أمر اليوم للمستقبل: رصّ الصفوف وإسقاط السنيورة!
مع اقتراب موعد إقفال باب الترشيح لانتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى نهاية الأسبوع المقبل، ترتفع حماوة المُنافسة على خط تيار المستقبل – الرئيس فؤاد السنيورة، مع ترجيح رصّ الحريريين لصفوفهم وتحالفهم مع مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان لقطع الطريق على تشكيل الرئيس السابق لكتلة المستقبل النيابية لائحة مكتملة. فيما يُتوقّع أن تكون المعركة أكثر حدّة على خط القضاة الشرعيين، كونها تمهيداً لمعركة مفتي الجمهورية المقبل..
بدأت انتخابات المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى التي دعا إليها مفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان مطلع تشرين الأوّل المقبل، تزداد حماوةً. يخوض تيّار المستقبل معركةً يُعدّها أساسيّة في بيروت، خصوصاً أنّ المجلس المُنتخب سيُكون من ضمن الهيئة الناخبة لانتخاب مفتٍ جديد للجمهورية مطلع عام 2025. الثأر من الرئيس فؤاد السنيورة وخروجه من المعركة خالي الوفاض، جعلا توحيد جناحَي «التيّار الأزرق» واجباً، وإن كان البعض يتحدّث عن تداخلٍ في الصلاحيات الموزّعة من الإمارات بين الأمين العام أحمد الحريري ورئيس جمعيّة بيروت للتنمية الاجتماعيّة أحمد هاشميّة. لكنّ التداخل بين «الأحمدين» لا يُفسد في الود القضيّة، إذ إنّ الهدف واحد: إلحاق هزيمة ماحقة بالسنيورة، والعمل على ألّا تقوم له قائمة في بيروت عبر قطع الطريق على تشكيله لائحة مكتملة. يساعدهم في ذلك أنّ صيت الرجل صار «محروقاً» إثر الخسارة التي مُني بها في الانتخابات النيابيّة الأخيرة، فضلاً عن قلّة شعبيّته، ما قد لا يجعله قادراً على تشكيل لائحة. إلا أنّ نية «المستقبليين» تشكيل لائحة غير مكتملة (7 مرشحين من 8 على الأرجح) قد تدفعه إلى دعم مرشحين مستقلين، من بينهم امرأة، علماً أنه لم يسبق أن ترشّحت سيدة إلى المجلس، إذ رغم أن القوانين تجيز للنساء الترشح والفوز بعضويّة المجلس، إلا أن الفكرة تلقى رفضاً من المشايخ.
واللافت أنه بعد خروج الرئيس سعد الحريري من الحياة السياسيّة بات تيّاره أكثر حرفية في التعامل مع الملفّات عبر اللعب من تحت الطاولة، و«اصطفاء» التحالفات بدقّة. ويفضّل التيار عدم خوْض المعركة بأسماء «مفضوحة» محسوبة عليه، بل بمجموعة من النخب البيروتيّة ذات كفاءات علميّة وعلاقات متشعّبة في صفوف الهيئة الناخبة التي تضم 137 ناخباً في العاصمة (64 شرعياً و74 مدنياً). كما يعمل الحريريون على إرساء تحالف غير معلن مع مفتي الجمهوريّة. فرغم تأكيد دريان أنّه لن يتدخّل في المعركة، ينقل مقرّبون من الحريري أنّ «المفتي معنا» ضد السنيورة. علماً أن متابعين يُشكّكون في الأمر باعتبار أنّ دريان الذي يحترف اللعب على الحافة لن يجاهر بخصومته لأحد، إذ يطمح أن يكون الرابح الأكبر في هذه الانتخابات وتمهيد الطريق أمام رئيس المحاكم السنيّة الشرعيّة الشيخ محمّد عسّاف الذي يطمح لخلافته بعد إحالته على التقاعد مطلع عام 2025.
كباش الأحمدية – عسّاف
وهنا، تتعارض أجندة مفتي الجمهوريّة مع أجندة «المستقبليين»، تحديداً هاشميّة، على خلفية الدعوى التي رفعها ناشطون يدعمهم الأخير ضد مجلس أُمناء وقف «البر والإحسان»، إذ دفع عسّاف إلى إصدار قرارٍ اعتُبر سابقة قانونية لمصلحة «البر والإحسان». تسريب خبر من المحكمة الشرعية أخيراً عن استقبال عساف أعضاء مجلس الأمناء برئاسة النائب السابق عمّار حوري، اشتمّ منه «المستقبليون» تنسيقاً بين الطرفين لخوض انتخابات «الشرعي» معاً، علماً أن مصادر أوضحت أن الزيارة كانت لشكر المجلس عساف على موقفه في قضية «البر والإحسان». وفي الحالتين، «حرقت» الزيارة عسّاف أكثر لدى «المستقبليين» ووضعته على رأس «القائمة السوداء».
حسابات «المستقبل» ودريان تفترق حول معركة الإفتاء
الكباش المكتوم بين عسّاف وهاشميّة احتدم بعد ما تردّد عن تشجيع رئيس المحاكم السنيّة قاضي الشرع المحسوب عليه الشيخ وسيم فلاح على الترشّح للمجلس، وهو من الأسماء المستفزّة للمستقبل بسبب دوره في قضية «البر والإحسان». علماً أن العرف يقضي بأن يترشّح قاضٍ شرعي واحد، ولم يشذّ عن هذه القاعدة إلا عساف نفسه قبل نحو 10 سنوات عندما ترشّح في وجه القاضي الشيخ أحمد الكُردي. لذلك، يخشى الحريريون من «فخ» يُنصب لهم، مع استبعاد أن يدفع عسّاف أحداً للترشح من دون مُشاورة دريان.
التشطيب سيّد الموقف
وعليه، يعتقد كثيرون أن التحالف بين دريان و«المستقبل» لن يُثمر لائحة بـ«نوايا واحدة»، بل يُشيرون إلى نوايا مبيّتة بالتشطيب الذي سيكون «سيّد الموقف» في حال دعم المفتي خيارات عسّاف، وإن كان آخرون يلفتون إلى أنّ الأخير «سيضبط» رغبات رئيس المحاكم ولا مطالب له سوى اسمين: عضوا «الشرعي» الحاليان عبدالله شاهين ومحمّد دندن؛ الأوّل لا جدال حوله بسبب حُسن سيرته، رغم خوضه معركة رئاسة اتحاد «جمعيات العائلات البيروتيّة» في وجه لائحة المستقبل، فيما الثاني لم «يبلعه» المستقبل بسبب قربه من السنيورة وهجومه على الحريري في مجالسه المغلقة. كما تلفت المصادر إلى إلى أنّ مفتي الجمهوريّة لن يقبل بأن يكون المفتش الديني لـ«جمعية المقاصد الإسلامية» الشيخ فؤاد زراد من بين الأسماء التي يُريد «المستقبل» أن يضمّها إلى لائحته، إذ إن لدريان «ثأراً» قديماً على زراد الذي تمكّن وحيداً عام 2019 من خرق لائحة دريان – المستقبل في سابقة في انتخابات «المجلس الشرعي».
الشمال «أمّ المعارك»
أما في المناطق، فيبدو أن الترشيحات ستكون شبه محسومة باستثناء صيدا حيث يتردّد أنّ النائبة السابقة بهيّة الحريري قد لا تتحالف مع الجماعة الإسلامية بسبب المواقف الأخيرة للنائب عماد الحوت. فيما ستكون أمّ المعارك في الشمال، بسبب الحساسيات المناطقية بين طرابلس والمنية – الضنية، إضافة إلى الخلافات الناشبة بين كلّ القوى السياسية، ويُتوقع أن يعمد من هُزموا في معركة إفتاء الشمال في وجه الشيخ محمد إمام إلى «طحن» ماكينته الانتخابيّة رغم أن الأخير يؤكّد أنه لن يتدخّل في الانتخابات.
وفي إقليم الخروب، من المنتظر أن يكون الشيخ رئيف عبدالله على رأس المرشحين الأوفر حظاً للعضوية إلى جانب قاضي التحقيق المدني في بعلبك حمزة شرف الدين.
مرشحون للإفتاء يخطبون ودّ الرياض
قالت مصادر إنّ المستشار في المحكمة السنية الشرعية العليا القاضي عبد الرحمن الحلو طلب، عبر أحد النواب السُّنّة، موعداً للقاء السفير السعودي في بيروت وليد البخاري لإقناع المسؤولين في المملكة بدعم ترشيحه إلى منصب مفتي الجمهوريّة خلفاً للمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان الذي يُحال على التقاعد بعد أقل من سنة ونصف سنة. ويُنقل عن الحلو قوله أمام المقرّبين إنه «الأجدر» بتولي الإفتاء من المرشّح الأوفر حظاً رئيس المحاكم الشرعية السنية الشيخ محمد عساف.
لبنا فخر الدين- الاخبار