جريمة الحصروني “ما خلصت “والملف إلى تمييزية بيروت…هل يجرؤ عويدات؟
لا ما خلصت الحكاية ولن “تخلص” قبل الإعلان عن نتائج التحقيق في جريمة اغتيال القيادي في “القوات اللبنانية” الياس الحصروني في 2 آب في بلدته الجنوبية عين إبل. 60 يوما مروا على الجريمة التي حاول منفذوها وأجهزتهم الإعلامية والأمنية إيهام وتضليل الرأي العام بأن الوفاة ناتجة عن حادث سير. إلى أن كشفت “عيون” الكاميرات” الخفية على سلطة الأمر الواقع ومرتكبي الجريمة بأنه ليس مجرد حادث سير، إنما عملية خطف مدبرة حيث اعترضت سيارتان داكنتان طريق سيارة المغدور في ما كان عائدا إلى منزله وأجبره من فيهما على التوقف والصعود إلى سيارته ليقوموا بتصفيته ورميه بعيدا من الطريق العام.
المفارقة الأولى التي دفعت عائلة المغدور إلى التأكيد على أنه “لا يجوز أن تنتهي الحكاية” تتمثل في تقرير الطبيب الشرعي الذي أوحى بأن الحصروني توفي بحادث سير، لتقع المفاجأة المدوية على رؤوس المعنيين. والثانية في تصريح لوزير الداخلية في حكومة تصريف الاعمال القاضي بسام مولوي الذي أكد فيه أن “المعلومات الأوّليّة تشير إلى عدم وجود خلفيّة حزبيّة لما حصل”، ما أثار استغراب العائلة وحزب “القوات اللبنانية” الذي طالبه بتقديم ما يملكه من معلومات، طارحا علامات استفهام حول استباقه التحقيق واصداره حكماً اولياً به.
أما المفاجأة الثالثة ففجرتها القوى الأمنية المولجة في التحقيق إذ أبلغت في 19 أيلول من يعنيهم الأمر، ولا سيما “القوات اللبنانية” أنها غير قادرة على الاستمرار في التحقيق، لعدم تمكنها من الدخول إلى بعض القرى، وتحديدا تلك التي تخضع لنفوذ “حزب الله” لاستكمال التحقيقات على الأرض. فما كان من رئيس الحزب سمير جعجع إلا أن أصدر بياناً شديد اللهجة محمّلاً الدولة والوزراء المعنيين مسؤولية التقصير في التحقيق، ما دفع مولوي إلى الرد ببيان مقتضب يؤكّد فيه أن التحقيق لم يتوقف وشعبة المعلومات تتابع العمل تحت إشراف القضاء!
هنا يبدأ فصل جديد من الحكاية وهذه المرة من قلب النيابة العامة التمييزية في بيروت. مصادر قانونية متابعة لملف اغتيال الحصروني توضح لـ”المركزية” أن المرجع القانوني المكلف بمتابعة ملف الحصروني أمام القضاء طلب من وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري خوري نقل الملف إلى بيروت بسبب عدم حصول أي تقدم في التحقيق لأسباب أمنية في المنطقة. مما يوحي وكأن الملف أقفل حكما. وتلفت المصادر إلى أن الوزير خوري وافق على طلب نقل الملف وحوّله وفقاً للأصول إلى مدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات.
وإذ تنفي المصادر مسألة إحالة الملف إلى المجلس العدلي، تؤكد أن” الطابة اليوم في مرمى عويدات” فهل يجرؤ على ركلة جزاء ليُكشف النقاب عن ملابسات هذه الجريمة التي إن دلت على شيء فعلى سلطة قوى الأمر الواقع على الأرض وكافة الأجهزة الأمنية الموجودة فيها، وأيضا على نزعتها بكم الأفواه وقمع القرار الحر لدى أبنائها الشرفاء سيما وأن الحصروني كان من الملتزمين في حزب القوات اللبنانية وكان مؤثرا في جوانب عديدة من الحياة اليومية لا سيما في ما يعنى بشأن التعلق بالأرض من خلال المشاريع التي كان يؤسس لها لترسيخ الوجود في المناطق الجنوبية وتحديدا قريته عين إبل هذا عدا عن المساعدات والأعمال التي كان يقدمها للأهالي.
إذا الرسالة هي أولا لحزب القوات الذي ينتمي إليه الحصروني وثانيا وهي الأهم عدم التجرؤ على تخطي قرارات وسياسة الحزب على الأرض والخضوع لسلطته الهمجية. وهذا كان أقرب إلى المستحيل بالنسبة إلى الحصروني وليس وحده. فأفراد عائلته واهالي البلدة أقسموا على قبر الحصروني بأنهم لن يتوقفوا عن المطالبة بالحقيقة ولن يسمحوا بأن يُطوى الملف على “المجهول” علما أن الحقيقة واضحة في عين الكاميرات التي التقطت كافة الصور والتفاصيل التي تشكل أدلة دامغة كما في يقين كل أبناء عين ابل والمناطق والقرى الخاضعة لسلطة الحزب.
خلال احياء ذكرى شهداء “القوات” أشار جعجع بالأدلة إلى ضلوع حزب الله في جريمة اغتيال الحصروني،لكن الإتهام يبقى سياسيا ومرتبط حصرا بالظروف الموضوعية كونه يُطبق على الأرض بشكل كلي مما يعني “أنهم ارتكبوا الجريمة بأنفسهم أو عبر مجرمين مقربين منهم بهدف تصفية الحصروني، وبالتالي لا يمكن ارتكاب عملية قتل معلوم سلفا أنها قد تشكل حساسية وتطال مسؤولا حزبيا من دون معرفة الحزب الذي يتباهى بضبطه للأرض في الجنوب”. وتضيف المصادر”في انتظار قرار مدعي عام التمييز باستكمال التحقيقات المطلوب تصويب الضغط على عويدات لعدم تخدير الملف ووضعه في براد ” جرائم الإغتيال الموقعة بأيادي حزبية” وكان آخرها قبل أن يسقط الحصروني جريمة اغتيال المفكر والكاتب لقمان سليم”.
قبل انقضاء 48 ساعة على حادثة إطلاق النار على السفارة الأميركية في عوكر كان الجاني في قبضة الأجهزة الأمنية وقد تم إلقاء القبض عليه في منطقة الكفاءات الخاضعة أيضا لنفوذ حزب الله.
مفارقة غريبة؟ فلنسلّم بقدرات وكفاءة الأجهزة الأمنية وشعبة المعلومات . لكن ماذا عن التحقيق في جريمة اغتيال الياس الحصروني؟ وهل سيسجل عويدات مفارقة قضائية في هذا الملف أو تصبح اللاعدالة عنوان الأمن الفلتان في لبنان؟
“ما حصل في الجنوب لا يرتبط حصرا بالعدالة أو بالبقعة الجغرافية التي اغتيل فيهاالحصروني، إنما بسبب غياب سيف الحق والعدالة. وهذا ما سيدفع قوى الأمر الواقع على إيصال رسائل لكل من يسبب لهم الإزعاج عن طريق “إزاحته” عن خارطة الأرض. وطالما “ما في عدالة”، الجرائم ستكمل وهذا ما يحثنا على المطالبة ورفع الصوت بضرورة المحاسبة ولو لمرة واحدة ولتكن هذه المرة من جريمة اغتيال الياس الحصروني في بنت جبيل لتنسحب على كل من سبقوه” تختم المصادر.
المركزية