مخاوف أمنيّة: النزوح السوري الثاني “أخطر” من الأول!
التحديات التي يواجهها لبنان صارت كبيرة ومتشعبة، من الاستحقاق الرئاسي المعطل الى الأزمات الإقتصادية والإجتماعية والمالية، الى النقطة الأهم المتعلقة بالأمن الذي صار مهددا بما يحدث في مخيم الشتات الفلسطيني في عين الحلوة، وصولا الى التدفق السوري بنسخة جديدة الى لبنان.
النزوح السوري الثاني الى لبنان، بموازاة انفجار الوضع في عين الحلوة أربكا الوضع اللبناني، مع تدفق مفاجىء للسوريين عبر المعابر غير الشرعية، فالموجة الاخيرة من النازحين في دائرة الشبهات والشكوك، وأسئلة كثيرة تدور حولها: لماذا تدفق النازحين الآن بالتحديد؟ ومَن وراء خروجهم من بلادهم؟ هل هناك دوافع اقتصادية فعلا؟ وأين الدولة؟ ولماذا التقاعس الحكومي الرسمي والهروب من تحمل المسؤولية؟
التساؤلات نفسها حضرت في اللقاء الوزاري التشاوري في مكتب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، بعد ان طار نصاب الجلسة بغياب وزراء عنها، ليظهر أيضا ان عددا كبيرا من المسؤولين يتعاطون بخفة وعدم مسؤولية، على الرغم من دراية اكثريتهم ان مسألة النزوح تهدد الوضع اللبناني بالانفجار. فغياب وزراء عن جلسة ملحة لمعالجة الأزمة الكارثية لا مبررات له إلا الحسابات السياسية الضيقة، التي لا تخدم مصلحة لبنان، فيما حكومة تصريف الاعمال تأخرت في وضع خطة طوارىء للأزمة، في حين ان القرارات التي صدرت عنها باعتقاد سياسيين، ليست إلا نسخة أخرى من قرارات سابقة بقيت من دون تنفيذ.
فالسلطة السياسية، بحسب مصادر سياسية متابعة، لا تزال تتعامل بخقة مع أخطر ملف واجهه لبنان منذ اندلاع الحرب السورية عام ٢٠١١ ، وذلك يقود الى وجود مؤامرة برعاية خارجية لإبقاء النازحين في لبنان ودمجهم، وهذا ما يظهر في تواطؤ المجتمع الدولي الذي يمد النازحين بالمساعدات والأموال، ويشجع من بقي في سوريا الى الخروج منها للإستفادة المالية، خصوصا ان سوريا ترزح تحت وطأة ازمة إقتصادية كبيرة…
المعطيات والتفاصيل الكاملة المتعلقة بموجة النزوح الثانية، جرى بحثها في اللقاء الحكومي الأخير، حيث وضع قائد الجيش العماد جوزف عون رئيس حكومة تصريف الاعمال والمسؤولين، في صورة الوضع والمعطيات المتوفرة لدى الجيش، واصفا النزوح بانه صار خطيرا جدا، ويشكل تهديدا لكيان وهوية لبنان وينذر بمضاعفات أمنية.
النزوح الثاني “يقلق” اليرزة، تضيف المصادر، فالجيش يقوم بواجباته كاملة ضمن صلاحياته وإمكاناته، مع الخوف من ان يتفاقم الوضع ويخرج عن السيطرة، في ظل التقاعس السياسي عن المساعدة، فالجيش يتابع الملفات الأمنية الداخلية، وفي جهوزية في محيط عين الحلوة تحسبا للأسوأ ومستمر بأداء مهامه، الا ان ملف النزوح يتطلب معالجة خاصة، لان الجيش يواجه صعوبات في ضبط المعابر، ومواجهة مهربين اكتسبوا خبرة ومهارات بتهريب السوريين عبر الطرق الوعرة، كما يواجه إضافة الى تهريب البر عبر الحدود الشمالية والشرقية، تهريب البحر بمراكب الموت للهاربين السوريين والفلسطينيين مع عدد من اللبنانيين من جحيم الأزمات.
ووفق ما توفر من معلومات لدى الاجهزة الامنية، فالنزوح الأخير مرتبط بأجندات معينة، خصوصا ان ٩٠ بالمئة من الداخلين الى الأراضي اللبنانية من فئة الشباب المدربين على حمل السلاح، مما يلغي نظرية النزوح الاقتصادي، ويطرح مخاوف معينة ويفتح الباب على واقع خطير جدا يتم الإعداد له، ربطا بالتزامن مع الانفجار الأمني في عين الحلوة.
باعتقاد المصادر ان أزمة النزوح السوري الى لبنان، تحوّلت الى قنبلة موقوتة سوف تنفجر قريبا، في ظل انسحاب الدولة من تنظيم المسألة، واللجوء الى قرارات عوجاء لا تعالج المشكلة من أساسها. فالقوى الأمنية تبذل قصارى جهدها، إلا ان عملها وحده لا يكفي، فلا عديد الجيش يكفي لتغطية كامل الحدود ووقف عملية تهريب السوريين، ولا غطاء سياسي بعد للتعامل مع الموضوع على الأرض. فعمل الأجهزة يقوم على القبض على المهربين وتوقيف النازحين غير الشرعيين وإعادتهم الى بلادهم والحد من تدفقهم، ومع ذلك فان هذه الاجراءات وحدها لا تكفي.
ابتسام شديد- الديار