الانقضاض على سلامة: “فضح” الأساليب التي اعتمدها لتهريب الأموال!
التطورات القضائية الأخيرة داخل قصر عدل بيروت، توحي بأن القضاء اللبناني بات مستعداً لمعاقبة حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة. مؤخرًا، بدأ التحقيق في ملف سلامة المالي من باب آخر، ومهمة القضاء اللبناني اليوم ستكون بالتدقيق في حركة أموال سلامة الموجود في المصارف اللبنانية، وحينها قد يتجه إلى الادعاء عليه بجرم “تبييض الأموال”، على أن يُضاف هذا الجرم إلى سجلّه المليء بقضايا الفساد المالي والاختلاس والتزوير.
في الرابع عشر من آب الجاري، جمّدت هيئة التحقيق الخاصة (بمصرف لبنان) الحسابات المصرفية العائدة لكل من رياض سلامة، ونجله ندي سلامة، شقيقه رجا سلامة، المساعدة المصرفية ماريان الحويك، وصديقته الأوكرانية آنا كازاكوفا. علمًا أن هيئة القضايا في وزارة العدل قد حاولت مرارًا تجميد حسابات سلامة المصرفية في الفترة السابقة، إلا أنها لم تتمكن من ذلك لأن سلامة كان رئيسًا لهيئة التحقيق الخاصة.
تحقيق آخر
على أي حال، انتهت ولاية سلامة، وجمّدت حساباته المصرفية بعدما فُرضت عليه العقوبات الأميركية، وجُرّد من الحصانة الذهبية. وفي الفترة المقبلة، الكلمة الأخيرة ستكون للقضاء اللبناني حيال هذا الأمر، فبعد تجميد الحسابات المصرفية من قبل القائم بأعمال الحاكم بالإنابة، وسيم منصوري، تحولّ الملف إلى المحامي العام التمييزي، القاضي صبوح سليمان، وهو المخول الأساسي في التحقيق في حركة أموال سلامة وأعوانه الموجودة في المصارف اللبنانية.
إذن، المرحلة المقبلة ستكون على الشكل التالي، سيبدأ التحقيق والتدقيق في حسابات سلامة والأسماء المذكورة أعلاه، حيث سيطلب القضاء اللبناني كافة التبريرات القانونية لمعرفة مصدر الأموال الموجودة داخل الحسابات المصرفية، وطرق تحويلها للخارج أو لمصارف داخلية، وذلك بغية التأكد من شرعية الأموال أم لا.
تحليل حركة الأموال سيطال الإيداعات النقدية (الكاش)، والتحاويل، والشيكات، وهنا يفترض أن تقدم التبريرات للقاضي صبوح حول جميع المبالغ الموجودة في هذه الحسابات المصرفية. وهو الأمر المستبعد.
واجبات هيئة التحقيق الخاصة
بما معناه، أن هيئة التحقيق الخاصة يتوجب عليها تجميع هذه المعلومات وطلبها من المصارف، بعد رفع السرية المصرفية عن هذه الأسماء، وبعدها، تُحلل حركة هذه الأموال وتُسلّم كافة تفاصيلها للقاضي سليمان.
وهنا، قد يلجأ سليمان لتغذية تحقيقاته ودعمها عبر استدعاء سلامة والأسماء المذكورة إلى جلسات استجواب، ليقدموا “التبريرات المقنعة” حول الأموال الموجودة في حساباتهم المصرفية، ومصدرها، وإن توفرت المعلومات اللازمة، وتبين بأن التبريرات ليست مقنعة، سيتجه القاضي سليمان إلى الادعاء عليهم بجرم تبييض الأموال أمام النيابة العامة الاستئنافية، على أن تعين الأخيرة قاضي تحقيق أول لمتابعة هذا الملف، حيث من المرجح أن يصل هذا الملف إلى قاضي التحقيق الأول، شربل أبو سمرا.
وهنا يجب أن نلفت إلى أن بعض “المشتبه بهم” يقيمون خارج الأراضي اللبنانية، لذلك من المفترض أن يخاطب القضاء اللبناني إنتربول باريس، لأن ندي سلامة وآنا كازاكوفا يتواجدان في باريس، وتعاون الإنتربول مع القضاء اللبناني سيحصل شريطة توفر معطيات واضحة حول عنوان سكن المشتبه بهما في باريس.
في المقلب الآخر، في حال تعذر تبليغهما عبر الإنتربول، سترسل استنابة قضائية لطلب المساعدة القضائية من فرنسا. أهم ما في هذا الأمر، أنه في حال تمنع سلامة عن حضور جلسات الاستجواب، وهو الأمر المتوقع طبعًا، وتعذّر تبليغ المشبه بهم بسبب تواجدهم خارج الأراضي اللبنانية أو لأسباب أخرى، حينها قد ينهي القضاء اللبناني تحقيقاته بناءً على المعطيات الموجودة والمتوفرة بين يديه، فيصدر قراره مرفقًا ببلاغات بحث وتحر بحق سلامة وأعوانه، على أن يكون المسار المقبل هو الادعاء عليهم بجرم تبييض الأموال، في حال توافرت كل المعطيات التي يريدها.
مسار طويل
المعلوم أن مسار التحقيق سيكون طويلًا ومعقدًا، خصوصًا أن القاضي سليمان سيكون بحاجة إلى كافة المعلومات من المصارف ومن هيئة التحقيق الخاصة. يعني هذا، أن المصارف مجبرة على إظهار تعاونها مع القضاء اللبناني، ومفروض على هيئة التحقيق الخاصة إرسال كافة المعلومات والمستندات والوثائق المطلوبة تسهيلًا لانطلاق هذا التحقيق.
وحسب معلومات “المدن” فإن هيئة التحقيق الخاصة لم ترسل بعد المعلومات المطلوبة منها، إذ كان من المفترض أن تُحلل هيئة التحقيق الخاصة حركة الأموال وتجهز تقريرًا مفصلًا للقاضي سليمان. إلا أن هذا الامر لم يتم بعد.
إذن، سنكون أمام مرحلة جديدة من التحقيقات في ملف سلامة. والأمر حاليًا يعتمد على التقرير المفصل الذي سيرسل من هيئة التحقيق الخاصة لبدء التحقيق.
في الخلاصة، هذا المعلومات ستساعد في “فضح” الأساليب التي اعتمدها سلامة ورفاقه لتهريب أموالهم بين المصارف، وسبل تحويلها إلى خارج الأراضي اللبنانية. هذه التفاصيل ستعتبر كأدلة إضافية يمكن الاستعانة بها ودمجها في ملف التحقيق الأساسي، فمبررات سلامة لأمواله لم تكن يومًا منطقية.
فرح منصور- المدن