أعداد الجرائم تنخفض … بعد اعتقال مئات العصابات!
عندما تضرب أزمة اقتصادية بلداً ما، فإن نسبة الجرائم ترتفع حكماً، بسبب الصعوبات التي يعاني منها المواطنون أولاً، وإرهاق الأجهزة الأمنية ثانياً. ولبنان لم يكن مميزاً في هذا الخصوص. إذ ارتفعت أعداد الجرائم بنسب مخيفة بعد العام 2019، حتى انضم لبنان إلى نادي الثلاثين دولة الأكثر خطورة بسبب جرائم القتل التي تحصل فيه نسبة لعدد سكانه.
أعداد الجرائم تنخفض
ذروة الأزمة كانت بين العام 2019 والعام 2021، حين ارتفعت جرائم السرقة بنسبة 265 بالمئة، وجرائم القتل بنسبة 101 بالمئة. ففي لبنان، خلال العام الأول للأزمة 2019، وقعت 89 جريمة قتل، بينما وقعت 179 جريمة قتل بالفترة عينها بين عامي 2021 و2022. أما السرقة فارتفعت من 1314 حادثة عام 2019 إلى 4804 عام 2021.
هذا الارتفاع في نسب الجرائم، توقف هذا العام. إذ شهد النصف الأول منه انخفاضاً مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. ويكشف الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين، أن صافي عدد السيارت المسروقة منذ بداية العام الحالي حتى نهاية شهر حزيران بلغ 511 سيارة مقارنة بـ556 سيارة في الفترة عينها من العام الماضي. أما عدد جرائم القتل فانخفض من 84 العام الماضي في الأشهر الستة الأولى، إلى 77 هذا العام. بينما انخفضت أعداد السرقات من 2946 إلى 1827، مع التشديد على أن هذه الأرقام مبنية على بيانات قوى الأمن الداخلي. وبالتالي، بحال حصلت جرائم ولم يتم تبليغ الأجهزة بها، فهذا يعني أنها لا تدخل في حسابات هذه الأرقام.
سجلت المؤشّرات الأمنيّة عام 2022 تحسناً طفيفاً مقارنة بالعام 2021. وكانت قوى الامن أعلنت بداية العام 2023 انخفاض نسبة الجرائم الهامّة في خلال عام 2022، وتراجعها عمّا كانت عليه في خلال عام 2021. وهو ما كاد يُفقد بعد بداية عام حالي غير مستقر على صعيد الجرائم. لكن بعد شباط، عادت الأمور لتتحسن ويستمر الانخفاض مقارنة بالأعوام السابقة. لكن -حسب شمس الدين- لم يعد الوضع إلى ما كان عليه قبل الأزمة الاقتصادية.
ماذا عن أسباب التراجع
تُشير مصادر أمنية بداية إلى حجم الجهد الذي تقوم به الأجهزة رغم كل الصعوبات، وآخرها تلك المتعلقة بالبنزين، كاشفة أن مخزون البنزين العائد للجيش اللبناني ليس المخزون الوحيد الذي بلغ خطوطاً حمراء، وهذا ما يُنذر بأزمة قريبة ما لم تُحل المسألة، ولو من خلال الشراء من السوق المحلي.
حسب المصادر، فإن انخفاض أعداد الجرائم له علاقة بعمل الأجهزة التي أوقفت المئات من الشبكات والعصابات، التي تُعنى بالسرقة أو الخطف أو السلب. مشيرة إلى أن هذه التوقيفات قلصت أعداد الجرائم.
أما بما يتعلق بالمعلومات التي تتحدث عن ارتفاع أعداد الجرائم في شهري تموز وآب، فتُشير المصادر الأمنية إلى أن الأعداد تختلف بين شهر وآخر، لكن هذا لا يعني أن لبنان يشهد فلتاناً أمنياً رغم كل الصعوبات. وتُشير إلى أن الأرقام الدقيقة تظهر نهاية العام للبناء عليها.
من جهته، يرى شمس الدين أن التراجع بأعداد الجرائم له عدة أسباب، أبرزها حرص المواطنين أكثر على ممتلكاتهم وأغراضهم وسياراتهم ومنازلهم، خصوصاً بعد موجات السرقات التي ضربت لبنان منذ بداية الأزمة الاقتصادية حتى اليوم. أما السبب البارز الثاني فهو انكشاف أمر معظم الشبكات، وفي ذلك تأكيد على ما قالته المصادر الأمنية.
محمد علوش