هل يتحول ″الأمن الذاتي″ الى ″أمن ميليشياوي″ وتصفية حسابات وصولا الى القتل؟
يتنامى التفلّت الأمني في لبنان ويتوسّع الى درجة أصبحت السيطرة عليه شبه مستحيلة، خصوصا أنه لم يعد يقتصر على الاشكالات المسلحة فقط، بل يترافق مع عمليات نشل وسرقة وخطف وتخريب وتصفية حسابات وصولا الى القتل عمدا، ما يضاعف من المخاطر المعطوفة على تداعيات الانهيار المالي والاقتصادي، والأفق السياسي المسدود.
ليس جديداً على اللبنانيين ان يعيشوا مثل هذه الفوضى التي تطل برأسها عند كل أزمة، ويضاعف من إنعكاساتها السلبية تراجع دور الأجهزة الامنية والمساءلة القضائية والقصاص الرادع، إنّما الجديد والمفاجئ، هو تزيين ظاهرة التفلت والاستقواء بالسلاح بتسمية ″الأمن الذاتي″!
مع تكاثر أعداد الجرائم ومظاهر التفلت الأمني في لبنان، إتجهت كثير من المناطق اللبنانية نحو إعتماد الأمن الذاتي الذي غالبا ما يكون مقنعا تحت شعار حماية الأهالي والحفاظ على الممتلكات، وبما إستمالة الشارع هي الصفة الغالبة لدى التيارات السياسية اليوم ولا سيما المسيحية منها، فإن الراغبين بإعتماد الأمن الذاتي يحظون بالغطاء السياسي المطلوب بشكل سريع.
من أبرز هذه المناطق الاشرفية، ذات الغالبية المسيحية في العاصمة بيروت حيث ظهرت قبل فترة مجموعة من الشبان أطلقت على نفسها إسم ″جنود الرب″، وهي بدأت تحت غطاء حماية المنطقة من عصابات القتل والسرقة، وتحولت اليوم الى قوى أمر واقع تفرض أعرافا وقوانين بعيدا عن سلطة الدولة.
وعلى غرار هذه المجموعة، أثار عدد من الشبان في طرابلس كثيرا من الجدل مع إعلانهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن تشكيل ″جنود الفيحاء″ وبالرغم من رفض أبناء المدينة لهذه الظاهرة، وبالرغم من قلة عدد الشبان المنضوين ضمنها، الا أن هذه الفكرة بدأت تستهوي الكثير من الشبان، ما يثير المخاوف من إمكانية تمدد هذه الظاهرة الى المزيد من ″جنود″ المناطق التي ربما ومع الفوضى التي تعم البلاد والسلاح المتفلت أن تتحول الى ميليشيات يصعب ردعها وتؤسس لحرب جديدة، وذلك على غرار ما شهدته سوريا خلال الأحداث التي ألمت بها، حيث أصبح لكل حي أو منطقة قائد ومجموعة مسلحة تفرض قوانينها على السكان.
تقول مصادر مطلعة، إنه رغم التوقيفات التي تقوم بها الأجهزة الامنية والعسكرية، إلا أنّ ذلك لم يخفف من عدد الجرائم التي تتزايد يوما بعد يوم، ما قد يؤدي الى تنامي ظاهرة “الأمن الذاتي” وتوسّعها في مناطق مختلفة وبحماية سياسية وطائفية، من شأنها أن تغري البعض لتشكيل مجموعات تضع قوانين خاصة بها لحماية مناطقها بقوة السلاح وبغض نظر من الأجهزة المعنية!..
احمد الحسن