كيف يؤثر التدخين على الحامل والجنين؟
تشير دراسة جديدة إلى أن النساء اللواتي يدخن أثناء الحمل أكثر عرضة للولادة المبكرة بمقدار 2.6 مرة مقارنة بغير المدخنات، أي أكثر من ضعف التقدير السابق.
ووجدت الدراسة التي أجرتها جامعة كامبريدج أن التدخين قد يجعل الجنين أكثر عرضة بأربع مرات أن يولد صغيراً بالنسبة إلى العمر الحملي، مما يعرضه لخطر المضاعفات الخطرة المحتملة بما في ذلك صعوبات التنفس والالتهابات.
وفي الدراسة لم يكن هناك دليل يربط بين تناول الكافيين والنتائج السلبية، وقال رئيس قسم أمراض النساء والولادة في جامعة كامبريدج البروفيسور غوردون سميث، “نعلم منذ فترة طويلة أن التدخين أثناء الحمل ليس جيداً على صحة الجنين، لكن دراستنا أظهرت أنه من المحتمل أن يكون أسوأ بكثير مما كان يعتقد سابقاً”، لافتاً “إنه يعرّض الجنين لخطر المضاعفات الخطرة المحتملة من بطء شديد في النمو داخل الرحم أو من الولادة المبكرة جداً”.
وأردف، “نأمل أن تساعدنا هذه النتائج في تشجيع الأمهات الحوامل واللواتي يخططن للحمل على الاستفادة من برامج الإقلاع عن التدخين”، موضحاً “الحمل هو الوقت الرئيس الذي تقلع فيه النساء عن التدخين، وإذا كان بإمكانهم الاستمرار [بعدم التدخين] بعد الولادة فهناك فوائد مدى الحياة لهن ولأطفالهن”.
وتوصي “خدمات الصحة الوطنية” (أن إتش أس) NHS النساء الحوامل بالتوقف عن التدخين والحد من تناول الكافيين مما قد يزيد من خطر حدوث مضاعفات على الطفل، فعندما تنتقل السموم من الدخان عبر مجرى الدم إلى الجنين فإنه يكافح من أجل الأوكسجين، وعند حدوث ذلك فإنه يؤثر في نموهم، وله صلة بالولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة على رغم أن له علاقة أيضاً بانخفاض خطر الإصابة بمقدمات الارتعاج (ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل).
كما جرى تحديد علاقة بين تناول كميات كبيرة من الكافيين وانخفاض الوزن عند الولادة وربما ضمور نمو الجنين، ولكن الكافيين قد يكون أكثر صعوبة في التفادي من دخان السجائر لكثرة وجوده في القهوة والشاي والشوكولاتة ومشروبات الطاقة والمشروبات الغازية وبعض الأدوية.
ويقول باحثون إن الدراسات التي تبحث في الربط بين التدخين والكافيين وتأثيرهما على الحمل تميل إلى الاعتماد على الأشخاص الذين يبلغون عن مقدار ما استهلكوه، أو تعرضهم للدخان، وهي بيانات لا يمكن الوثوق بها دائماً، وكذلك فأن اختبارات الدم للأيضات، وهي نواتج عرضية كيماوية تنشأ عند معالجة مواد مثل التبغ والكافيين في الجسم، قد تكون أكثر دقة.
وقام باحثون في كامبريدج ومستشفى روزي، وهو جزء من مستشفيات جامعة كامبريدج التابعة لـ “هيئة الخدمات الصحية” البريطانية، باختبار أكثر من 4200 امرأة حضرن إلى المستشفى بين عامي 2008 و2012 كجزء من دراسة “التنبؤ بنتائج الحمل” (POP) Pregnancy Outcome Prediction.
وقام الفريق بتحليل عينات دم مأخوذة من مجموعة من هؤلاء النساء أربع مرات خلال فترة حملهن، ولتقييم التعرض لدخان السجائر نظر الفريق في مستويات مادة الكوتينين التي يمكن اكتشافها في الدم والبول واللعاب.
وأشار باحثون إلى أن اثنتين فقط من كل ثلاث سيدات أبلغن أنهن مدخنات، كانت لديهن مستويات يمكن اكتشافها من الكوتينين في كل عينة دم، مما يدل على أن هذا الإجراء هو وسيلة أكثر موضوعية لتقييم سلوك التدخين.
وخضعت 914 امرأة لتحليل التدخين، صنفت من بينهن 78.6 في المئة على أنهن لم يتعرضن للتدخين أثناء الحمل، و11.7 في المئة تعرضن للتدخين بنسب قليلة، و9.7 في المئة كن في عرضة مستمرة للتدخين.
ووجدت الدراسة التي نشرت في “المجلة الدولية لعلم الأوبئة” International Journal of Epidemiology أنه بالمقارنة مع الحوامل غير المدخنات فإن اللواتي لديهن تعرض ثابت كن أكثر عرضة بمقدار 2.6 مرة للولادة المبكرة التلقائية. ووفقاً للباحثين فهذا هو أكثر من ضعف التقدير السابق البالغ 1.27 من تحليل دراسات عدة، وأيضاً كن أكثر عرضة بمقدار 4.1 مرة لضمور نمو الجنين.
وإضافة إلى ذلك وجدت الدراسة أن الأطفال المولودين من أم مدخنة أقل وزناً بمقدار 387 غراماً في المتوسط من الأطفال المولودين من أم غير مدخنة، أي أصغر بنسبة 10 في المئة من متوسط وزن المواليد الجدد، وهذا يزيد من أخطار انخفاض وزن الطفل عند الولادة (2.5 كلغ أو أقل)، والذي بدوره يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمشكلات في النمو، إضافة إلى ضعف الصحة في وقت لاحق من الحياة.
وعلى عكس الدراسات السابقة لم يجد الفريق أي دليل على أن التدخين يقلل خطر الإصابة بمقدمات الارتعاج، ولتقييم تأثير تناول الكافيين درس باحثون عن مستقبل الباراكزانتين metabolite paraxanthine في 915 امرأة، كان لدى 12.8 في المئة من بينهم مستويات منخفضة من الباراكزانتين طوال فترة الحمل (مما يشير إلى انخفاض تناول الكافيين)، وكان لدى 74 في المئة مستويات معتدلة و13.2 لديهن مستويات عالية.
واستنتج الباحثون عدم وجود أدلة كافية على وجود رابط بين تناول الكافيين وأي من النتائج السلبية، ومع ذلك فنظراً إلى أن الباحثين لم يدرسوا جميع النتائج السلبية المتعلقة بالحمل، وبعض النتائج التي لم تُدرس مثل الإملاص [ولادة طفل من دون وجود علامات حياة] ارتبطت بزيادة تناول الكافيين في الدراسات السابقة، لا يمكنهم تفسير النتائج على أنها تشير إلى وجوب تغيير التوصيات الحالية حول تناول الكافيين.
أجريت الدراسة بدعم من قبل “المعهد الوطني للبحوث الصحية” National Institute for Health and Care Research (NIHR) و”مركز كامبريدج للبحوث الطبية الحيوية ومجلس البحوث الطبية” Cambridge Biomedical Research Centre and the Medical Research Council.
اندبندنت