حظوظ وافرة للجنرال عون… بعد وقف الحوار!

يسود الانطباع لدى أوساط المراقبين في لبنان بأنه إذا كان الحوار الذي اقترحه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بين الأطراف اللبنانية حول الرئيس المنتظر قد “طار”، وإذا كان نصاب جلسة الانتخاب الأولى قد “طار” هو الآخر بسبب مقاطعة المعارضة لها، فإن كل ما بقي هو العودة إلى المرشح الوحيد الذي لم يرشح نفسه، وهو قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون.

وأقنع رفضُ أطراف المعارضة لفكرة “حوار الأيام السبعة” التي طرحها بري، حزب الله، فيما يبدو، بأن فرصة مرشحه سليمان فرنجية رئيس تيار المردة، بدخول قصر بعبدا، صارت من قبيل العدم. وهو ما دفع “الحزب” إلى أن يرسل رئيس كتلته النيابية محمد رعد للقاء العماد عون قبل أيام، ليستمع إلى تصوراته حول مأزق البلاد، وما إذا كان مستعدا للقبول بشروط “الحزب”، ومنها “حماية ظهر المقاومة” وعدم السعي لتجريده من سلاحه.

واكتفى الحزب بالقول عن اللقاء “إنه منفتح على ملاقاة أيّ جهدٍ أو مبادرة حوارية واقعية تُسهم في توفير فرص التوصل إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي”، من ناحية لكي لا يُغضب فرنجية، ومن ناحية أخرى لكي لا يُغضب جبران باسيل رئيس “التيار الوطني الحر” الذي يعارض ترشيح العماد عون، والذي كان يتفاوض أصلا مع “الحزب” على مقايضة تسمح له بدعم فرنجية.

حزب الله، أدرك على أيّ حال أن طريق فرنجية إلى بعبدا لن يكون سالكا بعد الخطاب الناري الذي ألقاه زعيم حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الأحد الماضي معلناً “المواجهة السياسية حتى النهاية” تحت شعار “عا (قصر) بعبدا ما بيفوتوا”. وترتفع حظوظ قائد الجيش اللبناني، لأسباب عدة، منها أنه على امتداد عهدته التي دامت نحو سبع سنوات، وتنتهي في يناير المقبل، لم يصطدم لا مع حزب الله ولا مع سلاحه. وهو قاد الجيش بحرفية عالية، انطلاقا من مسؤولية تعلو فوق الشروخ السياسية، ولأن مهمته لم تتأثر بهذه الشروخ مما حافظ على وحدة الجيش وتماسكه، كما أن الجيش تحت قيادته حصل على دعم خارجي من عدة أطراف عربية ودولية، ومنها فرنسا والولايات المتحدة، ساعدت في الحد من آثار الأزمة الاقتصادية على قدرات الجيش. وسوى باسيل، فما من طرف لبناني آخر أعلن صراحة رفضه له. كما تحاشى الراغبون بترشيحه التحدث عن دعمهم له، سعيا لعدم “حرق ورقته” بجعلها موضوعا للسجال والتنازع المسبق.

وتقول مصادر مطلعة إن “الحزب” عاد لينتظر مجيء المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، الذي يعود إلى بيروت الاثنين، لكي يجد غطاء “حواريا” للتخلي عن فرنجية، إذا ما توفرت للعماد عون أغلبية تدعمه بموجب المشاورات التي يجريها لودريان مع كل طرف على انفراد.

وقدم باسيل إشارات إلى انزعاجه من “تكويعة” حزب الله المحتملة عندما وجه سهام النقد المبطن للحزب ولمعارضيه معا، في كلمة ألقاها في قضاء البترون، قائلا إن هناك “جهة بدّها تفرض علينا رئيس ما عنده تمثيله وشرعيته الشعبية وما عندها العدد الكافي من النواب ولا عندها المشروعية الميثاقية (…) وجهة ثانية بدّها تفرض على الجهة الأولى رئيس يتحداها وما عندها العدد الكافي من النواب، هي بدّها بس ما فيها”.

وثمة قناعة لدى المراقبين تفيد بأن اجتماع اللجنة الخماسية الذي انعقد في الدوحة في 17 يوليو الماضي وضع مواصفات للرئيس المقبل لا تتطابق مع أحد بقدر ما تتطابق مع العماد عون، وتضمنت هذه المواصفات أن يكون:

رئيسا قادرا على توحيد البلاد والتفاوض بنجاح مع المجتمع الدولي، وضمان استقرار لبنان وازدهاره.
رئيسا يتمتع باحترام الجميع في لبنان، بما في ذلك القوى السياسية المختلفة.
رئيسا ملتزما بتنفيذ الإصلاحات اللازمة لمعالجة الأزمة الاقتصادية والسياسية التي تواجه البلاد.
رئيسا يتمتع بسجل حافل من الخبرة والكفاءة في الإدارة العامة والشؤون الدولية.

ومما لا شك فيه، فإن اسم العماد عون سيكون على رأس قائمة المشاورات التي يجريها لودريان وهو يحمل “الحاسبة” ليجمع عدد ما يمكن أن يحصل عليه من الأصوات. وحيث أن حزب الله كان يتفاوض مع باسيل حول شروطه لدعم فرنجية، ومنها مشروع قانون اللامركزية والصندوق الائتماني، فإن لدى الحزب منفذا لتبرير “تكويعته” هو أنه سيظل يدعم جانبا من هذه المطالب كائنا من كان الرئيس المقبل.

ولكي يُرضي فرنجية بهذه “التكويعة”، فهناك تسوية تقول إن الحزب سوف يتمسك بتوزير ابنه طوني في أول حكومة للعهد الجديد، مما يفتح له الطريق لتولي الرئاسة في المستقبل بدلا من أبيه.

العرب

مقالات ذات صلة