لبنان يحمل إلى الأمم المتحدة ملف النازحين

تبدأ اليوم اجتماعات الهيئة العامة للأمم المتحدة في نيويورك في دورتها الـ78. ولبنان يشارك في هذه الاجتماعات إلى جانب الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة، ويترأس الوفد اللبناني رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وفي ظل فراغ بموقع رئاسة الجمهورية منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ويشارك في الوفد وزير الخارجية عبدالله بوحبيب. وكان ميقاتي قد ترأس وفد لبنان العام الماضي أيضاً بعد قرار مفاجئ لرئيس الجمهورية السابق ميشال عون قضى بعدم السفر لأسباب قيل حينها إن لها علاقة بنصائح طبية دعته إلى عدم إرهاق نفسه بالسفر الطويل.

ويشارك ميقاتي مع رؤساء الدول والحكومات في مؤتمر القمة الخاص بأهداف التنمية المستدامة ويلقي كلمة لبنان للعام الثاني على التوالي، علماً أن موعد اعتلائه المنبر الأممي لم يحدد بعد فيما يرجح أن يكون الخميس، وفق ما أكدت أوساط حكومية لـ”اندبندنت عربية”.

ويتطرق رئيس الحكومة في كلمته إلى عناوين ثلاثة يعتبر أنها أعاقت حكومته في معالجة الأزمة في لبنان. العنوان الأول الشغور في موقع رئاسة الجمهورية لأنه مقدمة أساسية لأي حل للأزمة اللبنانية، والعنوان الثاني ضرورة استئناف التشريع في مجلس النواب لإقرار القوانين المتعلقة بالإصلاحات التي حددها صندوق النقد الدولي، أما الثالث فسيكون ملف النازحين السوريين والأعباء المترتبة على لبنان جراء هذا النزوح وضرورة إيجاد حل سريع لهذه المشكلة لأن لبنان لم يعد يحتمل. وهو سيخصص لملف النازحين السوريين بحسب ما علمت “اندبندنت عربية” القسم الأكبر من خطابه في الأمم المتحدة.

ومن المتوقع أن يكرر ميقاتي التزام لبنان بالقرارات الدولية والمطالبة باستمرار دعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة وسيعرج على مسألة التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان التي شكل نص قرارها مادة خلاف مع مجلس الأمن.

وعلى عكس خطابه في الدورة الـ77، الذي بشر خلاله ميقاتي آنذاك باقتراب وصول ملف ترسيم الحدود البحرية إلى خواتيمه، فإن كلمته هذا العام لن تتناول مسألة الحدود البرية الموضوعة على نار حامية منذ زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الأخيرة إلى بيروت. وكشفت المصادر الحكومية عن أن قراراً بعدم التطرق إلى هذا الملف حالياً قد اتخذ، وأن الملف لا يزال في بداياته.

لبنان يعول على اللقاءات الجانبية

من المعلوم أن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تأسست عام 1945 هي أحد الأجهزة الرئيسة في منظمة الأمم المتحدة لصنع السياسة العامة، ويحصر دورها بتقديم توصيات إلى الدول الأعضاء في شأن المسائل الدولية التي تدخل في نطاق اختصاصها.

نادراً ما تتخذ الجمعية العامة قرارات في دوراتها التي تتكرر في سبتمبر (أيلول) من كل عام، من ثم لا يعول على اجتماعاتها وما قد يصدر عنها، بقدر ما يتم التركيز من قبل رؤساء الوفود المشاركة، على اللقاءات الجانبية التي تعقد على هامش الجمعية العامة، والتي تكون لها دلالات في السياسة العامة.

فعلى هامش الدورة الـ78 يعقد الثلاثاء في نيويورك الاجتماع الثالث للمجموعة الخماسية المكلفة الملف اللبناني، والتي تضم (أميركا وفرنسا والسعودية وقطر ومصر) وينعقد للمرة الأولى بحسب مصادر دبلوماسية على مستوى وزراء الخارجية، ويتوقع أن يصدر بيان مهم في ختامه، قد يحدد المسار الذي سيسلكه الاستحقاق الرئاسي في الأسابيع القادمة.

ويتطلع لبنان في هذا السياق إلى اجتماعات الجمعية العامة لإبقاء لبنان على الأجندة الدولية، وكفرصة ليلتقي خلالها كل من ميقاتي وبوحبيب بأكبر عدد ممكن من المسؤولين، سواء من خلال اللقاءات الثنائية أو خلال الاحتفالات التي تجري على هامش الجمعية العامة بعناوين متنوعة وتكون مناسبة أيضاً يلتقي فيها رؤساء الوفود ومعاونوهم.

وأكدت مصادر حكومية لـ”اندبندنت عربية” أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي سيعقد سلسلة اجتماعات ولقاءات وفق مواعيد تم تحديدها مسبقاً، إضافة إلى اجتماعات يجري العمل على تثبيتها، وينشط مستشاروه لتأمين أكبر عدد من اللقاءات مع رؤساء الدول والوفود المعنية بالملف اللبناني. من جهته بدأ فريق عمل وزير الخارجية أيضاً بالإعداد لجدول لقاءات ثنائية لبوحبيب مع عدد من نظرائه.

ثلاثة عناوين

وتكتسب مشاركة الدول في اجتماعات الجمعية العامة أهمية أيضاً لناحية الخطاب الذي سيلقيه رئيس كل دولة، خصوصاً الدول الفاعلة والمرتبطة بالملفات الساخنة والحساسة. ومن المرات النادرة التي حظي بها خطاب رئيس لبنان باهتمام الدول المشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة كانت عام 1974 عندما أعلن الرئيس الأسبق سليمان فرنجية باسم 19 دولة عربية أعضاء في منظمة الأمم المتحدة، أولوية قضية فلسطين عند العرب وأحقيتها.

ويترقب الجميع خطابات الدول الكبيرة وما ستتضمنه من مواقف مهمة. وكشف مصدر دبلوماسي أن لبنان يحمل معه إلى نيويورك ثلاثة عناوين أساسية مرتبطة بأوضاعه الداخلية، أما إقليمياً فيتوقع أن يعبر الوفد اللبناني عن ارتياحه للاتفاق السعودي – الإيراني وأهمية عودة سوريا إلى الجامعة العربية، من زاوية فتح باب لإيجاد حلول لقضية النازحين السوريين، كما سيشدد كل من ميقاتي وبوحبيب في لقاءاتهما على ضرورة تمويل وكالة “أونروا” المعنية باللاجئين الفلسطينيين.

هل يحضر ملف الحدود البرية؟

تبدي الولايات المتحدة الأميركية اهتماماً بالغاً بملف الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل وقد أعلن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين استعداد بلاده للمساعدة في معالجة هذا الملف على غرار ترسيم الحدود البحرية.

وعلى رغم تأكيد مصادر ميقاتي أن الملف لن يطرح في نيويورك، وأنه لا يزال في بداياته، لا يستبعد كثيرون أن يثار هذا الموضوع في الأروقة الدبلوماسية وفي بعض اللقاءات الثنائية.

وقد برزت سلسلة تطورات في الأسابيع الماضية عكست حماسة إسرائيلية لمعالجة المسألة قابلها تريث لبناني. وعقد الثلاثاء الماضي اجتماع في مقر قيادة “يونيفيل” بجنوب لبنان، برئاسة قائد قوة الأمم المتحدة أرولدو لاثارو ومشاركة وفد من ضباط الجيش اللبناني ووفد عن الجانب الإسرائيلي، بحث بالنقاط البرية العالقة مع لبنان بما فيها نقطة “B1” في رأس الناقورة.

وفي حين أكدت مصادر مقربة من قيادة الجيش أن الاجتماع الثلاثي يحصل بشكل دوري وأن البحث بالنقاط الحدودية الـ13 يحصل في كل اجتماع، نفت قيادة الجيش في بيان أن يكون الاجتماع قد أفضى إلى اتفاق في هذا الخصوص، هذا النفي جاء بطريقة غير مباشرة للرد تسريبات صحافية ذكرت أن الجانب الإسرائيلي أبلغ مندوب لبنان منسق الحكومة لدى قوات الأمم المتحدة العميد منير شحادة وقيادة “يونيفيل” في الناقورة الثلاثاء استعداد إسرائيل للسير في تحديد كامل الحدود البرية مع لبنان والانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر مقابل إزالة “حزب الله” الخيمتين اللتين نصبهما في منطقة مزارع شبعا.

ونقل عن الموفد الأميركي آموس هوكشتاين خلال لقاءاته الأخيرة في بيروت، أن تل أبيب مهتمة جداً بإزالة الخيمتين، ومستعدة لدفع ثمن مقابل ذلك.

وأكدت مصادر سياسية أنه تم إطلاع بري وميقاتي وقيادة الجيش و”حزب الله” على العرض الإسرائيلي. وعلم أن “يونيفيل” ستتابع في الأيام المقبلة الاتصالات لتبيان إمكان وضع آلية تسرع البحث في النقاط الحدودية العالقة وخيمتي “حزب الله”.

اندبندنت

مقالات ذات صلة