“انقلاب” شيخ العقل في السّويداء: الجهاد ضدّ ميليشيات إيران و”حزب الله” المحتلّة!

في خطوة متقدمة جاءت استكمالاً لمسار الانقلاب في المواقف الذي يقوده شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز حكمت الهجري على خلفية الاحتجاجات التي تشهدها محافظة السويداء، جنوب سوريا، دعا الأخير إلى الجهاد ضد الميليشيات الإيرانية وميليشيات “حزب الله”، واصفاً إياها بأنها “قوات محتلة”، وذلك في موقف هو الأخطر الذي يصدر عن الهجري منذ اندلاع الاحتجاجات قبل ما يقارب الشهر. وقد تكون حادثة إطلاق النار على متظاهرين حاولوا إعادة إغلاق مقر حزب البعث هي التي اضطرت شيخ العقل لإعلان الموقف الذي طالما كان ينادي به في الجلسات الخاصة مع بعض المسؤولين السوريين، بحسب ما ذكر أمس الأربعاء في مضافته أمام عدد كبير من الحضور.

وشدد الشيخ الهجري على أن إيران محتلة لسوريا منذ لحظة دخولها إليها عقب اندلاع الثورة السورية لمساندة بشار الأسد ونظام حكمه، مضيفاً أنه يجب الجهاد ضد الميليشيات الإيرانية و”حزب الله” في سوريا.

وأكد الشيخ الهجري في تسجيل مصور، الأربعاء، أن إيران والميليشيات الإيرانية و”حزب الله” هي قوى احتلال، و”لا نقبل وجودهم على الأرض السورية أينما كانوا”، مشدداً على وجوب الجهاد ضد هذه الميليشيات.

“سرقوا ثروات سوريا”
وقال الهجري الذي يدعم احتجاجات السويداء منذ اليوم الأول، إن “إيران وميليشياتها دخلت لسرقة ثروات سوريا، كما استجلبت مرتزقة من أجل ذلك، بالإضافة لتغيير عقول الناس في اتجاه لسنا مقتنعين به، ولنشر فكرهم التخريبي”.

وحذر من مؤامرة للنظام، كما هدد “الخونة ومطلقي النار” على متظاهري السويداء بقوله: “أي سلاح ضد الشعب السوري يجب اجتثاثه… الطلقة ببيت النار وبدو يضل سلاحنا منضف بس لوقت منطلب التدخل”.

وعن حادث إطلاق النار على المتظاهرين قال: “أنا لست مستغرباً ما حدث اليوم، وقلت سابقاً إن أي سوء سيصيبنا سيكون من هؤلاء الحزبيين الساقطين”، في إشارة إلى مطلقي النار الذين كانوا يتمركزون فوق مبنى حزب البعث في مدينة السويداء.

كما دعا الهجري، في بيان، إلى الاستمرار في التظاهر ضد النظام السوري في السويداء، محذراً من خطط النظام السوري لجر المحافظة إلى العنف.

جرحى في استهداف متظاهرين… شرارة جديدة؟
وأصيب ثلاثة شبان بجروح، الأربعاء، جرّاء تعرضهم لإطلاق نار من حرس فرع حزب البعث في مدينة السويداء، أثناء محاولتهم برفقة محتجين إعادة إغلاق مبنى الحزب.

وذكرت المصادر أن المحتجين في ساحة السير توجهوا ظهراً إلى مبنى فرع حزب البعث لإعادة إغلاقه، بيد أن قوى الأمن التابعة للنظام أمام مبنى الفرع أطلقت النار على المحتجين في محاولة منهم لتفرقة المتظاهرين، ما أسفر عن إصابة شاب بجروح.

وأوضحت أن الشاب المصاب يدعى فادي علبة، وأن إصابته تركزت في يده وتم نقله إلى مشفى شهبا العام لتلقي الإسعافات الأولية.

وتعتبر حادثة إطلاق النار هي الأولى منذ بدء الاحتجاجات في السويداء، والتي انطلقت منذ 24 يوماً.

مطالب سياسية بعد المعيشية
وتشهد محافظة السويداء حركة احتجاج واسعة، بدأت بالمطالبة بإلغاء القرارات الاقتصادية المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات والتي أسفرت عن تدهور الوضع المعيشي في عموم سوريا، لكنها سرعان ما تحولت إلى مطالب سياسية انتقلت من ضرورة تنفيذ القرار 2254 الخاص بحل الأزمة السورية على قاعدة مرحلة انتقالية، إلى المطالبة بإسقاط الرئيس السوري بشار الأسد ومطالبته بالتنحي، في استنساخ واضح لشعارات النسخة السورية من الربيع العربي.

وقد أيّد الشيخ حكمت الهجري حركة الاحتجاج هذه منذ بدايتها، ولكنه كان حريصاً على عدم تجاوز العديد من الخطوط الحمر الأمنية والسياسية، فشدد في خطاباته المعلنة على ضرورة التهدئة وعدم اللجوء إلى السلاح والفوضى، كما لم يدعُ علناً إلى تبني شعار إسقاط النظام بل ظلّ محافظاً على شعرة معاوية، ولم يمانع استقبال بعض المسؤولين السوريين لمناقشتهم في مطالب المحتجين وطرق تلبيتها.

وعندما التقى وفد من الضباط المتقاعدين برئاسة نايف العاقل الشيخ الهجري وأصدروا بياناً لمّح إلى موافقة الشيخ على تشكيل لجنة تتولى إدارة المحافظة، سارع الأخير عبر متحدثين باسمه إلى نفي هذا البيان والتأكيد أن مطالب الحراك الشعبي ليس فيها ما يوحي بالرغبة في الانفصال.

ومع ذلك ظل بعض النشطاء في حراك السويداء يؤكدون أن الهجري يؤيد مطلب إسقاط النظام، ولكنه لا يستطيع الإعلان عنه في هذه الظروف لأسباب أمنية ودينية وسياسية.

انعطافة خطيرة في مواقف الهجري
وتعتبر دعوة الهجري إلى الجهاد ضد إيران و”حزب الله” بمثابة الانعطافة الخطيرة التي تهدد، ليس علاقة الهجري مع السلطات السورية فحسب، بل يمكن أن تجرّ المحافظة التي ظلت هادئة طوال السنوات الماضية إلى مستنقع العنف والتصعيد المتبادل.

وكانت تربط الشيخ الهجري علاقة طيبة مع العديد من الميليشيات الإيرانية، إذ استقبل عام 2017 وفداً قيادياً من ميليشيا “النجباء” العراقية، ونشرت الميليشيا على موقعها الرسمي، في حينه، صوراً تظهر اللقاء الذي جمع الطرفين في المدينة، وقالت إن الوفد زار مقام عين الزمان في السويداء، والتقى المتحدث باسمها هاشم الموسوي شيخ عقل طائفة الموحدين في المحافظة حكمت الهجري، مشيرةً إلى أن هذا الزيارة جاءت بـ”توجيه من الأمين العام الشيخ المجاهد أكرم الكعبي”.

وذكرت الميليشيا أن الهجري رحّب بالوفد، و”أشاد بدور المقاومة الإسلامية – حركة النجباء الكبير في سوريا في تحقيق الانتصار ومحاربة الكيان الصهيو – أميركي وبعمل الحركة العسكري والثقافي والاجتماعي الكبير في سوريا”.

وأشارت إلى أن الزيارة ختمت بتقديم درع “المقاومة الإسلامية” إلى الهجري.

وكانت هذه الزيارة الأولى من نوعها بين الميليشيا العراقية والزعيم الروحي للطائفة الدرزية في سوريا، في خطوة لتحقيق التقارب بين الطرفين، بعد غياب أي دور للميليشيا في المنطقة، واقتصار تمركزها على العاصمة دمشق.

ولكن منذ عام 2021 بدأت مواقف الهجري تنأى بالتدريج عن توجهات دمشق، لا سيما بعد الشتيمة التي تعرض لها الشيخ من رئيس فرع الأمن العسكري في السويداء، والتي أدت إلى اندلاع موجة غضب عارمة لم تتوقف حتى صدر قرار باستثناء السويداء من صلاحيات المسؤول الأمني، كما قيل في حينه إن الرئيس السوري اتصل بالشيخ الهجري لتهدئة الوضع.

الشيخ حكمت الهجري

النهار العربي

مقالات ذات صلة