سكان جنوب لبنان والضاحية يستعدون لإخلاء منازلهم «في حال تطور الوضع»!
بدأت نور (31 عاماً) التي تسكن ضاحية بيروت الجنوبية، بحزم الحقائب وجمع الأغراض المهمة في منزلها، استعداداً لأي طارئ. «جمعتُ ملابس طفليَّ الصغيرين، إضافة إلى أوراقنا الثبوتية»، تقول لـ«الشرق الأوسط»، وذلك تحسباً لأن تتدحرج حرب غزة إلى حرب واسعة تشمل لبنان.
ويترقب اللبنانيون تطورات الوضع في غزة، وسط تحذيرات سياسية من إقحام لبنان في المعركة إثر إعلان «حزب الله» أنه يتابع الوضع في غزة من كثب، وأنه «على اتصال مباشر مع قيادة المقاومة الفلسطينية في الداخل والخارج»، وأنه «يجري معها تقييماً متواصلاً للأحداث وسير العمليات».
ودعا في بيان «شعوب أمتنا العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى إعلان التأييد والدعم للشعب الفلسطيني وحركات المقاومة التي تؤكد وحدتها الميدانية بالدم والقول والفعل»، كما دعا الحكومة الإسرائيلية إلى «قراءة العبر والدروس الهامة التي كرستها المقاومة الفلسطينية في الميدان وساحات المواجهة والقتال».
وارتفعت المخاوف إثر انطلاق مسيرة على دراجات نارية تحمل أعلام «حزب الله» قرب السياج الحدودي في سهل الخيام، ما دفع القوات الإسرائيلية لإطلاق النار في الهواء بغزارة لإبعادهم عن السياج التقني.
انتظار التطورات
ويشمل الترقب سكان المنطقة الحدودية في جنوب لبنان الذين يعيشون حالة عدم يقين عما ستؤول إليه التطورات. وتراجعت حركة السير اليومية بشكل لافت، وفق ما قالت مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط»، لافتة إلى أن حركة السكان «تراجعت إلى مستويات كبيرة بالمقارنة مع الأيام العادية»، ما يشير إلى «هدوء حذر في المنطقة الحدودية» مع إسرائيل.
وكان جنوب لبنان قد اختبر آخر حرب مع إسرائيل في عام 2006، ما اضطر أغلبية السكان للنزوح من المنطقة مدة 33 يوماً. ومنذ ذلك الحين، لم تشتعل حرب واسعة، واقتصرت التوترات على قصف محدود إثر تدخلات دولية للحفاظ على الاستقرار.
ويؤشر هذا الحذر المستجد اليوم إلى مخاوف من أن تتوسع المعركة إلى الداخل اللبناني، أو ينخرط «حزب الله» فيها بشكل أو بآخر. ويمضي السكان في اتخاذ إجراءات احترازية، إذ أحجمت عائلات كثيرة عن التوجه إلى الجنوب في عطلة نهاية الأسبوع «خوفاً من أن يحدث شيء ما»، وفق ما يقول جهاد الذي يتوجه أسبوعياً إلى مدينة بنت جبيل لتفقد والديه، ويشير إلى أن «الاحتراز واجب؛ لأن شكل المعركة أكبر مما يمكن للإسرائيلي (الحكومة الإسرائيلية) تحمُله، وبالتالي يمكن أن يتطور الوضع في أي لحظة ما لم يجرِ احتواؤه»، مضيفاً: «التوجه جنوباً في هذه الظروف سيكون بمثابة مغامرة نحن في غنى عنها الآن».
ووفق المنطق نفسه، قطع آخرون إجازاتهم ظهر السبت، وعادوا إلى العاصمة وضواحيها، خوفاً من أن تتدحرج الأمور إلى حرب تشمل لبنان. وقالت مصادر ميدانية إن بعض العائلات التي تزور ممتلكاتها في الجنوب أسبوعياً عادت أدراجها، ليتسنى لها جمع أوراقها الوثائقية في حال كان هناك أي تصعيد.
غير أن المقيمين في الجنوب، يترقبون تطورات الأحداث، ولا يخططون بشكل عاجل لمغادرته: «كي لا نستعجل النزوح»، ويراهنون على أن التطورات العسكرية في غزة «ستكون دافعاً قوياً لإسرائيل كي لا توسع المعركة»، وفق ما يقول علي (44 عاماً) الذي يسكن منطقة ميس الجبل في الجنوب، ويؤكد أنه لن يخلي منزله بشكل استباقي، بالنظر إلى أن «ما جرى في غزة، يردع الإسرائيليين عن توسيع الحرب»، معرباً عن اعتقاده أن سيناريو غزة لجهة دخول مواقع ومدن إسرائيلية «سيتكرر في الجنوب، حيث ستتم السيطرة على مستوطنات الجليل، وهو أمر رادع للحرب».
ولم تظهر أي مظاهر عسكرية استثنائية في الجنوب، كما يقول السكان، مشيرين إلى أن قوات حفظ السلام الدولية العاملة في الجنوب (اليونيفيل) تسيّر دوريات بشكل طبيعي، كما حافظ الجيش اللبناني على وجوده في مواقعه وفي الدوريات التي ينفذها.
وقد أشار الناطق الرسمي باسم «اليونيفيل» أندريا تيننتي في حديث إلى «الوكالة الوطنية للإعلام» إلى أن «بعثة حفظ السلام تراقب من كثب الأحداث الدراماتيكية الجارية في إسرائيل، وجنود حفظ السلام يوجدون على طول الخط الأزرق للحفاظ على الاستقرار، والمساعدة في تجنب التصعيد».
وأضاف: «قمنا أيضاً بتعزيز وجودنا في جميع أنحاء منطقة عملياتنا للتكيف مع التطورات، بما في ذلك عمليات مكافحة إطلاق الصواريخ». وتابع: «قيادتنا على اتصال دائم مع الأطراف منذ بداية الأحداث لضمان التنسيق الفعال، وتجنب سوء الفهم، وهدفنا الأساسي هو الحفاظ على الاستقرار على طول الخط الأزرق، وتجنب أي تصعيد يمكن أن تكون له عواقب وخيمة على السكان الذين يعيشون في المنطقة».
الشرق الاوسط