زيارة لودريان الثالثة تترافق مع تبدّل أجواء الإليزيه من المقايضة… ومساعٍ سعودية وقطرية

في ظل أجواء من الترقب، يباشر الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان زيارته الثالثة إلى العاصمة اللبنانية في الساعات القليلة المقبلة ويعقد لقاءات مع القوى السياسية التي بإستثناء المعارضة سلّمت أجوبة على السؤالين اللذين طرحهما لودريان حول الاستحقاق الرئاسي ومواصفات وأولويات الرئيس في السنوات الست المقبلة.
وذكرت معلومات لـ»القدس العربي» نقلاً عن زوار العاصمة الفرنسية في اليومين الماضيين ممن تسنّى لهم لقاء مسؤولين في خلية الإليزيه المهتمة بالشأن اللبناني أن تبدلاً حصل في الادارة الفرنسية من موضوع المقايضة بين انتخاب رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية رئيساً مقابل الاتيان بالسفير نواف سلام رئيساً للحكومة، وأفادت المصادر أن هذا التبدّل قد يكون مرتبطاً بالتحرك القطري المنسّق مع المملكة العربية السعودية واللجنة الخماسية والذي يميل لمصلحة قائد الجيش العماد جوزف عون، مشيرة إلى أن قائد الجيش ما كان ليعلن قبوله التحدي في رئاسة الجمهورية لولا التماسه مؤشرات في هذا الاتجاه.
ومن المعلوم أن جولة لودريان الجديدة تترافق مع مسعى قطري بعيد عن الأضواء يتخلله تواصل مع طهران، كما يتزامن مع تجميد غير معلن لمبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي لم يتلقَ ردوداً متجاوبة من الكتل النيابية المسيحية بما فيها التيار الوطني الحر الذي تراجع عن النظر إلى طرح الرئيس بري بإيجابية. لكن البعض نقل عن بري نفيه تجميد مبادرته لحوار لسبعة أيام في المجلس تليه جلسات انتخاب مفتوحة، وقال إن مبادرته قائمة وتتكامل مع المبادرة الفرنسية.

في غضون ذلك، حال عدم اكتمال النصاب دون انعقاد جلسة مجلس الوزراء المخصصة لبحث النزوح السوري الجديد الذي يتم بحسب الشكوك برعاية أمنية من الجانب السوري وسط عجز القوى الأمنية اللبنانية عن ضبط كامل الحدود لمنع التسلل إلى داخل الاراضي اللبناني. وتغيّب عن الجلسة عدد من الوزراء الذين واظبوا دائماً على المشاركة في الجلسات وهم وزراء الاقتصاد والبيئة والسياحة والزراعة، فيما تراجع وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار المحسوب على التيار الوطني الحر عن المشاركة بعدما تبيّن له بحسب بيان مكتبه الاعلامي «أن الجلسة في حاجة للمزيد من التحضير. فأتت النتيجة حسب توقعاتي.»
وقد استبدلت الجلسة بلقاء تشاوري بشأن النزوح بحضور قائد الجيش العماد جوزف عون والمدير العام للأمن العام اللواء الياس البيسري، وتوافق الجميع على توصيف ما يحصل ب «الخطر الوجودي». وأوضح وزير الإعلام زياد المكاري من السراي «أن قائد الجيش كشف خلال اللقاء عن أرقام كبيرة ومفاجئة في عدد النازحين السوريين».
وانتقد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عدم اكتمال النصاب القانوني لجلسة مجلس الوزراء، ووجّه انتقاداً لوزراء التيار الوطني الحر من دون تسميتهم، معرباً عن «أسفه لعدم حضور الوزراء المتغيبين عن الجلسة، لا سيما الذين تصدح حناجرهم طوال النهار بمواقف من هذا الملف، من باب المزايدة ليس الا». وافاد المكتب الاعلامي لميقاتي «أن دولة الرئيس يشدّد على أن الحكومة لم تتأخر يوماً عن اتخاذ القرارات المناسبة في هذا الملف، وأن الجيش وسائر الاجهزة الامنية يقومون بواجباتهم في هذا المجال، لكن المطلوب هو اتخاذ موقف وطني جامع وموّحد بشأن كيفية مقاربة هذا الملف لا سيما النزوح المستجد لمئات السوريين عبر نقاط عبور غير شرعية».
وقبيل الجلسة التي لم تعقد، قال وزير المهجرين عصام شرف الدين: «سأطلب ضبط الحدود بالتعاون مع سوريا ولن أقبل بأن تكون اللجنة الوزارية مؤلفة فقط من وزير الخارجية عبدالله بوحبيب».
وفي شأن متصل بالنازحين، دانت مفوضية التربية والتعليم في الحزب التقدمي الإشتراكي أن «ليس مقبولاً على الإطلاق هذا التصرف اللاانساني الذي يحصل بحق الطلاب السوريين النازحين، الذين تجبرهم الإجراءات المعتمدة في وزارة التربية عند بدء كل عام دراسي على تحصيل أوراق الإقامة. وحتى لو كان ذلك يأتي بحسب القوانين، فإنه يعني ضرورة حيازة أوراق ثبوتية التي يستلزم إصدارها العودة إلى سوريا، أو دخول سفارة سوريا وتسديد بدلات مالية عالية، أو الوقوع فريسة سماسرة المعاملات ودفع مبالغ كبيرة، وهو الأمر الذي يتكرر كل عام دراسي، حيث يقع الطلاب النازحون السوريون وذووهم تحت وطأة عدم التسجيل في المدارس، أو التعرض لمخاطر العودة إلى سوريا».
وأدانت المفوضية ما سمّته «العنصرية التي يتعرض لها الطلاب السوريون في كثير من الأحيان خصوصاً لجهة رفض بعض المدراء تخريجهم مع باقي زملائهم، الأمر المرفوض إنسانياً وتربوياً وأخلاقياً»، مضيفة «إن وزير التربية ووزارة التربية والتعليم العالي مدعوان إلى التنبّه ومعالجة هذا الواقع، وعدم السماح باستعمال الطلاب رهينة أو ذريعة للضغط على المؤسسات الدولية المانحة، ومنحهم حق الحصول على العلم والمعرفة، بدل تركهم عرضة للجهل الذي لا يعرض مستقبلهم للخطر فقط، بل يعرّض الأمن الاجتماعي للخطر كذلك».

القدس العربي

مقالات ذات صلة