الحزب صاحب الحلّ والربط…عسكرياً وسياسياً!

“الحزب” يربط المسارات المحلية والإقليمية.. عسكرياً وسياسياً

ينشغل حزب الله بأولويات عدة، على أكثر من جبهة سياسية، لا جغرافية، طالما أنه في الجغرافيا قد أعلن مسبقاً ترابط الجبهات ووحدة الساحات.

داخلياً، يسعى الحزب إلى رص صفوف جبهته السياسية، من خلال الحوار المستمر مع التيار الوطني الحرّ، وبقائه على موقفه من مسألة ترشيح سليمان فرنجية ورفض أي خيار آخر حتى الآن. هذا ما يتوافق عليه الحزب مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي، ورئيس تيار المردة والحلفاء الآخرين، فيما يسعى إلى إقناع التيار الوطني الحرّ بذلك. وقد حظي الحزب بدفعة سياسية إيرانية في هذا السياق، من خلال الإشارات والمواقف التي أطلقها وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وقوله إن إيران والسعودية لا تريدان التدخل بالاستحقاق الرئاسي، ما يعني إحالة الملف مجدداً إلى الحزب وإدارته.

ترابط المسارات
رص الصفوف، ينعكس أيضاً على محور المقاومة، وهنا الجبهة الثانية. سواءً بزيارة عبد اللهيان التي كان هدفها التنسيق مع الحزب في كل التطورات التي تحصل في المنطقة، من زيارته إلى السعودية مروراً بسوريا وصولاً إلى لبنان. وهذا كله يهدف إلى ترابط المسارات، خصوصاً أن حزب الله لا يفصل أي ضغوط في الجنوب اللبناني عن الضغوط التي تشهدها سوريا في جنوبها، وعلى الحدود السورية العراقية. وقد بدا التناغم واضحاً في مواقف نصرالله وعبد اللهيان من رفض إغلاق الحدود السورية العراقية.

لا يتوقف رص الصفوف عن العلاقة الإيرانية مع الحزب وسوريا. بل الساحة الفلسطينية تبقى في المقدمة، وهو ما يثبته لقاء نصرالله برئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري، ورئيس حركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة. يأتي اللقاء بعد زيارة عبد اللهيان، وفي ظل كل التهديدات الإسرائيلية باستهداف قادة المقاومة الفلسطينية في لبنان، من ضمنها العاروري تحديداً، ما استدعى رداً واضحاً من نصرالله بأن أي عملية استهداف سيكون الردّ عليها حتمياً.

صاحب الحلّ والربط
كل هذه الخطوات، غايتها أن يبقى الحزب في موقع صاحب الفعل داخلياً، والمتلقف الأسرع لكل ما يجري خارجياً. فلا يمكن فصل ذلك عن زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين، والذي تناول أكثر من موضوع، أهمها انتخاب رئيس للجمهورية، لضمان الاستفادة من مرحلة ما بعد التنقيب عن النفط، وإرساء الاستقرار في الجنوب ربطاً بالسعي إلى ترسيم الحدود البرية. وهذا مسار يعرف حزب الله أنه سيكون فيه صاحب الحلّ والربط، طالما أنه يسيطر عسكرياً وأمنياً وشعبياً على تلك المنطقة، وعلى طول الحدود. وبالتالي، فإن أي اتفاق لا بد أن يحصل معه.

هذه الوقائع، تدفع الكثيرين في لبنان إلى الاعتقاد بأن أي اتفاق على ترسيم الحدود، لا بد أن يحصل بشكل غير مباشر بين الأميركيين والحزب. طبعاً، ذلك يحتاج إلى مسار طويل، وسيمر في محطات كثيرة. عملياً المسار فُتِح، فيما التساؤلات التي تطرح إذا كان الوصول إلى نتيجة إيجابية في هذا الصدد، سيكون مقابله أن يحقق حزب الله المكاسب التي يريدها في السياسة أو في الرئاسة داخلياً. لا سيما أنه مع حركة أمل لا يزالان يطرحان المبادرات، وآخرها مسألة الحوار، مقابل رفض الآخرين للتجاوب وإصرارهم على مواقفهم.

“الأهالي” في الميدان
عملياً، يعلن الحزب عن مجموعة ثوابت، في الرئاسة أصبحت معروفة. أما في الميدان، فلا مجال للتخلي عن العلاقات الإقليمية من إيران إلى العراق فسوريا فلبنان وفلسطين ضمناً. وتحت هذا الاعتبار، قاد الحزب بشكل أو بآخر المفاوضات التي خاضتها الحكومة اللبنانية في مجلس الأمن بمسألة التجديد لقوات الطوارئ الدولية. صحيح أن ما أقر لم يتناسب مع ما طلبه لبنان، إلا أن الحزب سيقود إلى تعديل ذلك بالوقائع، من خلال التشديد على التعاون بين اليونيفيل والجيش اللبناني والأهالي. أما بحال لم يتحقق ذلك، فسيكون لدى الحزب شعار أساسي وهو أن “الأهالي” لديهم حرية الحركة في الردّ على حركة قوات الطوارئ الدولية.

لا يمكن لهذا المسار الجنوبي- الحدودي أن يكون قصيراً. أما مع تقدّمه، فسيكون هناك ارتباط أكثر مع سوريا، خصوصاً لدى الوصول إلى مرحلة النقاش بوضع مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وفي هذا السياق، تشير المعلومات إلى أن الحزب والمسؤولين عن ملف الترسيم لديه بدأوا تنسيقاً مع دمشق، من خلال زيارات أجريت في الآونة الأخيرة.

أما أميركياً وإسرائيلياً، فهناك من يعيد التقدم بطرح مشابه لما طرح سابقاً حول الجنوب السوري، أي أن يتم التسليم بوجود حزب الله العسكري جنوب الليطاني، في مقابل الوصول إلى صيغة بعدم الوجود العسكري ضمن مسافة تبعد كيلومتراً عن الخط الأزرق. هذا ما يرفضه الحزب، من خلال إصراره على إبقاء الخيمتين خارج الخط الأزرق.

وأي تسوية من هذا النوع، مهما طال وقتها، ستكون أثمانها كبيرة.

منير الربيع- المدن

مقالات ذات صلة