الراعي ينتقد “اللف والدوران”!
شهدت بكركي أمس حراكاً رئاسياً بارزاً. فبعد زيارة المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان الصرح ولقائه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أتت زيارة السفيرة الأميركية دوروثي شيا لتزيد حماوة المشاورات الرئاسية بعدما أبدى الراعي كل الإيجابية تجاه ما يسهل الإستحقاق الرئاسي، لكن وفق مبدأ إحترام الدستور والديموقراطية.
لا تزال ترددات المبادرة الفرنسية الأولى الداعمة لترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية تلاحق الفرنسيين، فتخطي المكوّن المسيحي أفقد باريس ثقة المسيحيين، كذلك دعم مرشح «حزب الله» وضع دورها في دائرة الشكوك.
لكن الأكيد بعد زيارات لودريان أمس وأبرزها إلى الصرح البطريركي، ثبت أنّه وصل إلى طريق مسدود وردّد على مسامع البطريرك أنّ «الأمور مقفلة ولا حلول وعليكم مساعدة أنفسكم ومساعدتنا».
ولم يختلف مضمون لقاء لودريان في بكركي عن لقاء معراب وبقية اللقاءات مع القوى والكتل النيابية الأخرى، حتى إنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع طالب لودريان بموقف واضح لأنّ دولة كفرنسا لا يمكنها الوقوف على الحياد، بل عليها تسمية المعطلين المحليين والاقليميين.
يدرك لودريان أنّ السبيل لعدم خروج بلاده من اللعبة اللبنانية وظهورها بمظهر العاجز هو الإقدام على طرح جديد حتى لا يقال إنّ فرنسا لم تستطع القيام بشيء، وغيرها فعل، وبالتالي يحاول ترتيب الأمور لئلا تخسر باريس كل مساعيها في لبنان. لذلك أكد الموفد الفرنسي للراعي وجود قناعة فرنسية ودولية بضرورة الذهاب الى المرشح الذي يكرّس منطق «لا غالب ولا مغلوب»، لأنّ فرنجية يرفضه فريق المعارضة والوزير السابق جهاد أزعور يرفضه «حزب الله» وحلفاؤه، لذا يجب الانطلاق في رحلة البحث عن اسم ثالث.
تتكتم بكركي على مضمون اللقاء وحتى على الأسماء المرشحة التي طرحت بين البطريرك ولودريان والتي تستطيع نيل موافقة أغلبية الكتل، كذلك يتكتم الزائر الفرنسي الذي أراد أخذ بركة الراعي، لكي يقدم على خطوته الثانية، وهي تحضير لائحة أسماء توافقية يأتي على رأسها اسم قائد الجيش العماد جوزف عون الذي ينال رضى الدول الخمس، ويمكن أن يشكل نقطة تلاقٍ بين المعارضة وفريق «حزب الله» وتوافق بكركي عليه.
ويبدو الراعي حذراً في تبني أي لائحة أسماء جديدة لأسباب عدة أبرزها تكرار الراعي أمام الضيف الفرنسي وجوب احترام الدستور وعقد جلسات متتالية، ومن ثم تجارب بكركي المُرّة مع الفرنسيين في ما خصّ لائحة الأسماء، وذلك منذ أيام البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، والأمر الآخر إصراره على قيام النواب بواجبهم الانتخابي وعدم حماسته لدخول «مستنقع» الاسماء المرشحة. لكن هذه المحاذير لم تمنع البطريرك من مناقشة سلة أسماء وإعطاء رأيه فيها من دون تبني أي مرشح.
وموقف الراعي هذا سمعته السفيرة الأميركية خلال زيارتها بكركي، ففي معرض مناقشة الأفكار والوضع والدعوة إلى الحوار قاطعها البطريرك، قائلاً: فليقم النواب بدورهم ولينزلوا إلى مجلس النواب ويعقدوا جلسات متتالية للانتخاب وبلا لف ودوران وتضييع وقت.
أرادت شيا بزيارتها الراعي بعد لقائه لودريان التأكيد على عدة أمور أبرزها: احترام دور بكركي كصرح وطني جامع ومناقشته في الأزمة الرئاسية، واطلاعه على الاتصالات الدولية التي تجرى من أجل حل الأزمة اللبنانية والكشف عن ضغط دولي لاتمام الاستحقاق الرئاسي وفق مصالح اللبنانيين، وعدم تكريس غلبة محور معين على حساب الآخر، والأهم هو توجيه رسالة مفادها أنّ الفرنسي يستكشف بينما واشنطن هي من تحسم.
وأكدت شيا في تصريح لها بعد لقائها الراعي أنّ بلادها «لن تألو أي جهد من أجل دعم لبنان والمساهمة في الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد الأمور تعقيداً وخطورة على جميع المستويات». يسافر الراعي إلى استراليا ويعود في 24 الشهر الجاري ما يدل على عدم وجود خرق رئاسي في هذه الفترة، في حين تبقى الأنظار شاخصة إلى نشاط لودريان وما اذا كان سيقدّم لائحة أسماء وسطية أو ينتظر ضوءاً أخضر أميركياً قبل الغوص في مسار الحسم.
الراعي إلى أستراليا
على صعيد آخر، يصل الراعي إلى استراليا مساء اليوم الجمعة، في زيارة تشمل سيدني وملبورن، وتستمر حتى الرابع والعشرين من أيلول الجاري.
راعي الابرشية المارونية في استراليا ونيوزيلندا المطران انطوان شربل طربيه أوضح أنّ الغاية الأساسيّة من الزيارة هي الاحتفال بقداس اليوبيل الذهبي للابرشية يوم الأحد في 24 أيلول، على ملعب Ken Rosewall (هومبوش، نيو ساوث ويلز). كذلك، سيترأس البطريرك الراعي المؤتمر السادس للأساقفة الموارنة والرؤساء العامين للرهبانيات المارونية خارج النطاق البطريركي». وأشار إلى أنّه «سيقام أيضاً حفل عشاء خيري يوم الخميس في 21 أيلول على شرف البطريرك الراعي سيشارك فيه رئيس الحكومة الأسترالية وكبار المسؤولين، على أن يعود ريعه لتقديم المساعدات للطلاب في بعض المدارس المتعثرة والمهدّدة بالاقفال في لبنان».
يذكر أن زيارة الراعي هي الثانيه له إلى استراليا، التي كان زارها في تشرين الأول عام 2014 بعد انطلاق ورشة العمل الكبيرة في الأبرشية على أثر تسلم المطران طربيه مهماته الأسقفية.
الان سركيس- نداء الوطن