لمائة سبب وسبب… على عين الحلوة ما بيفوتوا!

خسر الصليبيون في معركة حطين قرب طبرية في 4 تموز من العام 1187 خيرة فرسانهم وقادتهم، ووقع منهم من وقع أسيراً لدى جيش صلاح الدين الأيوبي الذي أحسن معاملتهم كما تذكر كتب التاريخ. بعد كل هذه العقود، عادت حطّين إلى الواجهة هذه المرة كخط جبهة ملتهب في مخيّم عين الحلوة. حطين. جبل الحليب. السكة. التعمير. الطوارئ الرأس الأحمر. الصفصاف. خطوط تماس وأحياء يسرح فيها أولاد «القضية الأم» ويروّعون من بقي من العوائل.

لفتح روايتها وشهداؤها. للإسلاميين روايتهم وشهداؤهم. ولكل طرفٍ من أطراف عين الحلوة المتصارعة رواية وشهداء يسقطون دفاعاً عن البندقية الفلسطينية ووحدة العمل المقاوِم وحماية المخيم والثورة إلى ما هنالك من مفردات لا يمكن تسويقها حتى في سوق البالة.

في العام 2006، إنعقدت طاولة حوار مستديرة، حضرتها قيادات الصف الأول يتقدمهم السيد والإستيذ والوزير الأوّل والبكوات والمشايخ والحكيم والمحامي وأصحاب الدولة مع معاونيهم. تبنى المتحاورون مقررات مجلس الوزراء بشأن «إنهاء وجود السلاح الفلسطيني خارج المخيمات في مهلة قدرها ستة أشهر ومعالجة قضية السلاح داخل المخيمات». مات أحمد جبريل مطمئن البال أن لا أحد تجرّأ على قوسايا وبقيت مواقع الجبهة الشعبية في تلال الناعمة، معه وبعده، بمنأى عن قرارات طاولة الحوار وشوكة في عين العدو. أما مهلة الستة أشهر لمعالجة قضية سلاح المخيمات فمددت 100 شهر إضافي. والأرجح أن بعد 100 سنة، ولمائة سبب وسبب، على عين الحلوة ما بيفوتوا.

خشي فلسطينيو المخيمات أن يُجرّدوا من عناصر القوة والإطمئنان. تمسك قادتهم بالسلاح لضمان الأمن في المخيمات أولاً وحماية شعبهم المقهور وقطع دابر العملاء، ولاستعادة الحق السليب بطبيعة الحال ثانياً. ثم جاءت المعارك المتتالية لتؤكد أن الآر بي جي عاجز من جهة عن لعب الدور الفعّال في ضبط الأمن الميليشيوي كما أنه من جهة ثانية لا يُتكل عليه كسلاح في تحرير القدس وحيفا ومدينة طبرية. الـ «آر بي جي» صالحة ربما لتأديب «الشباب المسلم» وتطويع «عصبة الأنصار» أو لتكون الأداة الصالحة والدواء الناجع بيد «حماس» للقضاء على فتح une fois pour toujours.

مخيم عين الحلوة، صورة مكبّرة لباقي المخيمات الفلسطينية. قنابل بشرية موقوتة وألغام سريعة الإنفجار. كانتونات داخل الدولة. وفي الكانتون الواحد تجمعات لميليشيات مسلحة ومجاهدة فاتحة على حسابها. الآمنون الطيّبون في المخيم، بالنسبة إلى الأشاوس، مجرّد كتل من بشر وقهر تعيش هدنة بين نزوح وآخر وبين معركة نفوذ وارتداداتها.

عماد موسى

مقالات ذات صلة