«خريطة طريق» لتحرك لودريان في المرحلة المقبلة… وقطر والإشتراكي!
قبل أن يغادر الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بيروت الأسبوع الماضي، أبلغ آخر من التقاهم أنه سيعود بعد تقويم لحصيلة زيارته وإثر إجراء اتصالات مع الدول المعنية بلبنان من أجل وضع «خريطة طريق» لتحركه في المرحلة المقبلة، بهدف الخروج من الانسداد السياسي الذي يحول دون إنهاء الفراغ الرئاسي.
في انتظار كشف حقيقة ما تناولته الدول الخمس المتابعة للشأن اللبناني في نيويورك، وما إذا كانت أسعفت لودريان في وضع ما سماه خريطة الطريق لتحركه المقبل، خصوصاً أنه وعد بالعودة الشهر المقبل من أجل إجراء لقاءات ثنائية مع الفرقاء المعنيين، سيملأ الفراغ في انتظار عودته، نوعان من التحرك في الملف الرئاسي، يمكن للودريان أن يبني على حصيلتهما إذا أثمرا نتائج ملموسة، هما:
1- جولة الاستطلاع التمهيدية التي سيقوم بها الموفد القطري أبو فهد جاسم آل ثاني، للقاء سائر الفرقاء واستطلاع الجديد عندهم لا سيما في شأن استعدادهم للبحث عن مرشح التسوية الثالث، رغم رفض فريق الممانعة التخلي عن دعمه ترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية. وهذه الجولة ستمهّد حسب بعض الأوساط النيابية لزيارة يقوم بها الشهر المقبل وزير الدولة للشؤون الخارجية في قطر محمد بن عبد العزيز لخليفي. فالأخير سبق أن طرح على الفرقاء اللبنانيين فكرة دعم ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون كخيار ثالث غير فرنجية وجهاد أزعور، في زيارة سابقة.
2- التحرك الداخلي من قبل بعض الفرقاء، ومنهم «اللقاء الديموقراطي»، الذي كرر في بيانه الأخير الدعوة إلى الحوار «لانتخاب رئيس جديد للجمهورية لا يشكّل تحدّياً لأحد»، أي بالسعي إلى تسوية بين قوى المعارضة وقوى الممانعة وتوافق على ما يوصف بالخيار الثالث حالياً. ومن المبادرات المحلية في هذا السياق التحرك الذي يقوم به النائب غسان سكاف.
في وقت كان رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» السابق وليد جنبلاط أول من طرح هذا التوجه في أوائل شهر آب 2022، قبل شهرين ونيف من حلول الفراغ الرئاسي، في حواره مع «حزب الله»، فإنه لم يلقَ استجابة من الأخير لأنّ «الثنائي الشيعي» كان يضمر الإصرار على ترشيح فرنجية، الذي عاد لاحقاً فأعلن دعمه له. لا يستبعد بعض الأوساط أن تتكرر محاولة «اللقاء الديموقراطي» مجدداً، وصولاً إلى هذا الهدف، لكن هذه المرة من زاوية الدعوة إلى الحوار وصولاً إلى هذا الخيار.
وتتحدث مصادر نيابية في «اللقاء الديموقراطي» عن إمكان القيام بمسعى في هذا الصدد بالاستناد إلى إبداء قيادات في المعارضة، مثل رئيس «الكتائب» سامي الجميل ونواب آخرين بينهم من تكتل «الجمهورية القوية» ونواب تغييريين، كانوا زاروا النائب تيمور جنبلاط مطلع أيلول، رغبة في أن يلعب نواب «الاشتراكي» دوراً في تقريب وجهات النظر في شأن صيغة الحوار التي دعا إليها الرئيس نبيه بري، نظراً إلى العلاقة الجيدة التي تربط القيادة الجنبلاطية به.
وكان «اللقاء الديموقراطي» قام بجهد حول «الوصفة» الفضلى لصيغة الحوار أثناء زيارة لودريان الأخيرة، عبر التواصل مع «القوات اللبنانية» لمعالجة ملاحظاتها وتحفظاتها على الحوار وبين الجانب الفرنسي، على أن يستكمل هذا الدور بناء على حصيلة ما توصل إليه الموفد الرئاسي الفرنسي.
هل يساهم التحرك القطري وإمكان مبادرة «اللقاء الديموقراطي» بوساطة ما في بلورة التحرك الخارجي ريثما يعود لودريان؟
ثمة من يعتقد أنّ هذا النوع من الجهود لا بد أن يحصل، على الأقل في ظل ما يحكى عن محدودية التوافق داخل اللجنة السداسية، رغم وجود القناعة بأن لا اختراق في الملف الرئاسي إلا باتفاق خارجي ولا سيما بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، لأنّ التعثر الداخلي في هذا الاستحقاق الداخلي هو انعكاس للصراعات بين الفرقاء الخارجيين، في وقت لم يعد بإمكان الوضع اللبناني أن يحتمل المزيد من التأزم.
وليد شقير