الرئاسة رهينة “كاسر التوازن” و السلاح المعّطل… ولكن إلى متى؟

إذا كانت السياسة والديبلوماسية، هي انعكاس لموازين القوى الاقتصادية والمالية والعسكرية والتكنولوجية، فإنّ أي مقاربة لتفكيك اللغم الرئاسي اللبناني، يجب أن تنطلق من هذا الواقع، وغير ذلك تصبح السياسة «ترفاً فكرياً» يصلح للمذكَّرات لكنّه لا يصلح للعمل السياسي اليومي.

الجميع في لبنان، ديبلوماسيون و»بلديون»، يتحدثون عن الملف الرئاسي باعتباره شأناً داخلياً، هذا يعني الدخول في منطق «موازين القوى الداخلية» التي هي متقاربة، إلّا إذا أخذنا بعين الاعتبار سلاح «حزب الله»، «الكاسر» لموازين القوى، هذا السلاح الذي لا يملكه الفريق الآخر، هو الذي يعطِّل أن تكون انتخابات الرئاسة شأناً داخلياً:

هذا السلاح «الكاسر» لموازين القوى، هو الذي أبقى الشغور الرئاسي لسنتين ونصف السنة، بحجة «إمّا العماد ميشال عون أو لا احد». و»كاسر» موازين القوى هو الذي أحدث 7 أيار و»اتفاق الدوحة» والثلث المعطِّل في مجلس الوزراء. و»كاسر» موازين القوى هو الذي منع «الدورات المتتالية» لجلسات مجلس النواب حتى انتخاب رئيس بعد انتهاء ولاية العماد عون.

اليوم البلد أمام المعادلة التالية:

«كاسر» موازين القوى رفض رئيس حركة الاستقلال المرشح ميشال معوض، ثم مسؤول صندوق النقد الدولي في الشرق الاوسط المرشح جهاد ازعور، ويستمر متمسكاً بمرشحه رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية. اذا كان الاستحقاق «شأناً داخلياً»، وإذا كان الداخل غير متعادِل في «موازين القوى»، فإنّ الاستحقاق الرئاسي سينتظر إلى ما شاء الله. أمّا إذا تدخّل الخارج، وهذا ما كان يحصل، وسيحصل، فعندها يمكن القول إنّ الاستحقاق الرئاسي أُنزِل عن «شجرة التعطيل».

عملياً، تظهر على «شاشة البورصة الرئاسية» العلامات التالية:

تمسك ثنائي «حزب الله»- حركة «أمل» بمرشحهما سليمان فرنجية، لا يبدو صلباً كما كانت الحال عندما تمسك «حزب الله» بترشيح العماد ميشال عون بين أيار 2014 وتشرين الاول 2016. ولا يُعرَف عند أي لحظة يعتذر الثنائي من رئيس «تيار المرده»، كما اعتذر من العماد ميشال عون في الدوحة، حين «هبّت رياح» قائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان.

لا تتراجع قوى «التقاطع» عن ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ما لم يتراجع ثنائي «حزب الله»- «أمل» عن ترشيح سليمان فرنجية. اذا سارت هذه المعادلة، فهذا يعني «الالغاء المتبادل»، في هذه الحال، ماذا سيكون عليه موقف «حزب الله» الذي لا يستسيغ أن يظهر بمظهر المتراجع، وهو الذي درج منذ العام 2006 على القول إنه يسجّل «انتصارات» في كل المجالات، العسكرية والرئاسية والحكومية والنيابية والبلدية، فكيف يسلِّم اليوم بما يعتبره «هزيمة»؟

يحتاج «حزب الله» إلى أن يبلور مبادرة ذاتية من تلقاء نفسه، ظروف اليوم مختلفة عن تلك التي كانت سائدة في استحقاقي 2008 و2016، لم يعد بمقدوره ان يستخدم «سلاح الفيتو» في ظل التحولات في المنطقة والعالم: الترسيم البحري أنجِز، وبدأت مرحلة الحفر، والتفاوض عبر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على النقاط البرية المختلف عليها يُتوقّع أن يبدأ مع وصول هوكشتاين إلى المنطقة هذا الأسبوع. عربياً واقليمياً، الخطوط مفتوحة بين الرياض وطهران. هذه المعطيات هل يمكن أن تدفع «حزب الله» إلى إعادة التموضع؟ قد لا يكون الجواب مستبعداً، خصوصاً بعد ترنّح المبادرة الفرنسية «الراعي الدولي» لمرشح «حزب الله»، والذي باتت فرص وصوله شبه معدومة.

جان الفغالي

مقالات ذات صلة