إيطاليا تستنجد بـ«صانع» معجزة نابولي
حقبة واعدة للمنتخب الإيطالي يقودها المدرب لوتشيانو سباليتي. جماهير «الأزوري» تترقّب صفحة جديدة بعد سلسلة إخفاقات متراكمة، على أن تبدأ أولى الامتحانات أمام مقدونيا الشمالية في تصفيات اليورو، غداً السبت (21:45 بتوقيت بيروت)
كرة القدم الإيطالية ليست على ما يرام. لا منتخب حاضراً ضمن الاستحقاقات الضخمة ولا أسماء لافتة تزيّن كبار الأندية في القارة العجوز. أزمة كروية خانقة ضربت البلاد خلال السنوات الماضية، بدأت بوادرها بين عامَي 2010 و2014 عندما خرج المنتخب من الدور الأول لكأس العالم، لتجلّى الجفاف في مونديال 2018، عندما غاب «الأزوري» عن العرس الكروي الكبير. تصاعد الأمل بعدها عام 2020 بفوز المنتخب الإيطالي في بطولة «اليورو»، وهو أول لقب قاري للبلاد منذ كأس العالم 2006، لكن الغياب عن كأس العالم مرة أخرى عام 2022 أظهر مدى هول الأزمة.
الأمر لا ينحصر بالمنتخب فحسب. فبعد انتشار جائحة كورونا، تبيّن مدى تدهور الوضع المالي في دفاتر الأندية الإيطالية المحاسبيّة، وزاد الأمر سوءاً انخفاض العائدات من حقوق النقل التلفزيوني، ما ساهم بإفلاس بعض الفرق وجعل أخرى تعاني الأمرين.
مؤشرات أكدت على أن نظام الكرة الإيطالية بأكمله يحتاج إلى مراجعة وإعادة هيكلة، وهو ما أشار إليه نجم إيطاليا السابق روبرتو باجيو عام 2011 بعد الأداء الكارثي في مونديال 2010،
بتقديمه تقريراً من 900 صفحة طرح فيه حلولاً لمختلف المشكلات في كرة القدم الإيطالية عندما كان رئيساً للقطاع الفني في الاتحاد الدولي لكرة القدم. ورغم أهمية التقرير، تجاهل الاتحاد الإيطالي لكرة القدم مقترحات باجيو ما أدّى إلى استقالته من منصبه عام 2013، فيما استمرت الأمور بالتراجع أكثر فأكثر.
وسط هذه العاصفة، أعلن المدرب الإيطالي روبيرتو مانشيني استقالته من تدريب منتخب الأزوري قبل أقل من عام على انطلاق بطولة «يورو 2024»، وترك مانشيني سجلاً دولياً جيداً حيث حقق 39 فوزاً و13 تعادلاً وتسع هزائم من 61 مباراة خلال فترة تدريبه لإيطاليا، كما سجل رقماً قياسياً جديداً في كرة القدم الدولية بعد أن قاد المنتخب إلى 36 مباراة بدون هزيمة.
أظهر مدرب نابولي السابق بالفعل بعض الاختلافات عن سلفه روبرتو مانشيني
مقابل ذلك، توجه الاتحاد الإيطالي لكرة القدم إلى تعيين لوتشيانو سباليتي على رأس العارضة الفنية للمنتخب (أول اختبار تدريبي له على صعيد المنتخبات)، وهو مدربٌ عانق الذهب في أغلب محطاته بدءاً من روما الذي فاز معه بكأس إيطاليا مرتين (2007 و2008) وكأس السوبر الإيطالي في 2007، ثم زينيت سانت بطرسبرغ الروسي الذي قاده إلى لقب الدوري مرتين (2010 و2012) ولقب الكأس الروسي في 2010 وكأس السوبر في 2011، وصولاً إلى تتويجه مع نابولي في الموسم الماضي بلقب الدوري الإيطالي للمرة الأولى منذ موسم 1989-1990.
هو عصرٌ جديد لمنتخب إيطاليا يبدأه سباليتي يوم السبت أمام مقدونيا الشمالية. ووفقاً لقناة «سكاي سبورت إيطاليا»، أظهر مدرب نابولي السابق بالفعل بعض الاختلافات عن سلفه روبرتو مانشيني من خلال عدم التسامح مطلقاً مع اللاعبين الذين ينسحبون من التدريب بسبب الإصابات الطفيفة، كما أنه اختبر بعض تكتيكاته في التدريبات وألمح إلى تمسّكه بخطة 4-3-3.
يُنتظر من سباليتي إيجاد توليفة مناسبة قادرة على إعادة أمجاد المنتخب الإيطالي، وتقديم كرة جذّابة – متوازنة كتلك التي قدّمها مع نابولي. كما يجب على سباليتي تهدئة الأجواء داخل وخارج غرفة الملابس، خاصةً بعد التوترات التي عرفها اللاعبون والجماهير مع المدرب السابق على خلفية مشكلات عديدة، منها استقدام أسماء مغمورة من خارج الدوري الإيطالي أضعفت المنظومة ككل.
ستكون الفترة المقبلة بمثابة امتحان لأفق المنتخب. الفوز على مقدونيا الشمالية من شأنه فتح صفحة جديدة وذلك لما يحمله الانتصار المحتمل من جرعة معنوية بالدرجة الأولى، نظراً إلى أن منافس السبت حال دون تأهل إيطاليا إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2022 بعد أن فاز أمام الأزوري (1-0).
عموماً، تغيير المدرب لن يشكّل سوى بداية عملية النهوض. على الاتحاد الإيطالي أن يكون أكثر جدية من خلال تنمية المواهب في الأكاديميات ودعم فرق «الكالتشيو» مادياً إذا ما أراد عودة مجد الأزوري ووزنه بين كبار المنتخبات مجدداً، وإلا، فإن مسلسل السقوط الحر سيستمر.
حسين فحص