المراقبون الجويون ينتفضون والملاحة الليلية مهددة: ضرورة تدبير سريع من الدولة!
أصدر المراقبون الجويون اللبنانيون في المديرية العامة للطيران المدني بياناً منذ يومين أعلنوا فيه أنهم سيلتزمون بدءاً من تاريخ 5-9-2023 بجدول مناوبة يؤمنون فيه العمل في مطار رفيق الحريري الدولي – بيروت من الساعة السابعة صباحاً حتى الساعة الثامنة مساءً، على أن تتم جدولة الرحلات بما يتناسب مع القدرة الاستيعابية للمراقب الجوي.
وهي ليست المرة الأولى التي يرفع فيها المراقبون الجويون الصوت، وكان وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية أثار الجدل في بداية شهر آب الجاري، بسبب مناقشة استقدام مراقبين من المنظمة الدولية للطيران المدني، بسبب النقص الذي يعانيه المطار.
وبعد الجدل الذي أثاره إعلان المراقبين، انتشرت المقالات والتقارير الصحافية عنهم، ما دفعهم الى الرد ببيان آخر أمس على ما سمّوه “المصادر الصحفية المشبوهة” شارحين خلفيات قرارهم، والحديث تحديداً عن دفعة عام 1995 من المراقبين، الذين اتهموا بعرقلة تدريب الدفعة التي تم تعيينها عام 2010.
تقدر الحاجة وفق المرسوم التنظيمي للطيران المدني بـ 105 مراقبين جويين في مطار رفيق الحريري الدولي، ولكن المراقبين في الملاك اليوم لا يتجاوزون الـ 30 بين مراقب ومعاون، بالاضافة إلى مراقبين متقاعدين، تم التعاقد معهم مجدداً ضمن اتفاقية بين المديرية العامة للطيران المدني والمنظمة الدولية للطيران المدني، وتنقل وسائل الاعلام أن هؤلاء يرفضون تدريب 17 مراقباً جوياً من الفئة الرابعة الذين تم تعيينهم عام 2010 كمعاون مراقب، إلا أنهم ينفون هذا الأمر ويضعون اللوم على الدولة، مشيرين الى أنهم لطالما رفعوا الصوت، وهي ليست المرة الأولى التي يتحركون فيها، وكانوا في كل مرة يضحون لأجل المطار وسلامة الملاحة ولكن “طفح الكيل”.
بالاضافة إلى دفعة عام 2010 هناك 88 ناجحاً في الخدمة المدنية عام 2018 تقدموا لوظيفة مراقب جوي، إلا أن الرئيس السابق ميشال عون رفض توقيع تثبيتهم بسبب “اختلال التوزيع الطائفي” كما برر آنذاك، إلا أن الأرقام النسبية تؤكد أن ليس هناك من لغط أو مؤامرة في هذا الشأن فقد تقدم للوظيفة 1800 مسلم، نجح منهم 81، بينما تقدم 130 مسيحياً، نجح منهم 7، وبالتالي المشكلة ليست مجلس الخدمة المدنية، بل ان المسيحيين لا يحبذون التقدم لوظائف الدولة فئة رابعة، علماً أن هذه الفئة ليست مشمولة بالمناصفة، إلا أن عون وتياره لطالما استخدما هذا الأمر في شتى القطاعات وعرقلا توظيف المئات من الناجحين في مجلس الخدمة المدنية تحت عنوان طائفي، واليوم يحصد لبنان أفعالهما، حتى أصبحت الملاحة الجوية في خطر.
عام 2006، عندما احتج عدد من المراقبين الجويين وعطلوا الملاحة في حينه استعانت مديرية الطيران المدني بمراقبين جويين من الجيش اللبناني، ولكن هذا قبل الأزمة الاقتصادية والنقدية الخانقة، التي يعاني منها البلد اليوم، والجيش بالكاد يكفي حاجات عناصره، ومع ارتفاع منسوب الهزات الأمنية المتنقلة، هل يمكن للجيش فعلاً أن يعير المطار عناصر من عنده لتغطية النقص في المراقبين الجويين؟
الحد من الطيران الليلي، هو أمر مطبق في العديد من المطارات حول العالم، إلا أن أسبابه متعلقة براحة المواطنين في المدن، بسبب الضجة التي تحدثها الطائرات، فتقوم الدولة أو الولاية التي فيها المطار بوقف الطيران الليلي، إذا كان المطار أو مجرى هبوط الطيران في منطقة سكنية، إلا أن هذا الأمر لم يدرس يوماً في لبنان على الرغم من أن السكان القريبين من المطار لطالما استيقظوا على صوت الطائرات، لكنه أصبح أمراً واقعاً بسبب العقلية الفاسدة التي أدارت البلد، بحيث تعتمد على مراقبين جويين جميعهم من فئة الكهلة، ويعملون بدوامات مضاعفة، ولم يعد بإمكانهم العمل في هذه الظروف، ويحتاج الأمر إلى تدبير سريع من أركان الدولة، حتى لا يأتي يوم ويُضرب المنفذ الجوي الوحيد للبنان.
محمد شمس الدين- لبنان الكبير