عمرو أديب يدقّ النفير ويرمي حجراً كبيراً في ماء السياسة الراكد: حذار «الطَربَقة» يا ريّس!
أخيراً، كسر صوت إعلامي حاجز الصمت حول الانتخابات الرئاسية التي يترشّح لها الرئيس عبد الفتاح السيسي للمرة الثالثة بعد تغييره دستور 2014. الصوت جاء من لندن ومن الاسم الوحيد الذي يمتلك هامشاً أوسع للحديث عن الشأن الداخلي المصري: من خلال فيديو تبلغ مدته 23 دقيقة، ألقى عمرو أديب حجراً كبيراً في ماء السياسة الراكد
خريف «ساخن» ينتظره المصريون مع اقتراب «الموعد المجهول» لانتخابات الرئاسة المصرية. يعرف الناس في المحروسة أنّ الانتخابات مقبلة لا محالة، وأنه يجب الانتهاء منها قبل شهر رمضان المقبل. لكن لا أحد يعرف، حتى الآن، موعد فتح باب الترشح وبالتبعية أيام الاقتراع. الكل صامت ولا أحد يطرح أي سؤال في هذا الصدد منذ احتكار الصحافة المصرية بكل صورها بشكل تدريجي خلال السنوات العشر الأخيرة. لكنّ صوتاً واحداً قادر على الكلام فاجأ الجميع مساء السبت الماضي حين خصّص فقرةً من برنامجه الشهير لدفع العملية برمتها إلى الأمام، وقد نجح حتى الآن رغم وجوده في لندن.
عمرو أديب مقدم برنامج «الحكاية» على «أم. بي. سي مصر»، طرح القضية من عاصمة الضباب، معلناً في البداية أنّ إجازته السنوية طالت قليلاً، لكنه ليس هارباً، على أن يعود إلى الاستديو في القاهرة خلال أيام. كان لا بد من هذا التمهيد لعدم ربط الشائعات بين المحتوى الذي قدّمه، وبين وجوده خارج البلاد.
أديب الذي يعرف كيف يختار كلماته بعناية، وجّه الرسالة التي يُجمع عليها الكلّ، ما عدا قلّة ما زالت تناصر الرئيس المصري. رسالة ملخّصها أنّ الكلّ يريد انتخابات حقيقية، ولو فاز بها السيسي، لكن المهمّ ألا يفوز الأخير في مواجهة «كومبارس سياسي» كما حدث في انتخابات عام 2018 وإلا سنعود إلى مرحلة الاستفتاء التي أنهاها الرئيس الراحل حسني مبارك عام 2005.
لهذا كرّر أديب في كلماته الساخنة أكثر من مرة تحذيراً بعدم الرجوع إلى الوراء سواء على مستوى شكل الانتخابات من خلال مطاردة المرشّحين الجادين، أو على مستوى إقناع الناس بعدم وجود أمل في تغيير حقيقي، ما قد يدفعهم إلى النزول إلى الشوارع من جديد. لم يذكر أديب مفردات مثل «ثورة» أو «تظاهرات»، لكنّه شدّد على أنّ هناك طرفاً ــــ يقصد النظام الحالي ــــ يوحي بتصرفاته أنه سيصل بالبلاد إلى حالة «الطربقة» وهي مفردة عامية تعني «تخريب كل شيء». هناك إجماع آخر ـــ أكده أديب صراحةً ــــ على أنّ نزول الناس إلى الشارع هذه المرة لن يكون «رومانسياً»، كما ثورة يناير 2011، فالاحتقان اليوم وصل إلى أعلى مستوياته، وكثيرون لديهم «ثأر» مع النظام الحالي.
أديب وجّه كلمات قاسية للحياة الحزبية في مصر، إذ وصفها بالكارتونية، لكنّ مطلبه الأكثر إثارةً كان لوسائل الإعلام المصرية بالتوقّف في أقرب فرصة عن «دعم أي مرشح». مطلب شديد الجرأة والطموح، فوسائل الإعلام المصرية يحتكرها النظام بالكامل، وهناك أخرى لا تتحرك إلا بعد موافقات على كل كلمة تبثها، فكيف ستمنع الدعاية المباشرة للرئيس عبد الفتاح السيسي؟ لذا، يمكن تحليل مطلب أديب أنّه يعرف استحالة التنفيذ، لكنه بكل بساطة يقول للناس باكراً بعدم متابعة هذه القنوات طالما أنها غير محايدة منذ البداية.
ركّز عمرو أديب في كلامه على أنّ السياسي المعارض أحمد طنطاوي هو المرشح الجاد الوحيد حتى الآن ملمّحاً إلى وجود مرشح آخر، لم يعلن عنه بعد. كما أكد على أنّ كلاً من رئيس حزب «الوفد» عبد السند يمامة ورئيس «حزب الشعب الجمهوري» حازم عمر اللذين أعلنا الترشح هما مجرد «كومبارس» من أجل إكمال الصورة. اللافت أن الإعلام الموالي للرئيس لم يرد على أديب كأنه لم يتكلم، فيما أوكلت المهمة للأحزاب التي أطلقت تصريحات وبيانات عنيفة ضد أديب لم تؤت ثمارها لسببين: الأول أنّ جميع رؤساء هذه الأحزاب غير معروفين للشارع، والثاني أن أديب عاد في حلقة الأحد ورد بعنف عليهم وتحدّاهم بأن يعرّف المواطن المصري أسماء خمسة أحزاب نشطة في الشارع، ليؤكد أنه سيواصل طرق الحديد البارد حتى يسخن وأن نفير الانتخابات الرئاسية قد انطلق رغم أن الرئيس نفسه لم يعلن ترشحه رسمياً حتى الآن، مكتفياً بأصوات التأييد الباكر من كيانات تفتقد إلى احترام الشعب المترقّب لمعركة حقيقية كتلك التي طالب بها عمرو أديب.
الاخبار