خوف درزي شامل من السقوط في “لعبة الأمم”… وتحويلهم الى ” خروف العيد “!
الاحتجاجات في السويداء دون افق، والمعارضون الذين” ركبوا ” موجة التحركات الشعبية المحقة المطالبة بالخبز والحياة الكريمة لم ينجحوا في حرفها عن مسارها الحقيقي وصبغها بشعارات سياسية واسقاط النظام واقامة الادارة الذاتية، مما افقدها الزخم الشعبي والغطاء الديني عبر رفض مشايخ عقل الدروز وتحديدا الشيخ الحناوي لهذه الطروحات واخذ التحركات الى ما لا تحمد عقباه والسقوط في لعبة الامم.
وحسب المتابعين للاحداث، فان تعامل الدولة السورية مع التحركات نجح في استيعابها وعدم امتدادها وحصرها، عبر اوامر صارمة من الرئيس السوري بشار الاسد بالابتعاد عن القمع وعدم اراقة الدماء وترك المحتجين في ساحة الكرامة واخلاء المراكز الحزبية واجهزة الامن والجيش وادارات الدولة لتجنب اي صدام، رغم الجهد الذي بذله المعارضون ومن يقف ورائهم خارجيا لجر الدولة الى الفخ الامني وكسب التعاطف العربي والدولي وتحريك دروز لبنان وفلسطين والاردن، علما ان أجهزة الدولة الادارية والامنية عادت إلى العمل بشكل طبيعي منذ يومين وإنجاز معاملات المواطنين.
وحسب المتابعين ايضا، شكلت طروحات المعارضين الدروز المعروفين الذين حاولوا استغلال ما يجري وطرح الانفصال والحماية الدولية وحظر الطيران الحربي السوري فوق جبل العرب عبر بيان الضباط المتقاعدين اكبر نقزة لاهالي جبل العرب وكل السوريين حتى للمعارضين المعتدلين الذين انكفاؤا عن الساحات واصدار بيانات التاييد والتضامن، بل على العكس خرجت مواقف تدين هذا الطرح وتتمسك بالدولة والجيش ووحدة سوريا ومنع التطاول على رئيس الدولة، هذا ما عبر عنه حراك القريا بلدة سلطان باشا الاطرش حيث لعب ال الاطرش دورا اساسيا في تهدئة الامور والخواطر والعمل تحت سقف الوطن.
وحسب المطلعين ايضا، اضافت بعض الطروحات للمعارضين المزيد من الريبة عند كل السوريين لجهة التعميم بان ابتعاد الدولة عن القمع مرده الى قرار اميركي ودولي بحماية المحتجين؟ وهنا زادت المخاوف وسالت النسبة الاكبر من فاعليات الجبل المعارضين، الى اين؟ كما ان الاجتماعات التي عقدت بين معارضين دروز وقيادات قسد الكردية، والاتفاق على اثارة الاقليات الطائفية بالتزامن مع الاشتباكات بين العشائر العربية وقسد،عززت من الشكوك حول أهداف التحركات عند جميع اهالي الجبل، والخوف ان يصيب الدروز ما اصاب الاكراد في شمال سوريا، الذين سيتحولون في النهاية الى ” خروف العيد “.
وحسب المطلعين ايضا، فان كل هذه المعطيات اقلقت دروز لبنان وفلسطين والاردن، ورغم التعاطف الديني والعائلي و”حفظ الاخوان ” لكن الدعم السياسي غاب مطلقا باستثناء بعض البيانات الخجولة نتيجة الخوف من انزلاق الامور نحو مستويات خطيرة، فدروز لبنان عانوا ما عانوه عام ١٩٨٢ لكنهم لم يضيعوا البوصلة وقاتلوا دفاعا عن وحدة لبنان وعروبته.
وحسب المطلعين على الاحداث ايضا، شكل دعم احدى الدول الخليجية والمساعدات السخية من بعض رجال الاعمال الدروز والدينيين في فلسطين المحتلة اكبر طعنة للحراك، وبات معروفا حجم تدخل المخابرات الاميركية والبريطانية والفرنسية مع المعارضين الدروز وتحديدا عبر رئيس حزب اللواء الدرزي مالك ابو خير، وقدمت دولة خليجية مبلغ ٢٠ مليون دولار لدعم الحراك وتوزيع المساعدات المالية والطبية والاجتماعية بالاضافة الى المساعدات من دروز فلسطين المحتلة وبشكل علني، وكل المعلومات موجودة لدى الاجهزة الامنية اللبنانية والسورية عن كيفية حصول التحويلات المالية، علما ان تكاليف يوم الاحتجاج في ساحة الكرامة تتجاوز الـ ١٥٠ الف دولار.
وحسب المتابعين ايضا، شكل الحراك نقزة للاردن مع المعلومات عن جهد دولي لاقامة منطقة امنة وعازلة لحماية اسرائيل ” جيش لبنان جنوبي جديد ” تمتد من منطقة الزرقاء في الاردن وصولا الى جبل العرب حتى جبل الشيخ وشبعا وحاصبيا، هذه المنطقة تقطنها اغلبية درزية، وهذا المشروع القديم الجديد لايمكن ان ينجح، خصوصا ان دروز جبل العرب ولبنان والاردن سيقاومونه، لكن لعبة الامم قد تكون اكبر منهم، والمدخل الى ذلك اغراق السويداء بالدماء، هذا هو اساس المشروع، وقد لا ينفع الندم بعدها ” جهنم مبلطة باصحاب النوايا الحسنة “، علما ان الجهد الاسرائيلي لاقامة الدولة الدرزية لم يتوقف منذ الستينات، ويقوده حاليا مستشار نتنياهو مندي الصفدي ورجال اعمال وباحثون واكاديميون دروز في واشنطن ولندن وفلسطين المحتلة مع “مجانين ” من سوريا ولبنان والاردن معظمهم في الخارج وعقدوا سلسلة اجتماعات بدعم من المخابرات البريطانية، وللتاريخ فان كمال جنبلاط اول من قاتل هذا المشروع واسقطه وبعده وليد جنبلاط خلال حرب الجبل بدعم من كل القيادات الدرزية وتحديدا طلال أرسلان والاحزاب الوطنية، وربما تحاول الدوائر الغرببة اعادة احيائه اليوم مع المستجدات الجديدة.
وحسب المتابعين، فان بعض دروز سوريا من المعارضين ” ذاهبون الى الحج والعرب عائدون منه الى دمشق ” التي تكالبت عليها كل قوى الارض وهزمتهم وبدلت معطيات ٢٠١١ ورياح الربيع العربي، اما الازمة الاقتصادية فاصابت كل السوريين من ” مغربهم الى مشرقهم” بسبب الحصار الاميركي الخانق والقصف الاسرائيلي وتخلي العرب عن سوريا، والمؤسف ان الانتقادات لدى المحتجين في السويداء طالت النظام والفساد والتشبيح وتجنبت اي كلام عن الاحتلال الاميركي وما سببه من دماء ودموع .فالسويداء قبل الحرب الكونية كانت تنعم بالامن والامان والبحبوحة ومن دمر سوريا هو المسؤول الاول عما يعانيه الشعب السوري.
وحسب المتابعين ايضا، فان كل اهالي جبل العرب يعرفون ومن خلال تواجدهم في قراهم، عدم وجود أي حضور لحزب الله والايرانيين والحشد الشعبي في اي منطقة بالسويداء واريافها خلافا لكل ما يعممه المعارضون الذين فقدوا المصداقية جراء هذا الترويج إلاعلامي الذي لا اساس له من الصحة.
كل هذه العوامل تجعل حراك السويداء دون افق وتحت السقف، ولم يخرج عن مساره، رغم ان حجمه الاعلامي عبر الفضائيات يفوق أضعاف حضوره على الأرض باشواط كبيرة، لكن ما يجري لايعفي الدولة من مسؤولياتها بالاسراع في اتخاذ اجراءات لوقف الهدر والفساد وتهريب المحروقات واذلال الناس والاستماع الى مطالبهم، والمجئ بدم جديد وقيادات كفوءة تنقل السويداء الى مرحلة جديدة مع المعالجة الهادئة لملف المتخلفين عن خدمة العلم والفارين من الجيش، وقد بدا البحث في المطالب الاجتماعية بين مسؤولين من الدولة ولجنة من اهالي الجبل باشراف من مشايخ الدين خلال الأيام الماضية، وبات ضروريا القيام بخطوات تنفيذية لان الجوع كافر ولا يرحم وقد تتدحرج الامور الى الفوضى الشاملة اذا تاخرت المعالجات، وعندها لاينفع الندم ايضا.
رضوان الذيب- الديار