عند حضور الأصيل ما نفع الوكيل…والأصيل في لبنان ليس فرنسياً؟
على الرغم من الضربات التي كانت قد تعرضت لها مبادرتها، يبدو أن باريس لا تزال مصرة على الاستمرار في المشهد اللبناني، الأمر الذي ترجم بإعلان موفدها الرئاسي جان إيف لودريان، في ختام زيارته الثالثة إلى بيروت، بأنه عائد في زيارة رابعة نهاية الشهر الحالي، أو ربما بحسب المعلومات في شهر تشرين الأول.
إنطلاقاً من ذلك، تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول إصرار باريس على الاستمرار بهذا المسار، بعد كل ما تعرضت له في الفترة الماضية من خيبات متتالية، الأمر الذي لا يمكن أن ينفصل عن مصالحها بالحفاظ على حضورها في هذه الرقعة الجغرافية على البحر المتوسط، في ظل التراجع الذي كانت قد شهدته في العديد من الساحات الأخرى، من دون تجاهل دورها الأساسي في ملف التنقيب عن الغاز في البحر اللبناني.
أما بالنسبة إلى الرهانات، فيبدو أن باريس تعقد، كما اللبنانيين، الكثير من الآمال على اجتماع ممثلي اللجنة الخماسية في نيويورك، حيث ترى أنه من الممكن ان يفتح الباب أمام مرحلة جديدة، نظراً إلى أنها باتت تدرك جيداً أنها عاجزة عن احداث أي تحول نوعي وحدها، وهو ما دفعها إلى السعي إلى تحسين موقعها في الداخل اللبناني، عبر إسماع لودريان كل فريق ما يحب أن يسمعه في جولته الماضية، بعد أن تحوّلت فرنسا بنظر محبيها في لبنان الى طرف يقف الى جانب محور الممانعة، الذي تعرضت علاقته بفرنسا مؤخراً الى ضربات قاسية بعد خلافات باريس وطهران.
أمام هذا الواقع، من المفترض السؤال عن الأسباب التي قد تدفع اللاعبين الإقليميين والدوليين إلى منح فرنسا لبنان كجائزة، طالما هؤلاء اللاعبين حاضرين على أرض الواقع، كما أن قنوات الاتصال فيما بينهم مفتوحة، وبالتالي ليس هناك ما يجبرهم على تقديم تنازلات إلى باريس، الأمر الذي يقود إلى اعتبار أن باريس هي من يبحث عن شكل تدخل للحفاظ على دورها، وباتت تراهن في هذا المجال على التطورات الخارجية، تماماً كما هو حال الأفرقاء اللبنانيين.
هذا هو السؤال الجوهري بالنسبة الى التدخل الفرنسي، إذ تشير مصادر سياسية متابعة الى أن ليس هناك ما يجعل الدول القوية في لبنان، كالسعودية وإيران والولايات المتحدة الأميركية، تقدّم إنجازاً الى الفرنسيين في الساحة اللبنانية، خاصة بعد أن عادت هذه القوى الثلاثة الى التقارب، الذي لا شك سينعكس إيجاباً على لبنان كلما تقدمت العلاقات خطوات الى الأمام.
وترى المصادر أن التقارب الايراني – السعودي الذي ظهر من خلال الزيارة الرسمية الأولى للحوثيين الى المملكة، والتواصل الإيراني – الأميركي برعاية ووساطة قطرية، سيصعّبان على الفرنسيين حركتهم في لبنان، وهذا ما كانت تدركه فرنسا جيداً عندما تم توقيع الاتفاق السعودي – الإيراني في بكين، فاليوم ليست علاقة فرنسا بالأطراف الاقليمية والدولية المؤثرة في لبنان جيدة، ولا علاقة هذه الدول ببعضها البعض سيئة كي يبرز الدور الفرنسي.
ليست أسباب نجاح الفرنسيين في لبنان غير متوفرة وحسب، بل يمكن القول اليوم بحسب المصادر أن أسباب فشلهم قائمة بقوة، فعند حضور الأصيل ما الداعي لوجود الوكيل؟ والأصيل في لبنان ليس فرنسياً.
محمد علوش- الديار