الشيعيّة السياسيّة” تعاني من غياب “الحريري”… وتخاف من مواجهة مسيحية – شيعية!
عندما قرر رئيس تيار المستقبل سعد الحريري إطفاء محركات تياره السياسي والابتعاد عن الساحة اللبنانية، كان رئيس المجلس النيابي نبيه بري أول المطالبين بتراجع الرجل عن قراره رغم علم بري بالأسباب الحقيقية الكامنة وراء القرار، فرئيس المجلس يعلم أن الطائفة السنية ليست جاهزة لرحيل “المستقبل”، وما أثبتته الأيام الماضية هو عدم قدرة الطائفة على استعادة توازنها السياسي، بسبب شرذمة القيادات وتواضعهم.
منذ فترة التقى أحد مسؤولي حزب الله بأحد مسؤولي تيار المستقبل على هامش مؤتمر في أحد فنادق بيروت، فتبادل الرجلان الحديث السياسي الذي كان فحواه “ضرورة عودة الحريري الى الحياة السياسية”، وحاجة حزب الله لتيار المستقبل ووجوده في المشهد اللبناني، وهذه ليست حاجة حزب الله وحسب بل حاجة الشيعة بشكل عام، لأن غياب السنة عن المشهد جعل المواجهة مسيحية – شيعية.
بعد غياب الحريري كان بري يخشى هذه المواجهة، وكان يتحدث بخصوص قلقه هذا أمام بعض من يلتقيهم، فالرجل الخبير بالساحة اللبنانية يعلم أن غياب السنة سيعني وضوح الصراع الشيعي المسيحي، وهو ما تمظهر أكثر في الأسابيع الماضية وصولاً الى “نميمة” بعض النواب والشخصيات في واشنطن بخصوص ضرورة معاقبة رئيس المجلس النيابي أميركياً، كونه الوجه الآخر لحزب الله، وبيان المعارضة الشهير الذي رفض مبدأ الحوار مع حزب الله، مصوباً باتجاه ما يسميه “الاحتلال الإيراني”، وسلاح المقاومة.
لم يكن تجمع المعارضين هؤلاء وطنياً، فالتدقيق في أسمائهم يُظهر أنهم عبارة عن تجمع “مسيحي” يريد اعلان المواجهة مع المكون الشيعي السياسي، فمن بين النواب لا وجود لطوائف أخرى، فالسنة يقفون اليوم على مقاعد المتفرجين بانتظار وضوح الرؤية الخارجية قبل كل شيء، خاصة بعد أن قررت المملكة العربية السعودية الانكفاء بعض الشيء عن تفاصيل الساحة الداخلية، والدروز يمرون في مرحلة انتقالية على مستوى الزعامة، وهم يفضلون البقاء خارج الصراع، مع تكرار الدعوة الى ضرورة الحوار، وآخرها ما قاله وليد جنبلاط عن ضرورة الحوار مع السيد حسن نصرالله لإنتاج رئيس للجمهورية، على اعتبار أن هذا الحل هو الحل الوحيد لأزمة الفراغ.
بعد أن نجح البعض في توجيه الصراع السياسي الى طائفي، كان لا بد لحزب الله من العودة الى الساحة المسيحية من باب التيار الوطني الحر، ومن هنا يُفهم سبب تمسك الحزب بهذا الحوار، إذ ان أخطر وجوه الصراع مع حزب الله هو الصراع الطائفي، وهو ما كان الحريري سداً منيعاً بوجهه عندما كانت الفتنة السنية الشيعية تغزو المنطقة، وبالتالي أحد أهم عناصر قوة المقاومة هو الاستقرار الداخلي.
انطلاقاً من هنا تكمن أهمية الحوار بين حزب الله والتيار، لكن على قاعدة عدم الابتزاز، بحسب مصادر مطلعة على الحوار بين الجانبين، والتي تشير الى أن العلاقة وصلت الى أسوأ حالاتها عندما دخل الابتزاز على الخط أما اليوم فالحوار يجري بصورة ايجابية، ونيات حسنة ودون أي شروط مسبقة، سواء تلك المتعلقة بأسماء المرشحين أو التي لها علاقة بملفات أخرى يجري البحث فيها.
يعلم المكون الشيعي أن حادثة الكحالة هي جزء من تداعيات الصراع المسيحي الشيعي الذي أشعله البعض، وبالتالي فمن الممكن أن تكون النتائج دموية، وهنا سيكون الجميع خاسراً، خاصة القوي، لذلك فإن العمل سيكون بالمرحلة المقبلة على اعادة توجيه الصراع السياسي، وسيكون للسنّة الدورالأساسي هنا.
محمد علوش- الديار