محاولات لقوننة التمديد لدريان «على السكت»: ماذا يحصل؟
شهرٌ مرّ على تمديد «المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى» لمفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان ورفع سن التقاعد لمفتي المناطق، ومع ذلك لا أثر للقرار في الجريدة الرسميّة. المقرّبون من «عائشة بكار» وصفوا ما نشرته «الأخبار» سابقاً في هذا الإطار بأنّه «ترّهات لكوْن الجلسة حصلت ضمن الأطر القانونيّة». وبرّروا تأخر نشر القرار بـ«إجراءات روتينيّة» وبـ«زحمة» القوانين المُحالة إلى النشر وبسفر رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. لكن للعارفين رواية أخرى تتحدّث عن «تخريجة غير قانونيّة» للقرار الذي تحوّل إلى «أمرٍ واقع».
وكانت الخلافات التي حصلت خلال جلسة التمديد وتخلّلها صراخ ونقاشات حامية، إضافة إلى التأخير في طبع القرار، أدّت إلى مغادرة معظم الأعضاء من دون التوقيع على أيّ قرار التمديد. وعلمت «الأخبار» أنّ دار الفتوى دعت أعضاء «المجلس الشرعي» السابق إلى جلسة غداً للمُصادقة على القرار من دون وضعه على جدول الأعمال الذي يتضمّن بندَين، أحدهما، يتعلّق بأوقاف عكّار وثانٍ، يتعلق بـ«مؤسسات الدكتور محمد خالد الاجتماعية». غير أنّ اعتذار عدد كبير من الأعضاء عن عدم الحضور بداعي السفر، دفع المفتي إلى إلغاء الجلسة والاستعاضة عنها بـ«استدعاء» الأعضاء فرادى للحصول على تواقيعهم على قرار التمديد.
ومنذ إقرار التمديد، يحاول الفريق القانوني الذي «سقطت» منه سهواً المُصادقة على القرار، اجتراح حلّ لهذه المعضلة. وبعد اقتراح البعض بعدم نشر القرار من أصله في الجريدة الرسمية، رسا الأمر على الطلب من الأعضاء «المرور بدار الفتوى لمدّة 5 دقائق»، مع الإلحاح بعدم تسريب الخبر وإبقائه طيّ الكتمان! وفي المقابل، يدرس خصوم دريان الثغرات القانونية التي تتيح لهم الذهاب إلى القضاء، من دون أن يخرجوا بقرارٍ حاسم حتّى مساء أمس.
ونفى أعضاء وقّعوا على القرار بالفعل في دار الفتوى أمس، أن يكون القرار قد تضمّن تعديلاً للمرسوم 18 بتقليص صلاحيات أمين الفتوى لتؤول صلاحيات المفتي إلى رئاسة الحكومة التي تُعين قائماً بمقام المفتي في حال الشغور بدلاً من أمين الفتوى.
إلى ذلك، تتفاقم «أزمة» هويّة نائب رئيس «المجلس الشرعي» بعد استبعاد النائب السابق سمير الجسر من التعيينات التي أصدرها دريان قبل يومين رغم الاتفاق المسبق على اسمه. وقد كبحت ردّة فعل الشخصيات الطرابلسيّة جماح دار الفتوى التي ترغب في تعيين رئيس المحكمة الشرعية السنيّة العُليا الشيخ محمّد عسّاف نائباً للرئيس لقُربه من المفتي، خصوصاً بعدما لوّح بعض أعضاء «المجلس الشرعي» من الطرابلسيين بالاستقالة، إضافة إلى رفض ميقاتي تعيين بيروتي وخرق العُرف المتبع منذ ستينيات القرن الماضي بإعطاء منصب نائب الرئيس لـ«عاصمة لبنان الثانية». وقدّمت الشخصيات الطرابلسية اقتراحاً بتعيين نقيب المحامين السابق محمد المراد نائباً للرئيس باعتباره من عكّار، فيما أكّد المراد لمتصلين به أنّه «لا يُمكن أن أتجاوز الخطوط الحمر بعدم احترام الأعراف والتقاليد، وحتّى لو كنتُ طرابلسي الهوى، إلا أنّ جذوري وقيودي عكّارية».
وعليه، يؤكّد أكثر من طرف أن لا حل إلا بتعيين مفتي طرابلس والشمال الشيخ محمّد إمام نائباً للرئيس، خصوصاً أنّ العرف لا يقضي بأن يكون مدنياً باعتبار أن الشيخ صبحي الصالح بقي في هذا المنصب لـ15 سنة قبل تعيين الوزير مسقاوي نائباً للرئيس.
دريان «يُحاسب»
وفي سياق متصل، بدأت دار الفتوى على ما يبدو «تصفية الحسابات» بعد اكتمال عقد «المجلس الشرعي»، وهو ما بدا واضحاً من قرار عسّاف بإحالة القاضي الشرعي الشيخ عبد العزيز الشافعي إلى هيئة التأديب القضائية لكونه «يفتئت نفسه على المحكمة الشرعيّة ويعيّن نفسه مرجعاً لأحكامها»، بعدما نشر الأخير ضمن مجموعة قانونية على «واتساب»، دراسة قانونيّة يفصّل فيها مخالفات محكمة الاستئناف العليا في المحاكم الشرعيّة في ملف وقف البر والإحسان. وفيما لم يتبلّغ الشافعي قرار الإحالة بعد، سُجّل استياء للقضاة والمشايخ، خصوصاً أن للشافعي سمعة حسنة ويُعدّ مرجعاً قانونياً، فيما تردّد أنّ ميقاتي لن يوافق على طلب استكمال الإجراءات القانونيّة بحقه كون هذه الإجراءات تحتاج إلى موافقة رئيس الحكومة العامل.
لينا فخر الدين