مراقب من بعيد…ومراقب من قريب: جنبلاط “لا قدرانة فلّ ولا قدرانة إبقى”!

يصيبك وليد بك بالحيرة. متوافق مع صديقه نبيه بري، أحد طرفي الثنائي التعطيلي المتماهي في مواقفه بنسبة 99.99 % مع «الحزب» مع هامش حرية تسمح لرئيس البرلمان بالتعاطي مع الشيطان الأصغر وبعض التمايز لا يتعدى حدود الأناقة الرجالية وربطة العنق.

مع «حزب القوات اللبنانية» ورئيسه على خلاف في كثير من المقاربات السياسية، رغم الودّ والتنسيق الذي يجمع بين نوّاب الحزبين. لا يفوت وليد بك مناسبة من دون الغمز من قناة جعجع، سواء غرّد الأخير على التلال أو رفع سقف المواجهة مع خاطفي الدولة، أو اعترض على الحوار الذي يُراد منه تكريس أعراف تقضي على إمكان انتخاب رئيس للجمهورية كما ينص الدستور.

يتهّم البك هذا بإطالة آماد الفراغ ويبرّئ ذاك. حاول أن تعرف من يقصد بهذا ومن يقصد بذاك.هو نفسه لا يعرف. أو يعرف ولا يقول. أو يرمي سهامه ضد من لا يريد حلّا. من هو ذاك الذي لا يريد حلّا وليد بك؟ أول حرف من اسمه على الأقل.

محيّر البك المتمرّس في السياسة أبّا عن جدّ وجدة، كواجب تجاه الوطن وطائفة الموحّدين الدروز. أخلى الساحة الحزبية لتيمور الفائق التهذيب، وأورثه موقعه النيابي وسلّمه زعامة المختارة. كاد ينسحب من المشهد السياسي ويندمج في الطبيعة محاكياً الجنادب والعصافير وحفيف السنابل… أخلى. لم يخلِ. أخلى لم يخلِ. الواضح كقرص الشمس، أن البك الأكبر الداعس بكل ثقة في الـ 75 ممسكٌ بخيطان لعبته ولا يقطع تيمور بك خيطاً من دون إرادته. لم يطلق وليد جنبلاط حرية حركة لتيمور، سوى بالتفاصيل، بعكس الشيخ أمين الذي أخلى الطريق لفتاه سامي. ينطبق على سيّد المختارة معنى تلك الجملة الرائعة في قصيدة جوزف حرب: «لا قدرانة فلّ ولا قدرانة إبقى».

المحيّر أيضاً في وليد بك تواضعه الملتبس، كأن يقود سيارته الـ «رانج» بنفسه إذا كان مزاجه رائقاً وقد يتوقف على جانب طريق بحري ليرتشف فنجان قهوة ويدفع ثمنه كأي مواطن عادي. وإن اختار مشاهدة عرض مسرحي فلا تستغرب أن تجده في الصفوف الوسط. لأنه «سبسيال» يفعل ما يفعله. ومن تجليات التواضع الملتبس أو الكاذب أن يضع نفسه في خانة «المراقب البعيد» وهو مَن يبيح لنفسه من موقعه الإستشرافي أن يصنف السياسيين، خصوماً كانوا أم حلفاء بدرجة خصوم، بالسخفاء والأغبياء والأصوات النشاز.عاش صوت العقل.

محير وليد جنبلاط في قعوده على حافة النهر. تُرى أينتظر جثة الخصم؟ أو ينتظر مرور «فلوكة» النجاة كي يقفز فيها؟ أين هو بالضبط؟ وما هو خياره الرئاسي كمراقب من بعيد، ومراقب من قريب؟

عماد موسى

مقالات ذات صلة