دار الفتوى تخرج من «عباءة الحريري»…بعدما «سلّفتها» السعودية تمديداً «ثميناً»!
عملياً، سيكون دريان الذي أتقن تدوير الزوايا وتلبية الرغبات السعودية «خليفة الحريري»، وسيُثبّت مرجعيّة سياسيّة تؤمّ النواب والوزراء السُّنّة نحو «قبلة المملكة». وهو كان يُدرك أنّ رفع السن القانونية لتقاعده، مقروناً بتعديلات «تُعلمن» الدار وتنزع صلاحيّات أمينها، كلّ ذلك يعني حُكماً سقوطه «لقمة سائغة» في أفواه رجال الدين. لذلك، أصرّ على أن «يلعبها صح» بإصدار بيان يُعلن فيه رفضه التمديد، وهو لم «يخرط» في رؤوس المشايخ الذين فهموا أن المُراد إسكاتهم، إذ إن دريان نفسه كان قد أعطى موافقته على هذه الخطوة وفاتح بها مقرّبين منه، ومنهم من صاغ له «الفتوى القانونيّة»، والأهم أنّه رأس جلسة المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى بعدما فشلت محاولات إقناع نائب الرئيس عمر مسقاوي بالحضور. أمّا في ما خصّ تهميش دور أمين دار الفتوى الشيخ أمين الكردي، فيتردّد بأنّه لا يزال على جدول أعمال دريان الذي وعد بـ«تطييره» من «عائشة بكّار» في غضون سنة، بعدما أقرّ بعدم قدرته على نزع صلاحيته خلال جلسة التمديد السبت الماضي، في ظلّ «هبّة المشايخ» وخطبة الكردي.
هزّ دريان رأسه قبولاً بالتمديد له في جلسةٍ يصفها خصومه بأنّها «غير قانونيّة»، إذ إن نصاب المجلس (المؤلف من 32 عضواً) لم يكن مؤمّناً أصلاً في حال احتساب أصوات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورؤساء الحكومات السابقين (باعتبارهم أعضاء طبيعيين، ما يرفع عدد الأعضاء إلى 38)، بالإضافة إلى تغيّب 6 أعضاء، هم: مسقاوي، الشيخ أمير رعد، الشيخ فؤاد زرّاد، عبد الحفيظ منصور، مصطفى خير، الشيخ وسيم مغربل، ووفاة أحد الأعضاء عبد الإله ميقاتي. وعليه. فإنّ النصاب (28 عضواًَ) لم يكن منعقداً في الجلسة التي اقتصر حضورها على 25 عضواً.
وقد كاد النّصاب أن يُطيّر الجلسة التي كان يفترض أن تُعقد ظهر السبت، فيما كان «المتحرّقون» للتمديد يحشدون لتأمينه، فعُقدت الجلسة متأخرة ساعة بعد الإتيان بأحد الأعضاء محمولاً على كرسيّ متحرّك لخضوعه لجراحة دقيقة قبل أيام، وانضمام عضو وصل من خارج بيروت على وجه السرعة. وشهدت الجلسة خلافات وأصواتاً مرتفعة لأكثر من نصف ساعة، بين الراغبين بالتمديد «على السريع» وآخرين أصرّوا على أن تسلك الجلسة في الأطر القانونيّة المنصوص عليها في المرسوم 18/1955 والنظام الداخلي لـ«المجلس الشرعي».
بعض الأعضاء الذين صاغوا التمديد يؤكدون أنّ «كل الأُصول القانونية اتُّبعت خلال الجلسة من تأمين النصاب والقرارات التمهيديّة التي تسبق التصويت كتمرير العريضة المُقدّمة من خارج جدول الأعمال على اللجنة التشريعيّة قبل عرضها على الهيئة العامّة التي صوّتت عليها بإجماع الحاضرين». ويُشير هؤلاء إلى أنّ «التعديل على المرسوم الاشتراعي 18/1955 هو تعديل تشريعي وسبق للمجلس أن قام بسوابق تشريعيّة عامَي 1967 و1996، خصوصاً أنّ التشريع ليس شخصياً بل هو شمولي (التمديد لمفتي الجمهوريّة وجميع مُفتي المناطق) ما ينطبق على مبادئ التشريع». ويستند القانونيون إلى هذا الأمر ليؤكّدوا أنّه «لا يُمكن الطعن في هذا التعديل التشريعي، خصوصاً أنّه سبق لمجلس شورى الدولة أن أصدر قرارات (كان آخرها في عام 2006) عزّزت القناعة التشريعيّة للمجلس الشرعي بالإضافة إلى القانون الذي أعطى أصلاً حق التشريع للمجلس، وبالتالي لا يُمكن لـ«الشورى» أن يتدخّل في المسائل الدينيّة أو التشريعيّة، وإنّما يتدخّل فقط في القرارات الإداريّة، في حين أن التعديل الذي جرى على ضوئه رفع سنّ التقاعد للمفتين لا يدخل في مفهوم القرارات الإداريّة».
في المقابل، فإنّ للمعارضين رأياً آخر. يشدد هؤلاء على عدم قانونيّة الجلسة لناحية النصاب وعدم تبلّغ أحد أعضاء اللجنة التشريعيّة الغائب بالبنود التي تم نقاشها وإحالتها إلى الهيئة العامّة، لافتين إلى أن «لا نقاش حول حق التشريع المُعطى للمجلس الشرعي وعدم الجواز لمجلس الشورى النظر في المضمون، ولكنّ للشورى حقاً في النظر في شكل القرار الذي لم يراع أصلاً القانون، وبالتالي يحق للشورى النظر في التمديد وحتى إبطاله».
وإذا كان يحق لأي متضرّر ذي صفة ومصلحة (كأحد رجال الدين المحتمل ترشّحهم إلى منصب المفتي أو أحد أعضاء المجلس الانتخابي الإسلامي الذي ينتخب المفتي) أن يتقدّم بطعنٍ أمام «الشورى»، فإن المُعارضين لم يتخذوا بعد قرارهم النهائي بإمكانيّة التقدم بهذا الطعن من عدمه.
لينا فخر الدين- الاخبار