“الوطني الحرّ” يمنح الميثاقيّة المسيحيّة “لحوار بري”!
دعوة الرئيس نبيه بري الى حوار مدته سبعة أيام تليه جلسات انتخابية، لا تزال تتفاعل في الاوساط ومحور تفسيرات متناقضة ومختلفة، والتطور اللافت جاء في جرعة الدعم الجنبلاطي بمؤازرة من رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” النائب تيمور جنبلاط، وتأكيده عبر منصة “إكس ” ان “الأفضل من تضييع الوقت وتراكم المآسي، الذهاب الى حوار جاد للخروج من الأزمة”. كلام جنبلاط أتى مكملاً لدعم بكركي لأي حوار من دون أحكام مسبقة، مع التجرد من المصالح الشخصية.
خطوة رئيس المجلس لم تنته تردداتها بعد، لكنها بالمؤكد لم تأت من العدم. فبري المعروف بحنكته السياسية واستخراجه الحلول للأزمات، له حسابات سياسية معينة، وهدفه تحقيق اختراق في الملف الرئاسي، وتأكيد انه الساعي الأول لإنجازه، لكنه أيضا حقق عدة وثبات، حيث سدد ضربة للمعرقلين والمعطلين للاستحقاق الرئاسي، من خلال دعوته لحوار مفتوح على جلسات انتخابية مدتها سبعة أيام ، مسجلا هدفا لدى المحور الآخر .
دعوة للحوار أفضل من عدمه، وبالتالي يجب تلقفها بإيجابية لإزالة مناخات التشنج والانقسام، وهذا ما ظهر في مواقف كتلة “الاعتدال”، وعدد من نواب المعارضة، يتقدمهم رئيس الحزب “الإشتراكي”، وتأييد الطرفين يكسب الحوار غطاء سياسيا مهما.
من دون شك، فان بري يملك مؤشرات سياسية خطيرة، بدءاً من تعقيد الملف الرئاسي وصولا الى الازمة الاقتصادية المقلقة التي تحتم الذهاب سريعا لإنتخاب رئيس، فرئيس المصرف المركزي بالإنابة وسيم منصوري يرفض تمويل الدولة بالدعم المالي، ولا يوجد إصلاحات او موارد مالية، وبالتالي فان الدفع لإجراء إنتخابات رئاسية يخلق دينامية تعوّض عن تقاعس الدولة، ويفتح آفاقا مالية واقتصادية.
مع ذلك، لا يمكن تجاهل الإعتراض لدى الفريق المسيحي الذي تمثله “القوات” و”الكتائب”، اذ يطالب هذا الفريق بفتح أبواب المجلس لجلسات انتخاب رئيس للجمهورية وتطبيق الدستور، وليس كسر الأعراف والامعان بضرب الدستور، فالحوار لا يسبق انتخاب رئيس للجمهورية، بل يأتي بعده .
رئيس المجلس خطف الأضواء محققا عدة أهداف، فهو وجه رسالة مزدوجة الى الإدارة الفرنسية بعد التسريب حول التدخل الايراني في الشأن الرئاسي من جهة ، واختار الدعوة في لحظة سياسية معينة لملاقاة دعوة لودريان . من دون شك، فان طرح بري وضع الجميع أمام مسؤولية “ردودهم” وتفاعلهم مع الدعوة، فالتيار الوطني الحر يلاقي بري في الشكل بالتجاوب لأنه محرج وتائه في خياراته ، لان الدعوة أربكت رئيس التيار المنهمك بحواره مع حزب الله حول الرئاسة واللامركزية الإدارية والصندوق الإئتماني، في حين يمكن ان يسرق حوار البرلمان الأضواء من طريق حواره المتقدم مع حزب الله.
“طرح” رئيس المجلس أدى الى انقسام المعارضة، بعد ان حصل على تأييد الحزب “التقدمي الإشتراكي” وعدد من نواب “التغيير” و”الاعتدال” ، فيما اعتراض جزء من المعارضة قائم حول من يدير الحوار وجدول اعماله، مع مخاوف من الذهاب الى تعطيل نصاب الجلسات، لكن هذه الهواجس تبدو متفاوتة، فهناك انشقاق واختلاف في مقاربة النواب “التغييريين” لمسألة الحوار .
مع ذلك، فان حوار بري لم يسلك بعد الطريق السريع، اذ تطرح تساؤلات عن تأثير مقاطعة “القوات” و”الكتائب” له ، في حال قبل به “التيار الوطني الحر”، وهو على الأرجح موافق عليه، وعن هذا السؤال اعتبرت مصادر سياسية ان موافقة التيار بما يشكله من وزن وثقل مسيحي، يمكن ان يمنح الحوار الميثاقية المسيحية المطلوبة، ويبقى السؤال عمن سينوب عن غياب “التغييريين” المنقسمين على حالهم بآرائهم.
ابتسام شديد- الديار