المملكة وحزب الله: هل من لقاء مرتقب؟؟!!

لم يمر كلام وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان خلال زيارته الأخيرة الى بيروت مرور الكرام، بحيث أظهر للمرة الأولى منذ الإعلان عن الاتفاق الإيراني- السعودي وجود لبنان على طاولة البحث بين الطرفين، بعد أن كان الكلام طول الفترة الماضية أن لبنان ليس أولوية ولم يصلوا إليه بعد، باعتبار أن هناك ملفات تسبقه ويُفترَض حلّها، وتحديداً الملف اليمني الذي تربطه السعودية بلبنان…

كلام يُشير الى أنه تم الانتقال من مرحلة لأخرى، ما يعني أنه تم البدء ببحث أمور المنطقة والدخول بالتفاصيل، وهذا ما يمكن البناء عليه كإيجابية في لبنان، وبخاصة أنه تَرافق مع زيارة السفير السعودي وليد البخاري الى البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بعد تأييده للحوار الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري مؤيداً خطوته، وهذا ما يُفسِّر تصعيد رئيس حزب “القوات” الذي انتهت مفاعيل خطابه في اليوم التالي.

منذ الاتفاق، اعتمد السعودي في لبنان سياسة الصمت العلني، وهذا ما اعتبره البعض تَحوُّلاً في سياسته تدريجياً، بعد أن كانت تصعيدية علنية في المراحل السابقة، فبدأ يُكرِّر عبارات تأييده للتلاقي والحوار والإصلاحات، وعدم دعم اسم لرئاسة الجمهورية ضد آخر، وترك لحلفائه خيار الاختيار دون خوض أي نوع من المعارك التي كانت تحصل سابقاً، سياسة تتناسب مع سياسته الجديدة في المنطقة، الى أن يأتي التحوّل الكبير.

طريق لن يخلو من المطبات، تماماً كما حصل من تباطؤ بمسار الاتفاق السعودي – الإيراني نتيجة العرقلة الأميركية، وإن عاد وسلك مساره المتوقَع كما هو ظاهر مِن تقدُّم بالعلاقات بين الدولتين، فهذا يُعتبر مؤشرا إيجابيا مرحليا، أي خطوة خطوة وليس نهائياً، باعتبار أن الملفات شائكة ومتداخلة وليست محصورة بينهما.

لكن رغم كثرة الملفات، يَبقى الهم الأول للمملكة ومفتاح الحل بالنسبة لها هو اليمن، الملف الذي استنزفها وتريد حلّه، وهذا ما تطلبه من ايران وحزب الله، وبغض النظر عن الرد، يأتي الربط بين الملفين اللبناني واليمني، مع العلم أن الرياض لا تنظر لحزب الله كقوة محلية وإنما قوة إقليمية، تعرف تماماً مدى تأثيره على صعيد المنطقة…

والى أن تظهر نتائج المفاوضات في اليمن، يَظهر الهمّ السعودي الثاني، والذي يَكمن في الداخل اللبناني، ألا وهو إعادة لملمة البيت السُني بعد أن أقصت المملكة زعيمه، ولم تجد حتى اللحظة بديلاً عنه، حتى عندما بدأ الحديث عن التسوية الرئاسية والمقايضة بين الرئاستين الأولى والثالثة، كان أحد العوائق أن السعودية لم تجد بعد رئيساً للحكومة، تُحافظ من خلاله على مكاسبها في لبنان على الأقل، باعتبار أن طريقة تعاطيها مع لبنان لن تعود كما كانت في السابق، فوجدت نفسها اليوم تُركِّز على رأس الطائفة، حيث بات المفتي عبد اللطيف دريان المُعتمَد لديها في لبنان، بدل من زعيم سياسي يتعذّر العثور عليه في هذه الأيام…

وسط كل هذه التغيّرات، هناك سؤال بدأ يُطرَح حول إمكانية حصول لقاء بين المملكة وحزب الله بمجرد الإعلان عن الاتفاق السعودي – الإيراني، إلا أنه بديهياً يمكن الجواب عليه من خلال رؤية مسار الأمور، الذي ينبغي أن نشهد في نهايته تواصلاً سعودياً مع حزب الله، فالمسألة تراكمية ستصل في اللحظة المناسبة للقاء الطرفين، فالسعودي سيَلحق بالفرنسي ويكتشف أن حزب الله بات أمراً واقعاً لا يمكن تجاوزه أو تخطّيه، طالما أنه قام (أي السعودي) بمراجعة لكل سياساته السابقة ، وبدأ يَنتهج سياسة صفر مشاكل لانسجامها مع الإستراتيجية الجديدة لبلاده، خاصة أن اللقاء مع حزب الله هو أحد مفاتيح العمل على تفاهمات وحلول لبعض المسائل.

إذاً، مسار التفاهمات بدأ، ومن المُفترض أن يُكمِل حتى النهاية وفقاً للسياسات والأهداف العامة التي وُضِعت، إلا أن الالتزام السعودي مع الأميركي سيبقى العائق الأبرز بوجه كل التفاهمات، فكيف سيستطيع أن يوازي بين التزاماته مع الإيراني من جهة، والتزاماته مع الأميركي من جهة أخرى، خاصة في ما يتعلق بالتطبيع مع العدو الإسرائيلي؟؟!!..

الديار

مقالات ذات صلة