القوات تحرّض: لماذا أخفت العائلة شكوكها لتمرير الدفن ثم طلبت نبش الجثة؟!
أنهت بلدة عين إبل التهدئة التي التزمت بها منذ مقتل إلياس الحصروني في ظروف غامضة في الثاني من آب الجاري، وطالبت عائلة الحصروني وفعّاليات البلدة، في احتجاج نُظّم أمس، قوات «اليونيفل» بتوفير حماية دولية لهم وشملهم بالبند الرقم 12 من القرار الدولي 1701 الذي ينصّ على أن لـ«اليونيفل» صلاحية «حماية موظفيها ومرافقها… والمدنيين المعرّضين لتهديد وشيك بالعنف البدني من دون المساس بمسؤولية حكومة لبنان». العشرات الذين نظّموا الاحتجاج قفزوا فوق تأكيدات وزير الداخلية بسام مولوي قبل أيام بأن «لا دوافع حزبية للحادثة»، وانقادوا لتحريض رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي اتّهم منذ البداية حزب الله بارتكاب الجريمة، وأبلغ السفيرة الأميركية دوروثي شيا بأن «كل الدلائل تشير إلى تورط الحزب باغتيال الحصروني» بحسب مسؤول العلاقات الخارجية ريشار قيومجيان.
تحدّثت في التظاهرة ماريان، ابنة الحصروني، عن والدها «الذي دافع عن المنطقة في الحرب وبنى العلاقات مع الجوار في السلم وناضل حتى استشهد من أجل لبنان ليبقى سيداً حراً مستقلاً»، وحذّرت من «التضليل والتلاعب بمجريات القضية». فيما برّر رئيس البلدية عماد للوس لـ«الأخبار» التصعيد الذي حصل، بعد أسبوعين من ضبط النفس، إلى «أننا نرفض إقناعنا بأنّ ما حصل حادث سير. الحنتوش خطف واغتيل عن سابق تصور وتصميم، ولم يتصل أحد بنا لإطلاعنا على مجريات التحقيق».
يأتي التصعيد بعد إرباك في أداء العائلة والمقرّبين لدى اكتشاف مقتل الحنتوش بجانب سيارته في وادٍ بين عين إبل وحانين، ما أثار تساؤلات عدة حول دقة المقاطع المصوّرة لعملية الخطف المفترضة والأدلة الجنائية التي جُمعت من موقع الحادثة وصولاً إلى تقريرَي الطبيبين الشرعيين اللذين كشفا على الجثة. وكان للوس أكّد أنه «كانت لدينا شكوك منذ اللحظة الأولى». رغم ذلك، فإن «الريس» يؤكد أنه حصل على المقطع المصوّر الذي يصوّر عملية الخطف في 4 آب، إلا أنه قرّر التزام الصمت «لكي تمر مراسم الجنازة في اليوم التالي من دون شوشرة». وبناءً على نصيحة رئيس البلدية، قدّم نجل الضحية، في 6 آب، اليوم التالي للدفن شكوى أمام فصيلة بنت جبيل ضد مجهول بخطف واغتيال والده، ما أدى إلى صدور قرار قضائي باستخراج الجثة لإعادة تشريحها، ما يثير أسئلة عن سبب عدم الإقدام على ذلك قبل الدفن ما دام أن «الشوشرة» ستحصل على أي حال. أضف إلى ذلك، أن هناك روايات أمنية عن عبث في مسرح الحادثة، إذ إن «وضعية السيارة عند اكتشاف الجثة ليلاً لم تكن نفسها صباحاً لدى حضور الأدلة الجنائية، فيما انفجرت الوسادتان الهوائيتان قبالة مقعد السائق والمقعد المجاور له، ولم تلحظ أي بقع دماء داخل السيارة».
لماذا أخفت العائلة شكوكها لتمرير الدفن ثم طلبت نبش الجثة؟
وقد وُجهت اتهامات إلى الطبيب الشرعي علي ديب بتحرير محضر مضلّل يربط سبب الوفاة بحادث سيارة، بعدما جاء في تقريره أن الجثة «تعرّضت لكسور في الأضلع، ما أنتج تمزّقاً في الرئة تسبّب بالوفاة اختناقاً، ولم تظهر عليها آثار عنف وكدمات». وبرغم أن العائلة أخفت شكوكها الجرمية إلى ما بعد الدفن، فإنها طالبت بإعادة إخراج الجثة والكشف عليها من قبل الطبيب وحيد صليبا الذي طلبته بالاسم. وبحسب مصادر قضائية، فإن صليبا الذي كشف على الجثة في مستشفى صيدا الحكومي تبنّى نتائج «السكانر» التي اعتمد عليها ديب حول تكسّر الأضلاع، لكنه تمايز بأخذ عينات من الكبد والأمعاء والطحال للتأكد من احتمال تعرّض الحنتوش للتسميم. وبحسب المصادر، فإن نتيجة فحص السموم جاءت سلبية.
وتستبعد مصادر مطّلعة ربط مقتل الحنتوش بدوره في جيش العميل أنطوان لحد، مشيرة إلى أن «غالبية بلدات المنطقة كعيترون وبليدا والناقورة وغيرها تضمّ عملاء أدّوا أدواراً قذرة في فترة الاحتلال الإسرائيلي على غرار الحنتوش، فلماذا الانتقام منه بعد 23 سنة وليس من سواه؟»، محذّرة من تداعيات تحريض القوات اللبنانية وتعكيرها هدوء المنطقة الحدودية كما فعلت قبل أشهر بالتحريض على المقاومة على خلفية قطع أشجار في خراج بلدة رميش.
آمال خليل- الاخبار