ماذا يعني “الانهيار المناخي”؟.. وهل بلغنا مرحلة اللاعودة؟

“الانهيار المناخي بدأ” بهذه الكلمات علق الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش على تقرير لمرصد كوبرنيكوس الأوروبي بشأن تسجيل معدل الحرارة العالمية في الأشهر الثلاثة الأخيرة أعلى مستويات على الإطلاق.

ويقول المرصد إن الموسم المؤلف من أشهر يونيو ويوليو وأغسطس، الموازي للصيف في نصف الكرة الأرضية الشمالي، “كان بأشواط الأكثر حرا على الإطلاق، مع معدل حرارة وسطي عالمي بلغ 16.77 درجة مئوية”.

من جانبه يؤكد غوتيرش أن “المناخ ينفجر بوتيرة أسرع من قدرتنا على المواجهة، مع ظواهر جوية قصوى تضرب كل أصقاع الأرض”.

ما هو الانهيار المناخي؟

يصف قاموس كامبردج الانهيار الناخي على أنه “تغييرات خطيرة وضارة للغاية في طقس العالم، الذي أصبح أكثر دفئا بسبب النشاط البشري الذي يؤدي إلى زيادة مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي”.

وتعتبر الأمم المتحدة أن التغييرات التي وصلت لمرحلة “الانهيار المناخي” هي “الأزمة الحاسمة في عصرنا الحالي، وهي تحدث بسرعة أكبر مما كنا نخشاه”، بحسب تصريحات سابقة لغوتيرش في سبتمبر من العام الماضي.

ولا يوجد تعريف متفق عليه لـ”الانهيار المناخي” ولكن الأمم المتحد تشير إلى أن آثاره المدمرة تتضمن:

ارتفاع درجات الحرارة وتفاقم التدهور البيئي.
ارتفاع مستويات سطح البحر وذوبان القطب الشمالي وموت الشعاب المرجانية.
الظواهر الجوية المتطرفة والكوارث الطبيعية واحتراق الغابات.
انعدام الأمن الغذائي والمائي.
الاضطراب الاقتصادي والصراعات والإرهاب.

وتعزو المنظمة تفاقم هذه الأزمة إلى “مليارات الأطنان من ثاني أكسيد الكربون التي تطلب في الغلاف الجوي كل عام نتيجة لاستخدام الفحم والنفط والغاز”.

وتحذر بيانات سابقة للأمم المتحدة من أن 40 في المئة من سكان العالم يعيشون في مناطق معرضة لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر، خاصة من يعيشون على بعد 100 كلم من الساحل، إذ قد تجد بعض المدن نفسها قد غمرت بالمياه مما سيؤدي إلى نزوح ملايين البشر.

عالم المناخ في “لندن كوليدج”، بيل ماكغواير، قال في كتاب نشره في 2022 إنه “بعد سنوات من تجاهل تحذيرات العالم، لقد فات الآوان لتجنب الآثار الكارثية لتغير المناخ”.

وأضاف أن “الطقس سيبدأ تجاوز الظواهر المتطرفة.. رغم الأهداف الرسمية لخفض انبعاثات الكربون” بحسب تقرير نشره موقع بزنس إنسايدر.

ولم يسلم من هذه الظواهر العنيفة نصف الكرة الجنوبي، حيث تحطم الكثير من الأرقام القياسية لدرجات الحرارة في منتصف الشتاء الجنوبي.

وتحذر منظمات عالمية للأرصاد الجوية من أن البشر وجميع الكائنات الحية مهددون أيضا بسبب “خلطة قاتلة” من الملوثات الكيميائية التي تغذيها الحرائق وموجات الحر الشديدة والمتكررة.

التكيف مع الانهيار المناخي

رغم تأثيرات البشر الخطيرة على الأرض، إلا أن هناك بصيص أمل حتى مع حدوث الانهيار المناخي، وهي “القدرة الاستثنائية” على التكيف للجنس البشري، بحسب ما قالت الكاتبة المتخصصة بالمناخ، غايا فينس في مقال نشرته صحيفة “الغارديان”.

وأشارت إلى تنامي “القلق البيئي” ينبغ من الشعور باليأس وإدراك أن هناك ثمة حدود لمدى قدرة الإنسان في التأثير على التغيير العالمي، كما لا يمكننا معرفة ما يحمله المستقبل، وهو ما يترافق مع عدم وجود “أدنى مستوى من القيادة” على الصعيد العالمي.

ودعت القادة إلى “الصدق” بشأن خياراتنا والمقايضات التي ستكون متاحة لكل واحد منا، والتي لن تكون سهلة.

وأشارت إلى أن حجم وطبيعة التحديات التي نواجهها على صعيد المناخ تتطلب تغييرات تدريجية في الاستجابة، تترافق مع أفكار جريئة ومبتكرة وقيادة حقيقية.

وفي أكتوبر من العام الماضي دعت الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وجماعية لمواجهة “انهيار مناخي لا رجعة عنه”.

وضربت موجات الحر والجفاف والفيضانات والحرائق آسيا وأوروبا وأميركا الشمالية خلال هذه الفترة، بأحجام هائلة وغير مسبوقة في كثير من الأحيان، مع ما ترتب على ذلك من خسائر في الأرواح وأضرار على الاقتصادات والبيئة بحسب تقرير لوكالة فرانس برس.

وعلى مدى الأشهر الثمانية الأولى من العام، كان متوسط درجة الحرارة العالمية أقل “0.01 درجة مئوية فقط مما سجل في عام 2016، وهو العام الأكثر سخونة على الإطلاق”.

ولكن هذا الرقم القياسي ليس منيعا نظرا للتوقعات الموسمية وعودة ظاهرة إل نينيو المناخية في منطقة المحيط الهادئ، المرادفة لمزيد من الانحباس الحراري.

وعلى الرغم من ثلاث سنوات متتالية من ظاهرة إل نينيا المعاكسة لظاهرة إل نينيو التي حجبت الاحترار جزئيا، فإن الأعوام 2015-2022 كانت بالفعل الأكثر حرا على الإطلاق.

يلعب ارتفاع درجة حرارة بحار العالم التي ما زالت تمتص 90 في المئة من الحرارة الزائدة الناجمة عن النشاط البشري منذ العصر الصناعي دورا رئيسيا في هذه الظاهرة.

وقالت سامانثا بورغس ، نائبة رئيس قسم تغير المناخ في مرصد كوبرنيكوس لوكالة فرانس برس إنه “بالنظر إلى الحرارة الزائدة على سطح المحيطات، فمن المرجح أن يكون عام 2023 هو العام الأكثر سخونة.. الذي عرفته البشرية”.

تعود قاعدة بيانات كوبرنيكوس إلى عام 1940، ولكن يمكن استخدامها بتحليل المناخ الذي سادت خلال آلاف السنين الماضية وتم التوصل إليه باستخدام حلقات الأشجار أو العينات الجليدية وتجميعها.

لماذا لا يتوقف الانهيار المناخي؟

تؤكد عالمة المناخ، فريدريكي أوتو، أن ” ظاهرة الاحتباس الحراري مستمرة لأننا لم نتوقف عن حرق الوقود الأحفوري. الأمر بهذه البساطة”.

وقال ديفيد راي، مدير معهد أدنبرة لتغير المناخ “حتى أولئك الذين ما زالوا يدفنون رؤوسهم في الرمال.. يجب أن يسألوا أنفسهم لماذا الجو حار إلى هذا الحد”.

وأضاف “إذا لم يسفر مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في دبي عن تخفيضات جذرية في استخدام الوقود الأحفوري والانبعاثات العالمية، فسنكون قادرين على تسمية عشرينيات القرن الحادي والعشرين رسميا: عصر الغباء”.

ويأتي نشر هذه البيانات والتصريحات قبل ثلاثة أشهر من انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28) في دبي.

ويفترض أن يعيد مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، الذي يتوقع أن يشهد معركة حامية بشأن إنهاء استخدام الوقود الأحفوري، البشرية مرة أخرى إلى مسار اتفاق باريس للحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين، وإذا أمكن عند 1.5 درجة مئوية مقارنة بعصر ما قبل الصناعة.

الحرة

مقالات ذات صلة