هل تتحول “افادة سكن”السوريين إلى معركة: ما حقيقة الوثيقة؟

وسط حالة من التخبط والضياع التي تسود الحياة السياسية اللبنانية مع تعقيد أزمة الشغور الرئاسي، داخليًا واقليميًا، تتصدر قضية اللجوء السوري منابر السياسيين وخطاباتهم وعلى منصات التواصل الاجتماعي. وأضحى التعامل معها بوصفها أزمة لبنان المحورية والوجودية، بعدما بات واضحًا أن الحدود البرية غير الشرعية بين لبنان وسوريا خرجت عن السيطرة.

وفيما كانت الأنظار تتجه إلى حادثة إطلاق النار على السفارة الأمريكية في عوكر، وما أثارته من تحليلات حول أسبابها وخلفياتها في هذا التوقيت، اندلع سجال أمس حول انتشار صورة عن “إفادة سكن” لنازحة سورية حصلت عليها من قبل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR). لكن سرعان ما تبين أنها من ضمن “البروتوكول” المعمول به بين المفوضية والأمن العام منذ العام 2016.

ردود عنيفة
جرى تداول الوثيقة على نطاق واسع. ودخل نواب على خط التنديد، لما اعتبروه خرق المفوضية للسيادة اللبنانية. ويبدو أن انتشار هذه الوثيقة، وبمعزل عن قانونيتها، شكلت فرصة لتوجيه السهام السياسية. ومن أكثر المواقف اللافتة للانتباه، ما جاء على لسان نائب حزب الله إبراهيم الموسوي، الذي قال في تصريح تصعيدي غير مسبوق على لسان نواب الحزب: “مفوضية اللاجئين تعتدي على السيادة اللبنانية وتصدر إفادات سكن للنازحين السوريين.. يجب عدم الاكتفاء بإدانة هذا الانتهاك الخطير في حق البلد وأهله، المطلوب اتخاذ إجراءات فورية في حق المفوضية لردعها، وكذلك المبادرة الجدية إلى قرار سيادي رسمي وطني عام لوقف تدفق النازحين والبدء بإعادتهم”.

كما قال نائب حزب القوات اللبنانية رازي الحاج بأن “أحكام مذكرة التفاهم تاريخ 9 أيلول 2003 حول التعامل مع المتقدمين بطلبات اللجوء إلى مكتب المفوضية، لا تخول الأخيرة إصدار وإعطاء إفادات سكن”.
أضاف: “يعتبر إصدار هكذا مستندات تعدٍّ صارخ على القانون والسيادة الوطنية، ولهذا السبب تواصلت مع وزير الداخلية بسام المولوي ومدير عام الأمن العام اللواء إلياس البيسري طالبًا منهم أخذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص..”.

ما حقيقة الوثيقة؟
عمليًا، تشير معلومات “المدن” إلى أنه يتم إصدار افادات السكن من قبل المفوضية منذ عام 2016 بهدف تجديد إقامة اللاجئين المسجلين لديها. كما لا يمكن قراءة رموز QR التي تظهر أعلى الإفادة إلا من قبل الأمن العام اللبناني وليس من قبل أي جهة أخرى، وذلك للتحقق من صحة المعلومات المذكورة في الإفادة.

كما علقت المفوضية بالقول بأن إفادة السكن وثيقة أساسية للاجئين ليتمكنوا من الحصول على إقامة قانونية في لبنان، وحتى يتمكنوا بعد ذلك من الاستفادة من الخدمات الأساسية، كتسجيل أطفالهم في المدرسة. وبحسب الاتفاقية مع السلطات اللبنانية، وبدعم منها، تؤمن المفوضية إفادة السكن هذه للاجئين المسجلين لها.

وعليه، فإن صدور إفادات سكن دورية للسوريين، ولمدة عام واحد مقرونة بتجديد إقامتهم، روتين قائم كجزء من البروتوكول بين المفوضية والأمن العام منذ العام 2016 لتنظيم حصول اللاجئين المسجلين على إقامات قانونية. وتهدف أيضا لضبط الوضع القانوني لأولئك الذين وصلوا إلى البلاد بين عامي 2011 و2015، تاريخ توقف المفوضية عن تسجيل اللاجئين بطلب من الدولة اللبنانية.

معركة مع المفوضية؟
بعدما بدا أن المجتمع الدولي لم يعد يتعامل مع نداءات لبنان الرسمي بملف اللاجئين السوريين كما السابق، في ظل تراجع حجم المساعدات الأممية والتي سبق أن هدر الكثير منها في لبنان، يرى محللون أن المرحلة القادمة قد تشهد تصعيدًا موجهًا في السياسة ضد المفوضية نفسها، خصوصًا مع دخول حزب الله على الخط. ذلك أن لبنان الذي ما زال عاجزًا عن صوغ تفاهم ثنائي مع النظام السوري الذي لا يبدي رغبة صريحة بعودة السوريين، تفشل مساعيه أيضًا في استجداء المجتمع الدولي، وهو ما انعكس بشكل التعامل مع خطاب رئيس حكومة تصريف أعمال نجيب ميقاتي في نيويورك. ويتساءل البعض: هل أضحى الهجوم المباشر على المفوضية من الأوراق السياسية الأخيرة لضغط لبنان على المجتمع الدولي، ولتضليل الرأي العام عن أصل الأزمة ومسبباتها وفي طليعتها أزمة الشغور الرئاسي؟

في هذا الوقت، تستمر حالة الانفلات على عشرات النقاط من المعابر البرية غير الشرعية بين لبنان وسوريا، حيث يدخل عبرها مئات السوريين يوميًا، وتحديدًا في منطقة وادي خالد شمالًا، عبر سماسرة ومهربين وشبكات لكبار المهربين بين البلدين.

أعلنت مديرية التوجيه، أنه “في إطار مكافحة تهريب الأشخاص والتسلل غير الشرعي عبر الحدود البريّة، أحبطت وحدات من الجيش، بتواريخ مختلفة خلال الأسبوع الحالي، محاولة تسلل نحو 1000 سوري عند الحدود اللبنانية – السورية”.

غير أن هذا الرقم لا يعكس واقع الأعداد الفعلية للسوريين الذين يدخل لبنان يوميًا خلسة.

وواصل  أيضًا، وزير الخارجية والمغتربين عبدا لله بوحبيب مشاركته في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، حيث التقى وزير خارجية قبرص كوستانتينوس كومبوس، للبحث بقضية معالجة النزوح السوري. كما اجتمع مع وزير خارجية سوريا بسام الصباغ، وتم التباحث في التحضيرات لزيارته المزمع إجراؤها الى سوريا لمناقشة هذا الملف.

جنى الدهيبي- المدن

مقالات ذات صلة