باخذ حقوق الشعب الفلسطيني في الاعتبار وعدم التساهل ازاء ذلك . وكان وفد من السلطة زار المملكة في ايلول حاملا مجموعة مطالب تتصل بالاساسيات التي تحرص على تأمينها في حال التطبيع على الا يكون التطبيع غير مشروط بمكاسب للفلسطينيين كذلك من بينها في شكل خاص وقف الاستيطان الاسرائيلي في الضفة الغربية ونقل اجزاء من الاراضي في الضفة الخاضعة حاليا لسيطرة اسرائيل الى السلطة الفلسطينية .

وحتى الان يعتقد كثر ان الشروط العالية السقف للمملكة توحي وكأنها من اجل عدم الذهاب الى التطبيع كما ترغب فيه الولايات المتحدة واسرائيل . ولكن وفيما ان مسؤولين اميركيين واخرين في عواصم مؤثرة يعتبرون هذا الاحتمال تطورا ايجابيا ومنعطفا تاريخيا في المنطقة ، فان البعض يسعى الى استطلاع الاثمان التي تسعى اليها ايران في المقابل نتجة قدرتها على محاولة افشال هذا التطبيع او تفخيخه اولا عبر سيطرتها على التنظيمات الفلسطينية الراديكاليات التي اوكلت قيادتها الى “حزب الله” من لبنان كما عبر سبل اخرى لامتلاكها اوراقا مؤثرة. فالمسألة ليست صفقة منجزة بعد ولكن قد يكون ثمة متضررين كثر بحيث ان التطبيع قد يدفع اسرائيل الى الاستهانة بعملية السلام التي كانت تركز فيما مضى على سوريا في الدرجة الاولى كما على الفلسطينيين وعلى لبنان في الدرجة الثالثة .

فحتى الان لا يزال يعتقد كثر ومن بينهم حلفاء للنظام السوري ان هذا الاخير يملك ورقة ذهبية بحيث يمكنه توظيفها في ان يحصل على اقرار اميركي بشرعيته اذا فتح الابواب امام امكان سلام بينه وبين اسرائيل في وقت بات يسهل الترويج لذلك او تمريره مع التطبيع العربي الذي يزداد والذي يمكن ان يتوج بتطبيع بين المملكة واسرائيل . وهؤلاء لا يأخذون في الاعتبار راهنا ان النظام السوري بات رهينة لقرار ايران في هذا الشأن وفي امور كثيرة لا سيما بعد تراجع القدرة الروسية على التأثير وفق ما بات ظاهرا في ناغورنو كاراباخ . ولكن يعتقدون ان الامر لا يزال ممكنا حتى من دون ضغط الولايات المتحدة لحل سياسي في سوريا ما دامت اسرائيل يمكن ان تقبل بالوضع السوري على ما هو لا سيما اذا كان في وجه ايران علما ان الاسد هامشه ضيق ما لم يكن بموافقتها .

لم يبادر احد حتى الان الى تحديد او مناقشة ما هي الفوائد التي تترتب على اتفاق تطبيع بين المملكة واسرائيل خارج المصالح المباشرة للدول المعنية او المنخرطة في هذا المسعى ولا ما هي الانعكاسات السلبية المحتملة على امر مماثل في وقت تشهد المنطقة تغييرات جذرية او هل طويت مبادرة السلام العربية التي اعلنت من بيروت بالذات في العام 2002 بمبادرة من الملك عبدالله بن عبد العزيز في وقت ان الدول المعنية مباشرة بهذه المبادرة لوجود اراض لها محتلة من اسرائيل هي في حال فوضى ودمار ومنهكة كليا من الفلسطينيين في غزة او الضفة وفي لبنان كما في سوريا بالاضافة الى سيطرة ايران على الدولتين الاخيرتين ونفوذها على التنظيمات الفلسطينية خارج السلطة الفلسطينية. فيما لا يمكن تجاهل اتفاق الترسيم البحري بين لبنان واسرائيل بالنسبة الى البعض والذي عد اعترافا بها ورغبة في عقد اتفاقات ستصل الى الحدود البرية وتاليا تطبيعا للوضع على الارض ان لم يكن للعلاقات بين البلدين ولكن هل هو سلام وباي معنى . لكنه مؤشر بات يضيق هامش ” الممانعة ” في انماطها السابقة .

و على اي حال يعتبر ديبلوماسيون عرب حتى الان ان هناك اهتماما كبيرا من الولايات المتحدة بتطبيع العلاقات بين المملكة واسرائيل ، ولكن هؤلاء لا يرون اتفاقا في المدى المنظور على الاقل ولو ان هناك تمهيدا مغريا في مشاركة وزيرين اسرائيليين فاعليات في السعودية .

روزانا بو منصف- النهار

مقالات ذات صلة