لودريان والمفتي ونواب سنّة بضيافة البخاري: سجال حول “الحوار”
توّجت زيارة المبعوث الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى لبنان، بزيارته إلى دارة السفير السعودي في اليرزة، حيث عقد اجتماع مع مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان، والنواب السنّة. الغاية من هذا اللقاء كانت تهدف إلى الإشارة للتناغم السعودي الفرنسي “تحت سقف” اللجنة الخماسية المعنية بلبنان، ولتبديد أي تفسيرات متناقضة للتحرك الفرنسي. ما سبق هذا الاجتماع وسمح بالتحضير له، هو اللقاءات التي عقدت في باريس بين لودريان من جهة والمستشار في رئاسة مجلس الوزراء نزار العلولا والسفير وليد البخاري. إذ شدد الفرنسيون في اللقاء على ضرورة التنسيق معاً في لبنان، كي لا يظهر التحرك الفرنسي وكأنه منفرد.
خلوة مع المفتي
استجابة لهذا الطلب، تم ترتيب لقاء اليرزة وخصوصاً مع النواب السنّة، في إشارة واضحة من السعودية إلى حضورها وتأثيرها بالملف. قبيل اللقاء مع النواب السنة، عقدت خلوة في دارة السفير السعودي ضمته إلى مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان والموفد الفرنسي جان إيف لودريان والسفير الفرنسي هيرفيه غارو، دامت نصف ساعة، انتقلوا بعدها الى الصالة الكبرى حيث كان النواب السنة بانتظارهم. فيما غاب عن الاجتماع النواب: ابراهيم منيمنة، أسامة سعد، جهاد الصمد، ينال الصلح، ملحم الحجيري وحليمة القعقور. بينما أشارت المعلومات إلى أن النواب وليد البعريني، أحمد الخير، عبد الكريم كبارة، وعبد العزيز الصمد انسحبوا من الاجتماع قبل انتهاء المشاورات والمداخلات، وبعد الاستماع لمواقف المفتي، والسفير السعودي ولودريان.
الطريق إلى الرئاسة
في اللقاء، شدد المبعوث الفرنسي على ضرورة التحاور بين اللبنانيين، أو النقاش فيما بينهم على طاولة عمل، للوصول إلى تفاهم على انتخاب الرئيس، خصوصاً أن كل المسار المتبع سابقاً لم يؤد إلى أي نتيجة. وأكد لودريان أن جلسة 14 حزيران لم تنجح في إيصال أي من المرشحين، لا مرشح المعارضة ولا مرشح الموالاة. وبالتالي، لا بد من نقاش بين الكتل النيابية للاتفاق على إسم، أو لطرح إسمين أو ثلاثة، وبعدها التوجه إلى المجلس النيابي لانتخاب شخصية من بين الأسماء التي يتم اقتراحها. وأكد لودريان أن هذا الطريق الأفضل لحلّ مشكلة الرئاسة.
في المقابل، أكد السفير السعودي على الالتزام بنتائج وبيانات اللجنة الخماسية والمواصفات التي تتضمنها حول الرئيس وطبيعته، وشدد على ضرورة انتخاب رئيس لا يعتبر في مواجهة مع أي طرف، ولا يكون مستفزاً لأحد.
أما مفتي الجمهورية عبد اللطيف دريان فقد شدد على مسألة الحوار، والمشاركة فيه، وأن الحوار وحده هو الذي يمكن اللبنانيين من الوصول إلى صيغة توافقية، لأنه من دون الحوار سيستمر الفراغ قائماً. في هذا السياق، أيد عدد من النواب مبدأ الحوار، فيما عارضه النواب أشرق ريفي، فؤاد مخزومي، ووضاح الصادق، الذين اعتبروا أن هناك تجارب سيئة مع الحوار حيث لم يتم الوصول إلى أي اتفاق، أو لم يتم تطبيق نتائج الحوارات السابقة. بينما وافق عدد آخر من النواب على المشاركة في الحوار بشرط أن يكون محصوراً بالانتخابات الرئاسية، وبالعودة إلى جلسات مفتوحة في مجلس النواب.
وفي بداية اللقاء رحب السفير بخاري بالموفد الفرنسي وهنأ المفتي دريان على تمديد ولايته متمنيا له “مزيدا من التوفيق والنجاح”، واكد ان “اللقاء اليوم هو تعزيز للوحدة والتضامن بين الجميع”.
دريان
ثم القى المفتي دريان كلمة شكر فيها السفير بخاري على دعوته وشدد على “أهمية دور المملكة العربية السعودية الحريصة على لبنان واللبنانيين، واكد ان “النواب المسلمين من اهل السنة حريصون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولم يقاطعوا أي جلسة انتخاب، ويؤكدون ويسعون الى الإسراع في انتخاب رئيس جامع”، وقال: “لا جمهورية بدون رئيس للجمهورية، ونحن والحاضرون متمسكون بالدستور وباتفاق الطائف وتطبيقه كاملا، وهم من المنادين بالعيش المشترك ويصرون على مواقفهم الثابتة في تحقيق الإصلاحات، ويقدرون عمل اللجنة الخماسية ومساعيها للخروج من هذه الأزمة، ونؤكد على أهمية مضامين ومرتكزات بيان الدوحة الصادر عن اللجنة الخماسية، وان انتخاب رئيس للجمهورية ليس كل الحل بل هو المدخل لجميع الحلول، ودار الفتوى تؤكد ما ورد من مواصفات لرئيس الجمهورية الذي يجب ان ينتخب على أساسها والواردة في بيانها الصادر منذ عام تقريبا، بعد الاجتماع الذي عقد مع النواب المسلمين من اهل السنة في دار الفتوى للخروج بموقف موحد من هذا الموضوع”. وختم: “ينبغي التوافق على الحوار، ولا مانع لدينا من حوارات سريعة للتوصل الى تفاهمات”.
لودريان
بدوره قا لودريان: “أود في بداية كلامي ان اقدم التهاني لسماحته لتمديد ولايته، فدار الفتوى تشكل أساسا للعيش المشترك، ونشكر السفير بخاري على تنظيم هذا اللقاء، ونرى ان الوضع في لبنان غير سليم ووجودي في بلدكم هو للمساعدة”.
ودعا الى “أهمية إنجاز الإصلاحات لتعافي لبنان من وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي”، ورأى ان “الشغور في مؤسسات الدولة يشل الدولة، وان انتخاب الرئيس لا يشكل حلا بل هو شرط أساسي للحل، وفرنسا والسعودية تعملان يدا بيد من اجل لبنان ونهوضه، والمساعي التي تقومان بها مع اللجنة الخماسية نأمل في ان تثمر وتحقق النجاح”. ثم توالى على الكلام النواب الحاضرون مؤكدين “ضرورة انتخاب رئيس في القريب العاجل”، وأشادوا ب”الجهود السعودية والفرنسية وبعمل اللجنة الخماسية”.
قبل الحوار أم بعده؟
في المقابل، اقترح النائب عماد الحوت أن يتم الذهاب إلى الحوار بعد عقد جلسة انتخابية، فلا تؤدي إلى أي نتيجة، وبعدها يخرج النواب إلى طاولة الحوار في البرلمان للاتفاق على إسم أو أكثر والذهاب إلى الجلسات الإنتخابية. اعتبر الحوت أنه بهذا الاقتراح لا يكون أي من الطرفين قد كُسر، فتكون الجلسات عقدت والحوار أيضاً.
حسب ما تشير مصادر متابعة، فإن التحركين الفرنسي والسعودي لا بد أن ينتظرا المزيد من التحركات الديبلوماسية في المرحلة المقبلة، للبحث عن بعض الأسماء التي يمكن التقاطع حولها والتباحث بشأنها على طاولة الحوار.
ونقلت مصادر عن لودريان قوله خلال اللقاء، أن فرنسا ستبقى تسعى للوصول إلى حلول وعلى ضرورة تشاور اللبنانيين مع بعضهم البعض، لافتًا إلى أن “جلسة 14 حزيران لم توصل أي مرشح. لذلك يجب البحث بأسماء أخرى من خلال فتح حوار”. وبعد اللقاء، شدّد النائب فؤاد مخزومي على أن “الحوار يجب أن يكون بعد انتخاب رئيس للجمهورية وليس قبله”. من جهته، قال النائب عبدالرحمن البزري، إن “المطلوب أن يكون هناك ضمانة بأن أي مشروع حواري سيكون مدخل لانتخاب رئيس للجمهورية، معتبراً أن منطق المقايضة السابقة قد سقط ولا بد من الذهاب للاتفاق على مرشح وسطي”. النائب فيصل كرامي، أكد ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية من خلال التحاور من دون شروط مسبقة.
المدن