عزام الأحمد: تفاوضت مع القتلى!
اعتبر عضو اللجنتين التنفيذية لمنظمة “التحرير الفلسطينية” والمركزية لحركة “فتح” المشرف على الساحة اللبنانية عزام الاحمد، في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” ان الادوات التي استعملت في اغتيال العميد أبو أشرف العرموشي (أحد قياديي الحركة في مخيم عين الحلوة) وتوتير المخيم هي على مستوى اجهزة دول متداخلة، والهدف الاساسي هو تدمير المخيم.
وشدد على ان تحركنا لمعالجة الوضع في عين الحلوة لا يعتبر تدخلا في الشؤون اللبنانية، مؤكدا ان الدولة اللبنانية هي صاحبة السيادة على كافة المخيمات المتواجدة على ارضها، لافتا الى ان اراضي المخيمات هي اراضٍ لبنانية والسيادة للبنان والمخيمات تحت القانون، فهذا هو مبدأنا منذ سنوات عدة، قائلا: نحن مستعدون كي يدخل اليها الجيش اللبناني فيكون هو المسؤول عن امنها، لكننا لن نتركها للفارغ، علما اننا لا نقوم باي حركة الا من خلال التنسيق مع الجيش اللبناني واجهزة الامن اللبنانية المعنية.
وردا على سؤال، نفى الاحمد تأليف اي لجنة جديدة، مشيرا الى ان منظمة التحرير الفلسطينية هي المسؤول الاول عن ادارة ملفات المخيمات الفلسطينية و من ابرزها عين الحلوة، موضحا ان التشكيلات تحدد وفق طبيعة كل مخيم، اللجان التي تشكل تضم ممثلين عن كل القوى وفصائل منظمة التحرير وفصائل التحالف وحتى التنظيمات المحلية في اي مخيم من اجل متابعة همومه ومعالجة اي قضية، علما ان القوة الامنية المشتركة هي التي تقوم بالاجراءات على الارض لناحية فرض الامن داخل المخيم بمساعدة قوة ضاربة تابعة لمنظمة التحرير.
وفي سياق متصل، شدد الاحمد على انه من حق ابناء المنطقة المحيطة بمخيم عين الحلوة ان يرتاحوا امنيا واقتصاديا، لا سيما بعد الاشتباكات الاخيرة التي طالت للمرة الاولى مدينة صيدا ومحيطها، حتى وصلت الوقاحة ان طالت الاشتباكات آليات الجيش الامر الذي ادى الى اصابة خمسة جنود… مستطردا الى القول: هذا ما يدل على وجود مؤامرة كبيرة.
وما الهدف من تلك الاشتباكات؟ رأى الاحمد ان ما يدور في جنين هو امتداد لما يدور في عين الحلوة والعكس صحيح ايضا، لان المؤامرة تستهدف تصفية القضية الفلسطينية وقد بدأت منذ اعلان صفقة القرن في مطلع العام 2020.
وفي هذا الاطار، شدد على ان فتح تقود منظمة التحرير التي هي الممثل الشرعي لرعاية الشعب الفلسطيني، حتى الاميركيين يؤيدون هذه المسألة بعدما ايدوا قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 67/19 الذي منح فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة على ان تمثلها منظمة التحرير، في المقابل حماس منذ ان تأسست بعد ربع قرن على انطلاق القضية الفلسطينية تطرح نفسها كبديل عن منظمة التحرير وتريد الحصول على هذا الموقع بالقوة انطلاقا من عقلية الاخوان المسلمين، علما ان حماس لاقت من يدعمها وان كانت لا تلتقي معهم عقائديا، اذ ما هو القاسم المشترك بين ايران وحماس؟ في الواقع هناك مصالح مشتركة خصوصا وان لدى ايران مصالح مشتركة في كل المنطقة العربية وتستعمل حماس لتحقيق بعض الغايات، وليس خفيا ان ايران تريد ان تستخدم الاوراق الفلسطينية والعربية لتعزيز وضعها امام الولايات المتحدة واوروبا… لذا لن تحصل اي حرب بين ايران من جهة وبين اسرائيل او الولايات المتحدة من جهة اخرى.
وبالعودة الى عين الحلوة، اكد الاحمد ان الذين اغتالوا العرموشي باتوا معروفين بدقة وبالاسماء، وقال: القاعدة الثابتة في التعاطي مع اي حادث امني، ان اي فلسطيني في لبنان هو تحت القانون اللبناني حتى ولو ارتكب الجريمة بحق فتح، مذكرا ان قيادة الحركة عندما تلقي القبض على اي متهم تسلمه الى السلطات اللبنانية التي تحاكمه وما زال في السجون اللبنانية العديد من هؤلاء سواء في قضايا جنائية او قضايا ذات بعد سياسي.
وردا على سؤال حول تجدد الاشتباكات في عين الحلوة بعد هدوء استمر نحو 38 يوما، قال الاحمد: بعد ايام على اغتيال العرموشي اتفقنا مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على وقف اطلاق النار وتشكيل لجنة تحقيق وعودة المهجرين الى المخيم وتسليم المطلوبين.
واضاف: هذه القرارات تم التأكيد عليها مجددا خلال لقاء لهيئة العمل الفلسطيني المشترك مع ممثلين عن حركة امل والنائب اسامة سعد. وقد صمد الهدوء ٣٨ يوما، حيث اعدت لجنة التحقيق تقريرا وسلمته الى المعنيين وسمت فيه المرتكبين بالاسم، وبعد ذلك قامت الدولة اللبنانية من خلال رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني باسل الحسن بمفاوضات مع “القتلة”.
واشار الاحمد الى انه حين التقى الحسن سأله عما اذا كان قد اجتمع بالمرتكبين فنفى موضحا انه التقى بـ”عصبة الانصار”.
وتابع الاحمد: سألته ايضا كيف وصل اليها وزعيمها محكوم عليه بالاعدام في لبنان، فكان جوابه: “ذهبت اليهم برفقة حماس والدولة سمحت لي”. علما انه حين يفاوضون على تسليم المرتكبين وعلى نقاط محددة، فهذا يعني ان لديهم استعداد لحل الموضوع.
وكشف الاحمد، نقلا عن الحسن ان شرطهم “الا يعذبوا” وان تكون الاحكام مخففة، كما سألوا عمن يرعى عائلاتهم، فحاول الحسن طمأنتهم ان هذا الوضع سيعالج من خلال رواتب تخصص لتلك العائلات عبر الانروا.
وهنا تدخل الاحمد موضحا ان الانروا لا تدخل بهكذا ملفات، فكان رد الحسن انه تم ترتيب الدفع من خلال سفيرة احدى الدول الكُبرى.
اما بالنسبة الى الجولة الثانية من الاشتباكات، فاشار الاحمد الى ان اطرافا عديدة شاركت فيها، وحماس لم تكن بعيدة. رغم اننا قبل ١٢ ساعة (في 12 الجاري) من تجدد المعارك عقدت اجتماعا في السفارة الفلسطينية مع نائب رئيس حركة حماس في الخارج موسى ابو مرزوق و أمين سر حركة “فتح” وأمين سر فصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات لمعالجة الوضع في عين الحلوة، واصدرنا بيانا مشتركا وتبنينا نفس المطالب التي صدرت في الاجتماع مع هيئة العمل والرئيس ميقاتي.
واضاف: لكن ما لفت انتباهي هو اطلالة احد قياديي حماس عبر قناة الميادين، وحينها استخدم الصحافي الذي اجرى المقابلة توصيف الارهابيين والقتلة، فتم وقفه عن العمل وما زال متوقفا لغاية اليوم، صحيح ان هذا حدث صغير لكنه يعطي دلالات كبيرة.
وعلى اي حال وبالعودة الى الاشتباكات، لفت الاحمد انه في اليوم التالي للاجتماع في السفارة كتب تغريدة موسى ابو مرزوق على وقع اشتعال المعارك في عين الحلوة وتحديدا في الاحياء التي يتواجد فيها عناصر عصبة الانصار وحماس.
وقال: لم ايأس بل وجهت رسالة الى عصبة الانصار وأخذت موافقة الجيش للاجتماع بوفد من عصبة الانصار الذي اكد انه الى جانب منظمة التحرير وجزء منها، واذا اخطأت قوى معينة او شخص معين فيتم تصحيح الخطأ، اما اذا كان لا امكانية للتصحيح فيتم تحييده.
وعلى وقع تلك التطورات، ابدى الاحمد استغرابه لمغادرة ابو مرزوق لبنان فجأة فجر السبت، الامر الذي يفتح المجال امام عدة تساؤلات، منها ما هو مصير التعهد بتسيلم القتلة الذي اعلنه بنفسه؟ هل الامر مناورة للاستهلاك المحلي؟ هل كان هدف وجده في لبنان فقط معالجة الاشتباكات في عين الحلوة ام هناك غاية اخرى.
واضاف: عندما يتعهدون يعني ان هناك ارتباطا مع جهات معينة، اما بالنسبة الينا فلن تنتهي المشكلة الا بتسليم الفاعلين الى الدولة اللبنانية والقضاء اللبناني ليأخذوا جزاءهم.
الى ذلك، امل الاحمد معالجة الامر بشكل تام باقصى سرعة ممكنة، حتى نفشّل مؤامرة تدمير المخيم كونه عنوان اللاجئين الفلسطينيين، مذكرا ان هناك تنافس “لحكم عين الحلوة” لان من يحكمه يمسك بالقرار السياسي بابعاده المختلفة من العودة حتى انهاء الاحتلال.
وختم الاحمد كاشفا ان احد المطلوبين من قتلة العرموشي (يدعى عز الدين ضبايا) ما زال يعالج في المستشفى والجيش اللبناني يتابع حالته بدقة كي يبقى حيا كشاهد ومشارك في الجريمة.