هذا ما يتفق عليه “الكبار” حتى الساعة: واشنطن تتعامل مع الاستحقاقات على القطعة!
في عطلة نهاية الاسبوع، هدأت الجبهات السياسية الساخنة وانخفض منسوب التراشق الكلامي وتبادل الاتهامات والمسؤوليات عما آلت اليه اوضاع البلاد وقد لامست الخط الاحمر الامني مع الحوادث المتنقلة والمتكررة معطوفة على موجة النزوح السوري البالغة الخطورة، في حين يبقى ملف الاستحقاق الرئاسي بعيدا، لا بل متواريا خلف الانقسام العمودي على مستوى الداخل، وفي ظل انعدام الرؤية السياسية على المستوى الاقليمي -الدولي بسبب النزاعات المسلحة في المنطقة والانهماك بالملفات النووية وتلك المتصلة ببلوغ تسويات في المنطقة.
فعلى بركة الوساطات الدولية، ايا كانت هويتها او لونها، تعيش الساحة اللبنانية، تتقاذفها تارة مبادرة فرنسية وطورا مسعا قطريا، يختلط في تحديد فشلهما او نجاحهما عوامل داخلية واقليمية ودولية تتشابك مع بعضها، فتشكل مظلة امان، او حبل غليظ يخنق في المهد او على الطريق. كل ذلك وسط استنفار دبلوماسي تجنبا لترجمة ميدانية تدفع نحو الانفجار فالانهيار الشامل، وهو على الاقل ما يتفق عليه “الكبار” حتى الساعة، وان ظاهرا.
وغداة اجتماع الخماسي الدولي في نيويورك الذي لم يصدر عنه اي بيان تاركا الاستحقاق الرئاسي اللبناني في مهب الريح، في ظل حديث عن خلافات بين اعضائه، سيما بين الولايات المتحدة وقطر من جهة وفرنسا من جهة اخرى، لم تسجل اي حركة لبنانية رئاسية ناشطة في الداخل، الا ان بعض المواقف عكست المزاج السياسي لقوى اساسية، ابرزها فتح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الحرب علنا على قائد الجيش العماد جوزف عون بعدما بقيت حتى الامس القريب في الكواليس، منتقلا الى مربع المواجهة “عالمكشوف” مع اليرزة، من بوابة النزوح السوري هذه المرة، الذي لطالما حمّل وزره للحكومة الميقاتية.
في هذا الاطار تكشف مصادر معارضة عن وجود طرح بعد سقوط المبادرة الفرنسية يقضي بانسحاب الوزير السابق سليمان فرنجية من المعركة الرئاسية لمصلحة قائد الجيش العماد جوزف عون، مقابل مكاسب سياسية كبيرة، وهو امر، اذا ما تم، يصب في مصلحة انجاح احد مرشحي المبادرة القطرية. فهل يفعلها بيك زغرتا، فيسدد هدفا كبيرا في مرمى جبران باسيل الذي استعمل كل الاسلحة الممكنة لقطع الطريق امام رئيس تيار المردة للوصول الى بعبدا؟ وعليه ماذا سيكون موقف الثنائي الشيعي حينئذ؟ هل يسير بما كتب، ام يفضل ترك الاستحقاق معلقا بانتظار ما قد يطرأ على الصعيدين الاقليمي والدولي؟
اوساط في الثامن من آذار، ابدت تشاؤمها حيال الوضع القائم، كاشفة ان سيناريو انسحاب فرنجية لعبة مكشوفة ومردودة، معتبرة ان الأزمة الداخلية تزداد تعقيداً على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والامنية، مبدية اعتقادها ان المسعى القطري لن يكون مصيره بافضل حال من الفرنسي، فواشنطن على ما يبدو ما زالت مصرة على الاستمرار في سياستها التخريبية وفي المواجهة مع حارة حريك، غير آبهة بمصير الدولة اللبنانية ونتائج تلك الحرب التي تشنها.
ورأت الاوساط ان محور واشنطن يريد انجاز الاستحقاقات “عالقطعة” وليس سلة كاملة، عن سابق اصرار وتصميم، فهو يريد رئيساً من دون توافق، ما يعني حتما امتداد الأزمات والتعطيل الى ما بعد انتخابات رئاسة الجمهورية، اي الى مراحل التكليف والتأليف والبيان الوزاري وعمل الحكومة وجرّ لبنان الى ستّ سنوات من الصراعات والتحريض والتوتير، خاتمة بان الحل الوحيد المتاح حاليا والذي يشكل فرصة حقيقية للانقاذ في ظل التوازنات الحالية هو مبادرة عين التينة، والا فان الحلول مؤجلة الى ما بعد بعد بعد راس السنة.
ميشال نصر- الديار