هذه هي مهمّة “أبو فهد” في بيروت … لأن الانفجار المقبل لن يرحم طائفة ولا حزباً!
ضغط دوليّ في تشرين: قطر مصرّة على استكشاف المخارج
حدثان عنونا المشهد السياسي في الساعات الأخيرة. الأوّل هو إطلاق النار على السفارة الأميركية في عوكر واكتفاء السفارة بتعليق مقتضب لوكالتَي رويترز والصحافة الفرنسية بانتظار استكمال التحقيقات. والثاني هو وصول الموفد القطري جاسم بن فهد آل ثاني (أبو فهد) إلى بيروت لاستكمال المسعى القطري الذي طال الكلام عنه في الأشهر الماضية. وبانتظار معرفة حقيقة حادثة إطلاق النار، لا بدّ من مراقبة القطار القطري الذي انطلق في مهمّة استكشاف الحلّ الرئاسي انطلاقاً من ثوابت اللجنة الخماسية على الرغم من خلافاتها.
من نيويورك إلى بيروت: مسعيان لقطر
انقسمت اللجنة الخماسية إلى أربع دول مقابل فرنسا التي تتمسّك بورقة الحوار في إخراج الحلّ الرئاسي، بينما وضعت الولايات المتحدة الأميركية سقفاً زمنياً محدّداً لإنجاز الاستحقاق على أن يرأس أيّ حوار مقبل رئيس الجمهورية المنتخب.
تتحدّث مصادر دبلوماسية عن عدم قدرة فرنسا على مواجهة الرباعية الدولية في مقاربة الملفّ اللبناني الذي سيوضع على نار حامية في شهر تشرين المقبل. غير أنّ ذلك لا يمنع وجود أزمة داخلية بين القوى السياسية اللبنانية تحتاج إلى معالجة ستعمل قطر على تنظيمها مكلّفة من اللجنة بعد اجتماعها الأخير في نيويورك، بالإضافة إلى تشاور ثنائي تقوم به لإيجاد قواسم مشتركة في زمن الخلافات بين أعضاء اللجنة الخماسية نفسها.
يعكس انقسام اللجنة الخماسية على مبدأ الحوار انقسام القوى الداخلية على الحوار نفسه. فرنسا تدفع باتجاه الحوار برئاسة الرئيس برّي من جهة، والولايات المتحدة الأميركية والسعودية تفضّلان إجراء حوار برئاسة رئيس الجمهورية المقبل والاكتفاء بإجراء مشاورات حالياً من جهة ثانية.
في الداخل، يدفع الثنائي باتجاه الحوار ممرّاً للتوافق، بينما ترى فيه المعارضة طريقاً لتفخيخها وانقسامها لإعادة طرح مرشّح الثنائي سليمان فرنجية.
في الخلاصة، تتحدّث مصادر دبلوماسية مواكبة لأعمال اللجنة الخماسية عن أنّ “الاختلاف لا الخلاف” في مقاربة الرئاسة اللبنانية لن يوثّر على المسار القطري المدعوم أميركياً وسعودياً الذي “دخل مرحلة تأمين فرص استكشاف الاتفاق على رئيس”.
الخليفي في بيروت بعد “أبو فهد”
مهمّة “أبو فهد” في بيروت هي إعداد الأرضية بين القوى السياسية تمهيداً لزيارة سيقوم بها وزير الدولة القطري للشؤون الخارجية محمد الخليفي. وعليه ستزدحم الكواليس السياسية باللقاءات عسى أن تؤدّي إلى رؤية مشتركة للانتخاب في ظلّ الانقسام على مبدأ الحوار، ولا سيما بعد موقف البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الداعي إلى “عدم هدر الوقت”. في مقابل المسعى الدولي، شكّلت المواقف المحلّية إشكالية في الساعات الأخيرة، ولا سيما تلك الصادرة عن الرئيس نبيه برّي التي رحّب فيها بمساعدة الخارج في انتخاب رئيس لكن ليس فرضه، وعن الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي انتقد السعودية بالقول: “لتقُل لنا ماذا تريد السعودية”. الجواب ببساطة بحسب مصادر دبلوماسية أنّ الردّ سيأتي قريباً للرئيس برّي من الجهة القطرية أو من الأميركيين مباشرة، والردّ على جنبلاط هو في كلّ بيانات اللجان الخماسية، وتحديداً في البيان الأخير الذي شدّد على ضرورة احترام الدستور وانتخاب رئيس بأسرع وقت من دون هدر الوقت بحوار قد يهدّد “الطائف”.
سيبلغ الضغط الدولي ذروته في الأيام المقبلة لإنجاز الاستحقاق بعد دخول أميركي مباشر على الملفّ. تتحدّث مصادر دبلوماسية عن نضوج الاتفاق الإقليمي مع إيران والحزب على تسوية لبنانية تأتي بـ “خيار ثالث” لرئاسة الجمهورية، في وقت أدركت القوى اللبنانية أنّها في سباق مع الانهيار، وأنّ الانفجار المقبل لن يرحم طائفة ولا حزباً. في جعبة القطري لائحة أسماء ستجد القوى اللبنانية نفسها مجبرة على الاختيار والتوافق، تماماً كما فعلت استجابة لقطر في اتفاق الدوحة. فقطر منذ ذلك الحين تعرف داء الطبقة السياسية اللبنانية وتعرف دواءها. فهل تنجح قطر في مسعاها مع اللبنانيين كما سبق أن فعلت في الدوحة قبل سنوات؟ لا يبدو الجواب بعيداً جدّاً.
جوزفين ديب- اساس