التسوية دون “سلّة مُتكاملة” تعني استمرار الفراغ!
بينما يستمر الموفد القطري في كتابة الملاحظات بغية إعداد تقريره حول الوضع اللبناني ومدى استعداد الكتل النيابية للتوافق على مرشح ثالث لرئاسة الجمهورية، وإعادة التموضع الفرنسي الى جانب اللجنة الدولية الخماسية المعنية بالوضع في لبنان، يبرز الحديث من جديد حول “السلة” المتكاملة للتسوية في لبنان، بين من يريدها أن تكون جاهزة قبل الانتخابات، ومن يريد أن تبدأ التسوية بانتخاب الرئيس.
عام 2016 ورغم التوافق السياسي شبه الكامل على انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية، برز صوت رئيس المجلس النيابي نبيه بري المطالب بالإتفاق على سلة متكاملة لا تشمل الرئاسة فقط لتحصين العهد الرئاسي، فكان الجواب سلبياً وتم اتهام بري بأنه يريد عرقلة وصول عون الى بعبدا، لكن النتيجة بعد نهاية عهد عون أثبتت أن “السلة” كانت ضرورية، حيث سيطر الفراغ على نصف الولاية تقريباً وانتهى العهد الى فشل ذريع وخلافات عميقة وصراعات وجودية.
هذه المرة يطالب الفريق الشيعي بالاتفاق على سلة متكاملة أيضاً، خاصة أن الظروف اليوم أصعب من تلك التي كانت سائدة عام 2016، وسواء تم الاتفاق على رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أو غيره فلا بد من تسوية كاملة تضمن انطلاق العهد الرئاسي وتشكيل حكومة وإجراء تعيينات أساسية في اكثر من مركز، وإلا فبغض النظر عن إسم الرئيس المقبل سيكون الحكم صعباً ومعقداً للغاية بظل التباعد القائم بين المكونات السياسية والشرذمة الموجودة داخل المجلس النيابي.
لم يضرب الفراغ رئاسة الجمهورية وحسب، بل يطال اغلب المواقع الحساسة في الدولة كحاكمية المصرف المركزي، وقريباً أهم المواقع الأمنية في البلاد، إلا جانب الخلاف المسبق حول اسم رئيس الحكومة وآلية تشكيلها وبيانها الوزاري ومصير ما تم تثبيته مؤخراً من أعراف خلال عملية التشكيل وتقسيم الحقائب الرئيسية، بالإضافة الى مصير القوانين الإصلاحية، لذلك ترى مصادر سياسية متابعة أن التسوية بحال اقتصرت على التوافق على اسم الرئيس المقبل فهي ستبقى قاصرة عن إنتاج الحلول في لبنان.
يرى البعض ان الحديث عن السلة هو نسف للآليات الدستورية التي تتحدث عن طريقة تشكيل الحكومة وآلية التعيينات في الدولة اللبنانية، معتبرين أن الأولوية لأنجاز الاستحقاق الرئاسي، لكن بحسب المصادر السياسية فهؤلاء يعيشون خارج الواقع، وكأنهم لم يستفيدوا من كل التجارب السابقة التي تؤكد أن وضع لبنان ليس كوضع أي دولة تعتمد النظام البرلماني، فماذا لو انتخاب رئيس مقبل دون اتفاق على ما يلي الانتخاب، فهل يكفي أن تسكن بعبدا شخصية ما، ويبقى التعطيل سيد الموقف في باقي المواقع؟
لذلك، ترى المصادر أن المطلوب اتفاق شامل، وهذا ما يُبلغ به الموفدون الدوليون، فالتنازل في الملف الرئاسي لأجل شخصية ما لا يمكن أن يأتي بمعزل عن كل الملفات الأساسية في لبنان، فحزب الله على سبيل المثال يعلم بأن لبنان يعيش في ظل ظروف غير اعتيادية، وللخروج من الوضع الراهن لا بد من تسوية غير اعتيادية، تُعيد إنتاج الحكم على أسس واضحة، إذ تسأل المصادر، هل يتخيل أحد بيان وزاري لحكومة مقبلة لا يتضمن الحديث صراحة عن حق المقاومة أو عن الثلاثية التي كانت تطبع كل البيانات الوزارية السابقة؟
محمد علوش- الديار